روما ـ مالك مهنا
عاشت الكونتس "لقب زوجة الكونت" الإيطالية مارينا كيكوغنا Marina Cicogna" حياتها بشروطها الخاصة، تُصوِّر رفقاء طيارتها الخاصة، تفوز بأعلى جوائز الشرف في "مهرجان فينيسيا للأفلام"، وتقيم الحفلات التي لا يزال الحديث عنها دائرًا حتى الآن بعد عقود.
وحينما فتحت مارينا الباب الخاص بشقتها الجديدة بالقرب من فيا فينيتو في روما لم تكن تبتسم، وفي وقت من الاوقات
كانت مارينا، وهي مصورة فوتغرافية واول سيدة إيطالية منتجة للأفلام وهي أيضًا حفيدة الكونت غوزيبي فولبي، الذي كان أغنى رجل في إيطاليا، لديها ملابس الشتاء الخاصة بها في منزلها في مادونا، وهي مدينة صغيرة في الشمال، ولكن يقوم أحد الأصدقاء بنقل ملابسها إلى روما في وقت لاحق اليوم.
وأعلنت مارينا "قررت منذ سنوات عدة انني لا اريد العيش في روما اكثر من ذلك، واريد ان اعيش في بلدة صغيرة حيث يمكنني الالتفاف حولها بالدراجة او سيرا على الاقدام. انها تبعد حوالي ساعة ونصف من فينيسيا او ميلان لذلك يمكنك تناول العشاء في المدينة، والاستمتاع بالتزلج ساعتين بعيدًا عن كورتينا". وأوضحت "المدن الصغيرة في إيطاليا توفر لك حياة رائعة، ولكنّ هناك شيئًا عن روما يجعلني دائمًا أعود اليها".
ولا تزال مارينا، 79 عامًا، التي أنتجت الكثير من الافلام في اواخر الستينات واوائل السبعينات، تتمكن من ابقاء ظهرها مستقيمًا اكثر من اي عارضة ازياء تسير على منصة عرض الازياء، وتتنقل بكياسة وجمال وهي ترتدي قميص "برونلو كوسينيلي Brunello Cucinelli" الابيض، وسروال "ماكس مارا" الاسود، وحذاء تودز الرياضي الرائع، ويبلغ طولها 5 قدم و5 بوصة، مع عينيها الخضراء الثاقبة، وتموج شعرها الاشقر مثل الاميرة ديانا.
وفي العام 1967، كان لها ثلاثة افلام في مهرجان فينيسيا السينمائي، بما في ذلك فيلم "بيلي دي جور Belle de Jour"، الذي فاز بجائزة "ليون داورو Leone d’Oro، وهي اعلى جائزة، وكانت تقول ان هذا الحفل هو اجمل حفل في حياتها.
وكونها واحدة من أكثر النساء نفوذا في السينما الأوروبية، كانت مارينا شخصية فريدة من نوعها في صناعة السينما، وجذبت المزيد من الاهتمام اكثر من المعتاد. وكان الكونت فولبي، جدها لأمها، واحدًا من أهم الشخصيات التي ساهمت في تأسيس إيطاليا الحديثة: حاكم المستعمرة الايطالية في ليبيا في العشرينات، وكان أيضًا وزير المالية، أنشأ ميناء مارغيرا والمرافق المتقدمة وأسس مهرجان فينيسيا السينمائي.
وكان والدها، وهو مصرفي ينحدر من اسرة هادئة ومعروفة في ميلانو، لها سجايا صعبة، وكانت والدتها واحدة من أكثر النساء أناقة في العالم.
ونشرت مارينا أخيرًا كتابي تصوير، احدهما عن شبابها والآخر عن منزل أسرتها في طرابلس، كان قصرًا يعود إلى القرن 18، وتؤكِّد "أفكر في اصدار كتاب آخر ، ولكن لا أستطيع أن اقدم كتابًا عن الماضي بعد الآن".
وتشير مارينا إلى أنه "في اواخر الستينات، شقيقها بينو، وشريكها في شركة الانتاج السينمائي ، اصيب بالجنون، وفقدت العائلة طنًا من المال، وفي نهاية المطاف انتحر".
وأوضحت "كانت والدتي غير عملية للغاية، كانت من جيل لا تعرف السيدات اي فكرة عن كيف ادارة الاشياء".
ولا تزال شقة مارينا على الرغم من انها قد تكون صغيرة، الا انها ذات اطلالة على الصنوبر الروماني لحدائق بورغيزي، ومصممة بشكل مثالي كصندوق مجوهرات. وبالطبع هناك خادمة ، لتعليق الملابس حتى ولو كانت مارينا ليس لديها خادم متوفر لاسترداد الشماعات ويجب ان تحضرها بنفسها.
وتعلن، وهي ترتدي جاكت مصممًا بدبابيس صغيرة ذهبية ولؤلؤية، وهو هدية من رئيس ايطاليا، "الطريقة التي اعيش بها، يجب أن اكون قادرة على حمل الأمتعة بنفسي، وكل شيء".
وفي الخارج، وفي وضوح النهار تحت الشمس الرومانية، تمشي مارينا في فيا دي بورتا بينسيانا Via di Porta Pinciana، وهي تستعيد طفولتها. وُلِدت العام 1934 في غرفة في بالازو فولبي في فيا ديل كويرينال في روما، ولكنها انتقلت لتعيش في ميلان وفينيسيا اشهر الصيف، وكورتينا في الشتاء، وكانت تحب دائما الافلام، وكانت تجبر مربياتها على اصطحابها لمشاهدة الافلام في الصباح، ولا يعودان الى المنزل حتى المساء.
وفي مهرجان فينيسيا السينمائي ، استضافت اطفال هوليوود ، مثل ديفيد او ، ابناء سلزنيك، وتؤكِّد "اراد ديفيد حقا ابنة ، اعتقد ، وبعد اربعة او خمسة ايام سألني اذا كان يمكن ان اكون له كذلك، وهو ما كانت تعتقده والدتي جيدًا ومرحًا".
والتحقت بجامعة في سارة لورانس، حيث كانت صديقة بربارة وارنر ابنة جاك وارنر، وكان يتم دعوتها للعودة معها الى كاليفورنيا اثناء اجازة المدرسة، وأعلنت "لم اكن اعود ابدا ، لقد مكثت ثلاثة اشهر في كاليفورنيا، التقيت ممثلين.
واستضافت مارينا مجموعة من اصدقاء هوليوود في طرابلس ، حيث اصبحت صديقة ايضا لابناء الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، وفي ما بعد ساعدتهم في اقامة حفل في فينيسيا، والتي تقول عنها انها كانت "مروعة". وأوضحت "لم ارَ اشخاصًا يسرفون في الانفاق بهذه الطريقة المخيفة" ،وكانت جين مورو من اصدقاء الشباب ايضا التي كانت تواعد بيير كاردان.
والتحقت بمدرسة تصوير فوتوغرافي في اميركا، وبدأت التقاط الصور لرفاقها على الطائرة في اللحظات الحميمية الهادئة بما في ذلك مارلين مونرو، وتؤكد "كانت مهتمة بلقاء الايطاليين في ذلك الوقت، لانها كانت متزوجة من جو ديماجيو".
والتقطت الصور لجياني وسوني انييلي وهما يستمتعان بنزهة ؛ الشاب بيير باولو بازوليني وبرناردو برتولوتشي يرتديان الأحذية المتربة؛ ازرا باوند أمام الكاتدرائية سبوليتو؛ وفالنتينو، الذي التقته في افتتاح أول معرض له في فيا كوندوتي في روما. وتعلن "لقد كنت صديقة عدد كبير من مصممي الازياء في بداية حياتهم المهنية".
وفي العام 1966، قررت مارينا ، التي كانت تبلغ من العمر في ذلك الوقت 32 عاما، احتضان شغفها الاول، وشراء مجموعة من الافلام القليلة وتوزيعها ، بما في ذلك الفليم الالماني "هيلغا Helga" . وتوضح "كانت هذه اول مرة اشاهد فيها ولادة. جنت الصورة الكثير من المال ، ولا سيما للمنتجين. وأعلنت "ادركت ان المنتجين يحافظون على حقوق الاصول ، لذلك ادركت اننا نحتاج الى الانتاج لانفسنا"، "سمعتي اصبحت كبيرة بعد ذلك، اتذكر حينما جاء وارين بيتي الى روما للدعاية لـ "بوني و كلايد"، ولم اكن اعرفه ولكنه قال لي "أسمع انك عبقرية كما انك صغيرة ومظهرك جيد، يجب ان نلتقي".
وبدأت بسرعة علاقتها مع العارضة البرازيلية فلوريندا بولكان ، التي انتقلت الى ايطاليا. المخرج لتشينو فيسكونتي الذي كان يقنعها بالتمثيل . ودخلت مارينا في علاقة مع الجميلة بندتا ، وهي تصغرها بسنوات عدة، وتؤكّد "انها كانت تعاملها معاملة سيئة جدا في البداية، ولكن هي الان شريكة حياتها. "انها ايضًا ابنتها بالتبني بشكل قانوني لاسباب مالية". وتقول مارينا بفخر "بيني في الخمسينات من عمرها ، ولكنها تبدو في الاربعينات".
وعبرت بالقرب من "سابنيش ستيبس Spanish Steps" ،كانت تسير وسط مجموعة من السائحين الذي يغلقون الشارع . يقترب رجل منها ليقول انه يريد دعمها لحملته ضد المخدرات. لوحت له مارينا . تقول "لم يشير ضد المخدرات ، اذا كان الناس يريدون تناول المخدرات ، فسيتناولون المخدرات".
وتؤكِّد "قد أقضي الكثير من الوقت الان في روما ". هي الآن تجري محادثات لبدأ مؤسسة سينمائية . وتقول "الناس تحب قتل برلسكوني لروح البلد، روح البلد هي ثقافتها، وهذه الحكومة لا تقدم المال للثقافة. مستقبلنا في الاعتماد على الفن والثقافة والجمال والسياحة. هذا ما يجب ان نركز عليه بعقولنا وقلوبنا واموالنا."
وفي متجر "أرماني"، يسير الموظف خلف المتجر من اجل منح مارينا شمعاتها. تقول "انا احب ارماني ، لكن لدي موقف متمرد قليلا تجاه الماركات التجارية، اكثر الناس المبتذلة ترتديها الآن".
وألقت مارينا نظرة على بعض العطور والبدل الصوف السوداء. في ما بعد فكرت في خطط لعيد ميلادها الـ80 المقرر في أيار/ مايو. وتعلن "جميع اصدقائي ممن هم في عمري ذاته يبدون مسنين، وأنا لا أشعر انني كبيرة في العمر على الاطلاق . فهذا لا يتعلق بالشكل، انه يتعلق بكيفية التفكير ، وكيفية التصرف جسديا ، كيف تتحرك، كيف تمشي".
وعن عيد ميلادها توضح "اصدقائي يريدون ان اقيم حفلة ثلاثة ايام، ولكن انا لا اريد ذلك على الاطلاق. انا عنيدة بعض الشيء، ولكن في النهاية، من المحتمل ان استسلم".
أرسل تعليقك