ينشغل العديد من الناس بطرق تكوُّن الدماغ وتشكيلها، وكيفية عمله؟ وقد خصص بعض العلماء جهدهم في هذا المجال لمعرفة إمكانيات وقدرات الدماغ البشري، وذاكرته التي قدرت بأنها أقوى من ذاكرة الحاسب الآلي، لذا نشر الكاتب ورجل الأعمال البريطاني، إيد كوكي، مقاله في صحيفة "الغارديان" عن تعزيز ذاكرة الإنسان.
ويقول كوكي :"لقد واجهت تقنيات الذاكرة لأول مرة بعد ترك المدرسة الثانوية، إصابتي بالمرض، واضطررت إلى قضاء بضعة أشهر في المستشفى، كنت في حاجة إلى مشروع للهروب من الملل من الجناح، لم أتمكن من مقاومة الغوص في تقنيات الذاكرة عندما أحضر لي أحد الأصدقاء كتابا بعنوان "تعلم أن تتذكر" للمؤلف دومينيك أوبراين، بطل الذاكرة العالمي ثماني مرات، لقد طمأنني الكتاب لأتعلم".
وأضاف:"ولا زلت أتذكر البهجة حين أدركت مدى بساطة الأفكار الموجودة في داخل الكتاب وكيف أنها بديهية، فقد أوضح أوبراين أن تحسين ذاكرتك هو في المقام الأول تعزيز خيالك، فأنت تتذكر أفضل من خلال جعل الأشياء لا تنسى، ذاكرتك هي قدرتك على التعلم، أو بعبارة أخرى هي بحسب أوبراين، شخصية قابلة للتحسين وأكثر إثارة للاهتمام من التعليم أو المفاهيم التقليدية للذاكرة، مثل كونها أقرب إلى مستودع أو كمبيوتر، وهذا قد يقودك إلى أن تصدق".
وأوضح كوكي أنه في غضون أسابيع من بداية قراءة الكتاب، وصلت مهاراته إلى مستوى كاف لجذب حشد صغير من الممرضات إلى سريره من أجل تقديم عروض توضيحية حول مآثر الذاكرة الصغيرة، ربما مستوحاة من هذا الاهتمام. وقال: وفي الوقت الذي خرجت فيه من الجناح بعد بضعة أشهر، "كنت قد أصبحت متحمسا كبيرا للتذكر، استمررت في ممارسة التقنيات وتجربتها من خلال الدراسات التي تلت ذلك، وفي غضون عامين، قابلت وتنافست ضد الشخص الذي تسبب في إلهامي، أوبراين، في بطولة الذاكرة العالمية".
طريقة عمل تطبيق المعلومات
وأشار الى أنه "في نفس الوقت، لم يكن يستعمل هذه التقنيات لمجرد أن يقوم بتوصيل بيانات لا معنى لها من البيانات إلى دماغي، مثل الأرقام المؤلفة من 1000 رقم والمفضلة لدى بطولة الذاكرة، وكذلك الحال مع رفاقه، الذين تلقوا دروساً لتاريخهم ودراساتهم الكلاسيكية الخاصة بالذاكرة".
سأل كوكي بالقول:"لكن كيف تعمل هذه التقنيات؟ وقال:"من نواح عديدة، فهي عبارة عن مجموعة من القواعد الإبهامية البسيطة والبديهية جدا لجعل ما تحتاج إلى تعلمه أكثر ذكاء، وهذا يتكرر: الفكرة ليست في تحسين الذاكرة بمعنى القدرة الخالصة على التذكر، كما قد يحدث إذا كنا نزرع عصبونات جديدة عبر كل منطقة من الدماغ، فبدلا من ذلك، نتطلع إلى القيام بعملية التعلم بطريقة مبتكرة حين تقوم بكل شيء لجعل الأشياء التي يتم تعلمها أكثر ذكاء وضوحا إرضاء، لذا، فإننا نكسر ما يمكن تعلمه في العديد من الأجزاء الصغيرة التي يمكن التحكم فيها، حيث أن الأشياء الصغيرة تتناسب مع الدماغ بسهولة أكبر بكثير من تلك الكبيرة، ثم نربط المعرفة الجديدة بنشاط بما نعرفه بالفعل، حيث أن الذكريات عبارة عن وصلات ومعلومات جديدة تحتاج إلى العثور على مكانها في شبكة العقل".
وتابع رجل الأعمال البريطاني يقول:" نكرر ما تم تعلمه في كثير من الأحيان وبشكل لا يمكن التنبؤ به، لأختبار المعرفة بشكل تفاعلي لنمتلكها في متناولنا العقلي". وقال:"تشجعنا تقنيات الذاكرة على التفكير في التعلم والأرتباط بشكل أساسي بفضولنا واهتمامنا، بصفة شخصية، وبالتالي فإن عملية التعلم تغذى باستمرار العاطفة والإثارة حول ما يتم تعلمه، وهو جوهر كل شيء".
المعرفة مرتبطة بالتفكير
وأضاف:"كان من الواضح لي أن هذه المجموعة من طرق التعلم يجب أن تطبق على نطاق أوسع عبر السياقات التعليمية،. إنها ممتعة وناجحة ومن خلالها يمكن أن تتعلم بسرعة أكبر، كما لديك الكثير من التحكم والمشاركة الشخصية في كيفية قيامك بالتعلم. كنت أروج التقنيات في المدارس وأدير ورش عمل وأجري محادثات في أكثر من 200 مدرسة ثانوية في جميع أنحاء البلاد، ولا زلت أعود سنويا إلى مدرسة برايتون هيل في هامبشاير، حيث قاد مدير المدرسة، كريس إدواردز، نتائج مذهلة بسبب التقنيات، في مدرسة كانت تعاني في السابق".
وانتهى الى القول: "حتى قبل 10 سنوات، ظهرت الاعتراضات في كثير من الأحيان على أسلوب تقنيات الذاكرة، وعلى الرغم أن كل ما كنا نحتاجه حقا في هذا العالم هو "مهارات التفكير"، وبالتالي تخطي مرحلة استيعاب المعلومات بأكملها. إن هذه الصورة للتعلم جذابة للغاية إذا كنت تفكر في الدماغ كجهاز كمبيوتر، والذاكرة كقاعدة بيانات مجردة بمعزل عن الأشكال الأكثر إثارة للاهتمام للاعتراض مثل اللغة، ولكن العقل لا يفصل بين المعرفة والتفكير والإدراك والذاكرة، فكلها مختلطة."
ويرى:"لا يمكن التفكير بدون المعرفة، وليس من الممكن التحدث بدون مفردات، يمكننا استبدال القوة العقلية البشرية بالتكنولوجيا، كما هو الحال عندما نستخدم أداة الترجمة الآلية بيننا وبين المتحدث اليوناني، على سبيل المثال، حين نجتمع في رحلاتنا، ولكن هذا ببساطة يحول اللغة الإنجليزية إلى العالم اليوناني، فهو لا يسمح لنا برؤية وتجربة اللغة الإغريقية، والتي تطلب معرفتها مشاركة أدمغتنا".
طرق عديدة لتحسين الذاكرة
وأوضح أنه لتحسين الذاكرة، يوجد بعض الطرق والفنون، وهي فن الإستذكار، فمع فن الإستذكار، نستخدم خيالنا لبناء الجسور بين ما نعرفه وما لا نعرفه مع التلاعب بالألفاظ، لذا، لنفترض أننا نريد أن نتعلم الكلمة الفرنسية déguster، والتي تعني الذوق أو المذاق. يبدو Déguster قليلا مثل مثير للاشمئزاز بالإنجليزية، تخيل شخصا يتذوق شيئا مثيرا للاشمئزاز، مثل براز أحد الزملاء.طريقة التقطيع، حاول تقسيم الكلمات الطويلة المخيفة إلى أجزاء، ومن ثم حفظها جزء جزء، فهذا يسهل عمل المخ على الحفظ، وتذكر الكلمات الصعبة.الربط بين الأشياء، لنجمع هذه التقنيات ونحاول تذكر هذه المجموعة المكونة من 20 رقما: 26، 93، 27، 07، 22، 85، 18، 11، 36، 63.ابحث عن طريقة لرابط مع كل رقم، 26 قد يكون عمر لاعب كرة قدم تعرفه، 93 عمر جدتك، 27 سن الموسيقيين المشهورين، مثل إيمي واينهاوس، عندما ماتوا. ابحث عن صورة واحدة لكل شخص، ثم اربطها بسرد، ادفع نفسك للعثور على صورة والتكرار والممارسة"
أرسل تعليقك