احتل شعار "العودة إلى الجمال الفرعوني" اهتمامات الكثير من وسائل الإعلام وشركات إنتاج مستحضرات التجميل العالمية، خاصة مع ظهور مئات الشركات التي تروج لمنتجاتها بأنها تعتمد على المواد الطبيعية فقط، فبحسب خبراء في الآثار المصرية، سبق المصري القديم أبحاث التجميل والأدوية بآلاف السنوات، خاصة أن جامعة هاواي الأمريكية ووزارة الآثار المصرية يجريان الأبحاث في الوقت الحاضر بشأن المواد المستخدمة في عطر كليوباترا، ملكة مصر ورمز الجمال عن الفراعنة.
لم يكن الأمر عشوائيا حسب ما ظن البعض، بل أنه خضع للتخصص، وبحسب ما ورد في اللغة المصرية القديمة كانت مهنة الطب موجودة ووردت " زين " بمعنى طبيب، وأصبحت تكتب "سونو" في مرحلة أحدث، وتحولت في اللغة القبطية إلى"سينى" بمعنى طبيب أيضا.
يقول دكتور عبد الرحمن مدحت المتخصص في الترميم بالمتحف المصري الكبير بوزارة الآثار المصرية، وعضو المكتب الفني لوزير الآثار، إن المصري القديم استخدم مادتي "الملاكيت والأزوريت، وهي مواد تستخرج من الأحجار المنتشرة في سيناء، واستخدمت الكحل للنساء والكهنة أيضا.
وأضاف في تصريحاته إلى "سبوتنيك"، الأربعاء أن الأبحاث التي تجرى الآن بشأن عطر كليوبترا الذي عثر عليه بمدينة المنصورة بالتعاون ما بين جامعة هاواي الأمريكية والمجلس الأعلى للآثار، وأنه يتم دراسة الجزيئات الخاصة به ومكوناته، خاصة أن المصري القديم برع في استخدام النباتات العطرية القديمة قبل آلاف السنوات، ما جعله من الأوائل الذين عرفوا خصائص المواد الطبيعية.
وتابع أن المصري القديم كان يحفظ المواد الطبيعية في أواني فخارية أو زجاجية للحفاظ على خصوصيتها، وعدم تفاعلها مع الرطوبة.
وأوضح أن القدماء برعوا في استخدام الزيوت الطبيعية، حيث استخدم زيت الخروع والكافور للحصول على درجات نضارة جذابة للبشرة، وكذلك للآلام، كما استخدمت مجموعة من الزيوت الطاردة للحشرات في عمليات التحنيط.
وشدد على أن الذهب استخدم في عمليات زرع الأسنان وتوقيمها، خاصة أن الدهب لا يتفاعل مع أي مسببات للعفن في الفم، كما تعتبر أن الفراعنة أول من استخدموا المواد الطبيعية في عمليات التجميل.
العمليات الجراحية
يؤكد مدحت أن المصري القديم استخدم أمعاء القطط في صناعة الخيوط الجراحية، نظرا لذوبانها في الجلد بعد العمليات الجراحية، وتساهم في تجميل مكان الجرح.
التحنيط
أشار عبدالرحمن إلى أن الفراعنة استخدموا ملح وادي النطرون في عمليات التحنيط، وكانوا يضعون الجسد المراد تحنيطه فيه لمدة محددة، حتى يفقد الجسم كافة السوائل، فيما كانت تحفظ مكونات الجسم الداخلية في الأواني التي تضاف لها الزيوت العطرية للحفاظ تلك الأعضاء.
كما كانت تستخدم الحلبة والحناء في عملية التحنيط لأنها طاردة للحشرات والميكروبات.
الطب الفرعوني
يؤكد مجدي شاكر كبير الآثاريين بوزارة الآثار المصرية أن علم الطب ولــد وبدأ في مصر القديمة، وأنه اقتصر في البداية على ثلاثة طوائف من الأطباء " الباطنيون، الجراحون، الروحانيون".
وأضاف في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، الأربعاء، أن المثبت تاريخيا يدحض شائعات اعتمادهم على السحر والتعاويذ لعلاج المرضى، وأن الكثير من المؤرخين تحدثوا عن وجود أطباء في جميع التخصصات، وكذلك أطباء للأمراض مجهولة السبب.
وشدد على أن المثبت في الوثائق التاريخية أن المصريين القدماء أجروا عمليات جراحية وكتبوا وصفات طبية صحيحة، حيث تعود مهنة الطب إلى 3000عام قبل الميلاد، وأن النقوش الموجودة على معبد كوم أمبو توضح الأدوات الجراحية التي استخدمت في العمليات حينها.
إيموحتب بن بتاح
يعد إيموحتب بن بتاح رب الطب والشفاء عند القدماء المصريين، حيث عاش في فترة حكم الملك "زوسر" في الأسرة الثالثة، وأسس لعلم الطب والأدوية ويعد أبرز المراجع في هذا العلم قديما.
البرديات الطبية
بحسب شاكر فإن الكثير من البرديات الطبية التي عثر عليها تحمل وصفات طبية وتشخص الكثير من الأمراض، ومن بين هذه البرديات "اللاهون، أدوين، سميث، أبيريس".
أكدت النقوش التي وجدت على المعابد الكثير من الوصفات الطبية واستخدام الأعشاب الطبيعية في الأمراض المختلفة.
الضعف الجنسي
على جدران المعابد للإله "مين" إله الخصوبة والتناسل، وجدت بعض النقوش له وأمامه مجموعة من الذكور يتلقون نصائحه ومساعدته، مقابل كمية من "الخس" يضعها بجواره، لتكون طبقات تعلو فوق بعضها البعض، مما يدل على أهمية الخس بالنسبة لعلاج الضعف الجنسي. كما ورد ذكره في البرديات الطبية الفرعونية، بأنه يستخدم في علاج آلام الطمث، ومقوي للبصر، كما يساعد في عملية الهضم.
ويحتوي "الخس" على فيتامين "هـ" المسؤول عن الإخصاب، وتوازن وزيادة إفراز الهرمونات الجنسية.
زيت النعناع
حسب ما دون في البرديات الفرعونية القديمة، استخدم زيت النعناع لعلاج نزلات البرد، والتهابات الشعب الهوائية، عن طريق إضافة قطرات من زيت النعناع إلى كوب من الماء المغلي ويستنشق المريض عدة مرات. كما استخدم تم ذكر الصبار ملين للأمعاء، وعلاج الجروح والحروق الخارجية.
ويؤكد شاكر أن الفراعنة استخدموا عصير الصبار الطازج لمنع الحمل، حيث أثبتت الدراسات الحديثة أن الصبار يعمل على قتل الحيوانات المنوية، لاحتوائه على مادة "سابوتين الجيسويك"، التي تستخدم لمنع الحمل.
الصندل
استخدم الصندل قديما في تدليك المفاصل والعضلات للقضاء على الآلام ، كما استخدم زيت "الحبة السوداء" لعلاج آلام المعدة والمغص والإسهال، وتستخدم مستخلصاتها حاليا لعلاج نفس الأمراض.
اليانسون
عثر علماء الآثار على ثمار اليانسون في مقابر الصحراء الشرقية لمدينة طيبة، وفي بردية "هيرست" ذكر أن اليانسون استخدمه القدماء كمنبه عطري. كما جاء في برديات أخرى "مغلي بذور اليانسون" كشراب لعلاج آلام واضطرابات المعدة وعسر البول، وغسيل الفم وعلاج لآلام اللثة والأسنان.
الكمون
يعد الكمون أحد أهم النباتات عند الفراعنة، حيث استخدم في علاج القروح والجروح ذات الرائحة الكريهةـ وكذلك لشفاء الحروق، وضد حالات الجرب، وعلاج عسر الهضم ونزلات البرد، وعلاج المغص، وقتل ديدان المعدة، و علاج حالات الحمى، كما صنع الفراعنة من الكمون دهاناً للمفاصل.
بذر الكتان
بحسب ما ذكر في بردية "هيرست" الطبية استخدم بذر الكتان في وصفة علاج البواسير، كما ذكر في بردية طبية أخرى لعلاج الجروح والقروح والصلع والحروق.
ويؤكد شاكر أن هناك مئات العقاقير الطبية تعود أصولها إلى وصفات فرعونية قديمة اعتمدت في الأساس على المواد الطبيعية، وأن هناك الكثير من الأسرار الطبية والعقاقير وجدت على البرديات الطبية القديمة.
العطارون
تجولت "سبوتنيك"، ميدانيا في حارة العطارين بمصر القديمة، والتي يتردد عليها المئات يوميا قاصدين محلات العطارة طلبا للوصفات الدوائية المعتمدة على المواد الطبيعية.
يقول محمود عمر، أحد العطارين بحارة العطارين، إن مئات من المواطنين يترددون على الحارة بشكل يومي لشراء الوصفات الطبية للأمراض كافة، وأن معظم المواد المستخدمة تعود أصولها إلى عهد الفراعنة.
وأضاف في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك، الأربعاء، أن زيوت الكافور والخروع تستخدم حتى اليوم في مستحضرات التجميل لنضارة البشرة وهي متوارثة منذ آلاف السنوات.
فيما يؤكد حنفي السيد علي ويعمل بالعطارة من 45 عاما، أن جميع الأمراض لها وصفاتها الخاصة، وتضاف بعض المواد لبعضها، كما تستخدم الزيوت والطمي للبشرة في عمليات التجميل.
وأضاف في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، الأربعاء، أنه يستخدم نحو 450 نوعا من الأعشاب الطبيعية في علاج جميع الأمراض، وعمليات التجميل.
وشدد على أن الأعشاب الطبيعية تستخدم كمضادات حيوية، وفي علاج السكر الخشب المر، فيما يستخدم الخشب الراوندي في إذابة الدهون.
محمود الشاذلي محامي مصري اتجه إلى التخصص في الطب الفرعوني، إن الفراعنة كانوا يستخدمون ماء الورود للاستحمام، كما أنهم كانوا يستخدمون المواد الطبيعية في تجميل البشرة.
ويضيف الشاذلي في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، الاربعاء، أن الكثير من البرديات "إبريس"، وهي تحوي أكثر من 500 مادة علاجية، وبردية "كاهون" وأنها تهتم بعلاج أمراض النساء.
وأكد الشاذلي أنه الهدف من إنشاء النقابة والأكاديمية هو إعادة إحياء الطب الفرعوني مرة أخرى.
وقال الدكتور وسيم السيسي، أخصائي أمراض المسالك البولية المصري والباحث بعلم المصريات، إن الفرق بين استخدام العقار والمواد الطبيعية أن العقار يستخلص المواد الفعالة من العشب، خاصة أن العشب قد يكون فيه بعض المواد الأخرى الضارة.
وأضاف وسيم السيسي في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، الاربعاء، أن بعض أدوية المغص تستخدم من نبات "ست الحسن"، وهو استخدمه قدماء مصر.
وتابع أن الطب الحديث يستخدم بعض الأدوية العشبية المعروفة في مصر القديمة مثل الحلفا بر، وهي عشبة عطرية تنمو على نطاق واسع في صعيد مصر، وتستخدم في صناعة دواء بروكسيمول ، وبالمثل، تستعمل بذور الخلة البلدية، وهي نبات مزهر من فصيلة نباتات العائلة الخيميَة التي استخدمت في مصر القديمة.
وأوضح أن المصري القديم استخدم علاج مرض البلهارسيا بطريقة فعالة وآمنة أكثر من العصر الحديث، "اللبوس الشرجي"، بدلا من الحقن.
قد يهمك أيضا:
تحذير من إجراء العمليات الجراحية الحرجة في المساء
وزيرة الصحة الفرنسية تأمل في إجراء 70 % من العمليات الجراحية في سيارات الإسعاف
أرسل تعليقك