واشنطن - رولا عيسى
أظهرت دراسة جديدة أن جرعة واحدة من "سيلوسيبين"، العنصر النشط من عيش الغراب السحري، يمكن أن يزيل الاكتئاب الذي يمر به الناس، من جراء الإصابة بالسرطان في مراحله المتقدمة، لمدة ستة أشهر أو حتى لفترة أطول. وأكد الباحثون المشاركون في التجربتين في الولايات المتحدة، أنهم وجدوا نتائج لافتة للنظر، وأنها أكسبت المتطوعين الذين شاركوا في الدراسة خبرات عميقة ذات مغزى روحي، جعلتهم يعيدون النظر في المفاهيم المرتبطة بالحياة والموت، وبالتالي كانت النتيجة هي تحسن واضح في حالتهم النفسية، وتحقيق تغيير نوعي في حياتهم.
ونشرت نتائج الدراسة في مجلة علم الأدوية النفسية جنبًا إلى جنب، مع ما لا يقل عن عشرة تعليقات من جانب العلماء البارزين في مجال الطب النفسي والرعاية الملطفة، والذين أكدوا عن حاجتهم إلى مزيد من الأبحاث في المرحلة المقبلة، إلا أن تصنيف كافة المنشطات النفسية كأنواع من المخدرات، والتي لا يسمح القانون الأميركي بتداولها منذ السبعينات من القرن الماضي تبقى أحد التحديات القانونية الهامة.
وأكد الباحث الطبي المتخصص في المجال النفسي، دكتور ستيفن روس، أن التجارب التي تم إجراؤها تمثل سابقة جيدة جدًا سواء من حيث التاريخ أو النتائج، موضحًا أن تلك المسألة تمثل طفرة كبيرة في مجال الطب النفسي، لاسيما بالنسبة للحالات التي تعاني نفسيًا، بسبب إصابتهم بأمراض خطيرة، واعتبر أن تلك الأبحاث تعيد ما تم إخفاؤه من الطب النفسي وأهميته. وأن حوالي 40-50٪ من مرضى السرطان المشخصة حديثًا يعانون نوعًا من الاكتئاب أو القلق، بينما تبقى مضادات الاكتئاب ليس لها أي تأثير يذكر لتحسين حالة المرضى، ولا سيما على الاكتئاب المرتبط بوجود أمور، تهدد حياة الإنسان وتجعل لديه الشعور بأن حياته لا معنى لها وبالتالي يبدأ التفكير بالانتحار.
وكشفت النتائج الرئيسية للدراسة في جامعة نيويورك، التي شملت 29 مريضًا، أن جرعة واحدة من الدواء يمكن أن يؤدي إلى خفض فوري في الاكتئاب والقلق الناجم عن الإصابة بمرض السرطان، وهو الأمر الذي يعدّ غير مسبوق في تاريخ علاج الإصابة بالأمراض المرتبطة بالاكتئاب، حيث أن الأمر لا يستغرق بأي حال من الأحوال أقل من ثمانية أشهر.
وأوضح البروفيسور رولاند غريفيث، وهو أحد أعضاء الفريق الذي قام بالدراسة، أنه لم يكن يتوقع هذه النتائج، التي وصفها بأنها لافتة للنظر، مؤكدًا أنه كان متشككًا في البداية أن هذا الدواء، يمكن أن يؤدي إلى تغييرات ولكن بعد فترات طويلة. وأجرى الفريق دراسات مماثلة على أشخاص أخرين يعانون من حالة من الاكتئاب، ولكن ليس بسبب إصابتهم بالسرطان، حيث كانت النتائج متشابهة إلى حد كبير، مشيرة إلى أن أهم ما في التجربة هو أن المرضى بدأوا يفكرون بطريقة مختلفة في محنتهم بشكل أكثر روحانية، يدور في معظم أبعاده حول مغزى الحياة ومعناها وطبيعة الموت.
وينشط الفطر السحري مستقبلات السيروتونين في المخ، وهي التي من شأنها تحسين وعي المريض بصورة كبيرة، موضحين أن تلك المواد تستخدم بصورة كبيرة من رواد بعض الطرق الدينية، كالمتصوفين في مختلف الفروع الدينية. وأضافوا أن الأمر يتشابه إلى حد كبير مع ما يسمى بأحلام اليقظة، حيث أن الجرعة تمنحهم قدرًا من الطاقة المستمرة والوعي بأبعاد أخرى في الكون، تجعلهم أكثر ارتباطًا بالواقع بعيدًا عن حالة الوحدانية التي غالبًا ما تكون مسيطرة عليهم.
أرسل تعليقك