سادت في مجتمعاتنا العربية، العديد من العادات والتقاليد التي ثُبتت أضرارها ومخاطرهاعلمياً فيما بعد، على الرغم من أننا توارثناها عن آبائنا وأجدادنا منذ عشرات السنين. ومن بين هذه العادات التي تسود مجتمعنا حتى وقتنا الحالي، إستخدام النساء للحنّاء السوداء في التزيين، حيث اعتادت النساء على استخدامها في رسم نقوشات جميلة على اليدين والقدمين والوجه في مناسبات كثيرة كليلة حنة العروس وليلة العيد، كما صبغ شعرهن فيها.
يأتي ذلك في الوقت الذي أكدت فيه العديد من الدراسات والأبحاث الطبية، أن استخدام الحناء السوداء والملوّنة في صبغ الشعر أو الوشم على الجلد، يُسبّب أمراضاً صحّية خطرة، قد تصل فى بعض الأحيان إلى الموت، حيث أوضحت هيئة الغذاء والدواء الأميركية، في دراسة نشرتها في منتصف أيار/مايو من عام 2014 ،أن الحناء الصناعية قد تكون السبب في ظهور طفرات جسم الإنسان، مُحذرة من استخدامها كصبغة للشعر، لافتة إلى أن تكرارها قد يسقط فروة رأس الأنثى.
وأشارت هيئة الغذاء والدواء الأميركية إلى أن الحناء السوداء، تحتوي على بعض المواد والعناصر المعدنية الثقيلة السامة مثل الرصاص، الزئبق، النيكل وغيرها من المعادن، التي قد يطال تأثيرها السلبي جميع أعضاء جسم الإنسان، الأمر الذي دفع وزارة الصحة المصرية إلى إلزام مصنّعي الحناء السوداء إلى إصدار تحذيرات واضحة على عبواتها، ودفعت دولاً عربية أخرى كالإمارات وقطر ، منع مواطناتها من استخدامها، حفاظاً على صحتهن .
وذكر أطباء في الأمراض الجلدية في حديث خاص مع "العرب اليوم" عن أضرار الحناء كان أولهم أستاذ الأمراض الجلدية في جامعة عين شمس، الدكتور ثروت عبدالمجيد، من إستعمال الحناء السوداء، التي تستخدم للنقش الموقت على الجلد، مبيناً أنها تُسبب أمراضاً جلدية يصعب الشفاء منها بسرعة، كما أنها تؤثر على الجهاز المناعي، حيث تحتوي على مادة كيميائية تُسبب تقرحات دائمة في الجسم .
وأضاف د. عبدالمجيد، أن الحناء السوداء عبارة عن صبغة صناعية تستخدم في الأساس لصبغ الشعر، ومن المستحسن ألا توضع على الجلد، لأنها مصنّعة من مادة كيميائية تدعى "بارا – فينيلانديامين"، وهي عبارة عن مادة سامة ، يمكن أن تسبّب بحساسية الجلد المفرطة. وأضاف أنها لا تحتوى في تركيبتها على أى مواد عشبية أو طبيعية، عكس الحناء الطبيعية التى تصنّع من مسحوق أوراق شجرة الحناء التي تسمى "ﻻﻭﺳﻮﻧﻴﺎ". وتابع الدكتور ثروت، أنه تمّ تسجيل حالة وفاة لسيدة فى إحدى الدول العربية بسبب إستخدام هذا النوع من الحناء الصناعية بشكل واسع على جسمها، وأدى ذلك إلى إصابتها بالوزم العصبية الوعائية وتلف كلوي شديد أدى إلى وفاتها.
وأوضح إستشاري الأمراض الجلدية، الدكتور عصام عبدالعظيم في حديث، أن الحناء السوداء تتكوّن أساساً من مادة كيميائية عضوية تدعى "بارا – فينيلانديامينو" ، كما تحتوي على عدد كبير من المواد الكيميائية الأخرى كالمواد الحافظة والمواد الحاملة للصبغة ومثبتات اللون التي تُستخدم في معظم صبغات الشعر، مضيفاً أن هذه المواد الكيميائية تتسبّب عند تلامسها للجلد في حدوث تحسّس وحكّة في الجلد وبثور وتقرّحات، كما قد تسبب بالتهابات حادّة في طبقة الجلد الملامسة للحناء السوداء.
وأضاف د. عبدالعظيم، أن الحناء السوداء، تحتوي على مادة كيمياوية خطرة للغاية ، تتغلل داخل فروة الرأس لتعمل على فرد الشعر وإكسابه اللون الأسود. ولكن في المقابل تُسبب الكثير من الأمراض من بينها التهاب فروة الرأس، كما تعمل على تقصّف الشعر وتساقطه لدرجة كبيرة، بالإضافة الى تسبّبها في الحكة إلى حدّ الجروح والقرح، والأخطر من ذلك فإن الحنّاء تُسبب في تكوين خلايا سرطانية في حال وصول المادة الكيماوية إلى الجلد الذي يقوم بامتصاصها، مما يؤثر على الأجهزة الداخلية.
ونفى أستاذ الأمراض الجلدية في جامعة أسيوط، الدكتور يوسف رؤوف، صحّة الأعراف السائدة لدى الفتيات منذ عهد الفراعنة، خصوصاً العرائس منهن المقبلات على الزواج، إستخدام الحناء السوداء بهدف التزيين، وذلك من خلال عمل رسومات زخرفية على الجسم، خصوصاً اليدين والقدمين. وأضاف د. رؤوف أن باعتقاد الفتاة أن للحناء فوائد طبّية، في الوقت الذي أكدت فيه عشرات الدراسات والأبحاث الطبية أن فوائد الحناء تجميلية فقط وليس لها أيّ فائدة صحّية، بل على العكس تماماًن فهي تسبّب بحساسية الجلد وتورّمه، ما ينتج حاجة شديدة إلى الحكة، التي قد تؤدي إلى تقرّحات والتهابات وإصابة الجلد بما يشبه الحروق.
وكشف د. رؤوف، عن أن هناك عشرات السيدات اللواتي استعملن الحنّاء ومن ثم أتين إليه يشتكون من تساقط شعرهن وضعف جذوره وتقصف أطرافه. في هذه الحالات قد يحتاج الشعر إلى 6 أشهر من العلاج المتواصل حتى يستعيد طبيعته ويتخلص من الآثار السلبية للحناء، وفي بعض الحالات قد نلجأ إلى إعطاء السيدات "حقن ميزوثيرابي" لتقوية جذور فروة الرأس.
شاهدتان على مخاطر الحنّاء على الجسم
أوضحت رانيا جمال، 26 عاماً، إحدى المتضرّرات من إستعمال الحناء السوداء قائلة: "رسمت الحناء على يدي ليلة زفافي، كعادة من العادات التي يُشتهر بها مجتمعنا خلال الأفراح، ففوجئت بعد أيام بورم شديد في يدي، الأمر الذي دفعني إلى الذهاب إلى الطبيب، حيث استغرق علاجي مدة شهرين . بعدها توقفت تماماً عن إستخدام الحناء السوداء.
قالت فاطمة محمد، 36 عاماً ، تعمل محاسبة: " تسببت الحناء السوداء التي وضعتها على ظهر يدي ليلة زفافي، بالتهاب موضعي شديد، سبّب لي آلاماً حادة، وهو ما تطلب فترة طويلة من العلاج الطبي".
أرسل تعليقك