بكتيريا الإيكولاي تنمو في أمعاء اللبنانيين والدولة تدخل بـغيبوبة
آخر تحديث GMT22:09:45
 العرب اليوم -

بكتيريا "الإيكولاي" تنمو في أمعاء اللبنانيين والدولة تدخل بـ"غيبوبة"

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - بكتيريا "الإيكولاي" تنمو في أمعاء اللبنانيين والدولة تدخل بـ"غيبوبة"

معمل تحاليل الفيروسات
بيروت ـ العرب اليوم

لم تهزّ فضيحة "الإيكولاي" و"الرصاص" ووجودهما بنسب مرتفعة في الخضراوات، وبشكل متكرّر في الأشهر المنصرمة، أحداً من المسؤولين في لبنان؛ فقرار منع استيراد بعض الخضراوات من لبنان إلى قطر قابلته وعود رسمية بتكثيف الفحوص المخبرية ومعالجة الثغرات. هكذا تُعالج فضائح سلامة الغذاء في لبنان بالوعود التي قد تبقى في إطار الكلام بعيداً من التنفيذ. الخوف على صحة القطريين لم يماثله خوفٌ على صحّة اللبنانيين، فالقرار يخصّ دولة قطر؛ أما في لبنان فلم يكلّف أحد خاطرَه عناءَ مصارحة اللبنانيين بالنتائج المخبريّة وبحقيقة ما يأكلونه. كيف ترفض الدولة القطرية تلك المنتجات الزراعية في حين يستمرّ المواطنون في لبنان باستهلاكها بشكل طبيعي "وكأن شيئاً لم يكن؟"، وكأن الاستهجان اللبناني يصبّ فقط في الشق التجاري لا الصحيّ؟! صحيح أن وزير الزراعة اللبنانيّ عباس الحاج حسن تعهّد بالتشدّد في الفحوص من ناحية التصدير، لكن ماذا عن الداخل يا معالي الوزير؟
من يتعهّد بالتشدّد في الفحوص المخبرية لهذه المنتجات التي تدخل بيت كلّ لبناني؟ أم أن الوعود تخصّ الاقتصاد اللبناني وما قد يترتب على ذلك من خسائر اقتصادية، في حين أن صحة المواطن ليست من ضمن الأولويات؟! القرار القطريّ كان واضحاً: ابتداءً من 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 يُمنع استيراد النعناع والبقدونس والكزبرة والملوخية من لبنان كإجراء احترازي، نظراً إلى ارتفاع نسبة متبقّيات المبيدات، وبكتيريا إيكولاي والرصاص بشكل متكرّر في نسبة كبيرة من العيّنات التي خضعت للتحليل خلال الأشهر الماضية. في العودة إلى أزمات سابقة مشابهة، يبدو أن للبنان تاريخاً في الوقف المؤقّت لتصدير بعض منتجاته نتيجة وجود نسب عالية من البكتيريا. وإن كانت هذه الفضائح في سلامة الغذاء تدل على شيء، فهي حتماً تشير إلى غياب أيّ معالجة للثغرات التي تطال هذا الملف بمختلف الأوجه والأصعدة.
من الجبنة إلى القمح واللفت المسرطن والدجاج الفاسد... تتوالى فصول الفضائح والبكتيريا التي تنمو في هذه الموادّ كما في أمعائنا. هذه الحقيقة المرعبة يتعايش معها البعض، وكأنّها مجرّد خبر مرّ مرور الكرام، في وقت يستوجب ما يجري على أرض الواقع دقّ ناقوس الخطر والتحرّك سريعاً لمعالجة هذه الفضيحة في الداخل قبل الخارج.
يستغرب البروفيسور في مركز سلامة الغذاء في جامعة جورجيا في الولايات المتحدة عصمت قاسم الحديث عن مختبرات لإجراء الفحوص، ويسأل عن هذه المختبرات وعن مصادر التمويل والطاقات البشرية لإجراء الفحوص المخبرية، خصوصاً أن بعض الفحوص الكيميائية تعتبر مكلفة. والسؤال الأهمّ: إذا صدق إجراء هذه الفحوص المخبرية، فلماذا لم تُنشر النتائج ولم تُشارَك مع الدولة القطرية ويُصارح بحقيقتها اللبنانيين؟ نحن لا نتحدّث عن بكتيريا تؤدّي إلى أعراض صحية بسيطة كالإسهال والتقيّؤ بل قد تُسبّب أحياناً مشكلات جديّة وخطيرة. صحيح أنّه ليست كلّ بكتيريا من صنف إيكولاي خطيرة، لكن البعض منها كذلك. لكن ما هو أخطر من ذلك، والذي مرّ عليه المعنيّون مرور الكرام، يتمثل بنسبة الرصاص المرتفع في بعض الخضراوات. الرصاص خطير، وهناك قوانين صارمة حول استخدامه، لأنه قد يتسبّب بمشكلات في الجهاز العصبيّ والدماغ ونمو الأطفال، بالإضافة إلى مشكلات في الكلى...
برأي قاسم أن وجود الرصاص يشير إلى فرضيّتين: إما أن يكون نتيجة تلوث صناعيّ، أو أن تكون القساطل (الأنابيب)المستخدمة في الريّ غير سليمة، أو وجود مصدر ينتج رصاصاً في الحقول المجاورة، يؤدّي إلى تلوّث التربة أو المياه، ناهيك بالمبيدات، التي يعتبر بعضها مسرطناً، والبعض الآخر يتسبب بتغيّر التوازن الهورموني في الجسم.
علينا أن نعرف أن هناك بكتيريا تنتقل إلى الغذاء تُسبّب السرطان كما هناك مبيدات مسرطنة كالمعادن وغيرها وهي حقيقة مثبتة علمياً. في المقابل، هناك بكتيريا وملوّثات كيميائيّة تؤدّي إلى خلل في التوازن الهورموني، وتؤخّر نمو الأطفال، وتسبّب الفشل الكلوي والإجهاض...
وفي العودة إلى وجود بكتيريا في الخضراوات، يؤكّد عصمت أن "هذا الموضوع ليس بجديد، إذ كشفت بعض الفحوص، التي أجريناها مع فريق بحث في الجامعة الأميركية سابقاً على أنواع من الخضراوات من 5 مناطق لبنانية (زحلة، المرج، بعلبك، الهرمل وراشيا)، وجود نسبة عالية من الـE-Coli و coliformsبالرغم من غسلها بمياه نظيفة وتقطيعها قبل فحصها.

وهذه النتيجة متوقعة حسب عصمت لسبيين:
70%* من مياه الرّي ملوّثة وغير صالحة للرّي نتيجة تلوّثها بالإيكولاي والجراثيم القولونيّة. فالمياه الملوّثة هي نتيجة مياه الصرف الصحيّ التي تُعدّ من العوامل الرئيسية في هذا التلوث. فوجود الإيكولاي والجراثيم القولونية هو أحد المؤشرات الأساسية للتلوّث بالبراز.
* تلوث المياه يؤدي إلى تلوث المنتجات الزراعية.
يُعدّ الخسّ والسبانخ من الخضراوات الورقية الأكثر عرضة للبكتيريا، لأنها قريبة من الأرض، ويتمّ ريّها بشكل كبير، و60-70% من حالات التسمّم الغذائي في العالم تأتي نتيجة للخضراوات الورقية. ويعود ذلك إلى أسباب عدّة، منها نموّها القريب من التربة، وتعرّضها لتلوّث مياه الريّ، بالإضافة إلى أن طريقة تناولها نيئة تزيد من مخاطرها.
إذاً، طالما أن المياه ملوّثة فهذا سيؤدي حكماً إلى تلوّث الخضراوات. وإذا كانت نسبة التلوّث فيها عالية، فإن غسلها وتعقيمها لا ينفع.
ونتيجة هذا الواقع، نتفاجأ بغياب أيّ جهود ومساعٍ لتكثيف التوعية حول تلوّث المياه والتفسير للمزارع بأن استخدامه مياه ريّ غير صالحة من شأنه أن يؤدّي إلى تلوّث منتجاته. والأخطر من ذلك - على حدّ قول قاسم - أن "التصدير عامل رئيسيّ ومهمّ، وعلينا الاهتمام به والحفاظ على جودته. ولكن ماذا عن المنتجات المستهلكة في داخل لبنان؟ مَن يفحصها ومَن المسؤول عمّا يأكله اللبناني؟". يبدو واضحاً تقاذف المسؤولية بين وزارات الزراعة والصحّة والطاقة، علماً بأنّه في أميركا تعدّ وزارة الزراعة مسؤولة عن مياه الريّ بمجرّد استخدامها للمنتجات الزراعيّة. وبمعزل عن هذا الضياع في تحمّل المسؤوليّة، يبقى العامل الأهمّ مصارحة اللبنانيين وعرض كلّ النتائج والبيانات حول الفحوص المخبرية لهذه المنتجات الزراعية لبثّ الطمأنينة أو التحذير من مخاطرها. ويتأسّف قاسم أنّه بالرغم من نشرنا دراسات عدّة حول تلوّث مياه الأنهر والأجبان والخضراوات في الأسواق اللبنانية، فإن أحداً لم يتحرّك في هذا الإطار. نعرف تماماً أن لبنان يمرّ بأزمة اقتصادية خانقة وظروف سياسية صعبة إلا أن ذلك لا يبرّر غياب المحاسبة والمعالجة وتأمين غذاء وبيئة سليمة ونظيفة بالحدّ المطلوب. يكفي إصدار توجيهات حول ما يجب تناوله وما يجب تجنّبه إلى حين صدور النتائج، وهذه خطوة بسيطة، لكنها كفيلة بالمحافظة على سلامة الغذاء بالحدّ الأدنى.

قد يهمك ايضا 

العلماء يبتكرون دواء ثوريا يستهدف البكتيريا الخارقة المقاومة للمضادات الحيوية

حليب الأم يقتل البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بكتيريا الإيكولاي تنمو في أمعاء اللبنانيين والدولة تدخل بـغيبوبة بكتيريا الإيكولاي تنمو في أمعاء اللبنانيين والدولة تدخل بـغيبوبة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
 العرب اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab