الرياض - رياض أحمد
وصف مساعد المدير العام لمكافحة المخدرات للشؤون الوقائية، الخبير الدولي بالأمم المتحدة عبد الإله الشريف، قرار الهيئة العامة للدواء والغذاء السعودية تنفيذ الربط الشبكي للمؤثرات العقلية، وتقييد وتحديد صرفها، بأنه "قرار صائب جاء في وقته". وقال الشريف في تصريح صحافي نشر الثلاثاء: إن "الخطوة التي اتخذتها هيئة الدواء والغذاء من شأنها أن تحد من صرف هذه الأدوية المهدئات والمؤثرات، وبالتالي التقليل
من سوء استخدامها، وإدمانها، مبينًا أن هناك عدم تقيد لدى بعض الأطباء في عملية الصرف، وكذلك تنقل المرضى لدى بعض المراكز الطبية للحصول على بعض تلك المؤثرات، ما يزيد سوء استخدامها".
وحذر من أن السعودية مستهدفة برًا وبحرًا من مافيا المخدِّرات، مشيراً إلى أن جميع المضبوطات تأتي من الحدود الشمالية، والجهة الجنوبية، والمياه الإقليمية بالمنطقة الشرقية، وأكد أن هدف عصابات المخدرات سياسي في المقام الأول، ثم بهدف تجاري، والكسب المادي الحرام، وذلك باستهداف ضرب عقول الشباب.
وكشف الشريف أن بيانات الأشهر الأربعة الماضية تبيِّن أن الباكستانيين هم أكثر المقبوض عليهم في قضايا المخدرات بعدد 73 متهمًا، يليهم الصوماليون بعدد 72 متهمًا، لافتًا إلى أن عدد المدمنات قليل جداً، حيث لم يتجاوز طيلة السنوات الثلاث الماضية 200 فتاة، ولا نعتبر ذلك ظاهرة أو مشكلة.
وكشف الشريف عن أن أكبر عملية تهريب تم ضبطها في محافظة جدة، وتجاوزت الكمية المضبوطة ثمانية ملايين وثلاثمائة وواحد وخمسين ألف حبة من حبوب الكبتاجون، وُجدت مخبأة داخل إطارات، وقال: إن مهربي ومروِّجي المخدرات يستخدمون كل الطرق والوسائل لتهريب سموم المخدرات إلى السعودية، ومن هذه الوسائل البضائع والمواد الغذائية وألواح الرخام والأخشاب. واذ أكد أن المديرية العامة لمكافحة المخدرات تقدم كل الدعم المعلوماتي لبعض الدول، ومنها معلومات أدت إلى ضبط أكبر مصنع لمادة الكبتاغون في تركيا، أوضح الشريف أن60% من مرضى الإدمان في مستشفيات الأمل من مدمني حبوب الكبتاغون، و20% من مدمني الحشيش، لافتًا إلى أن المديرية العامة لمكافحة المخدرات تعمل على محورين أساسيين: المحور الأول، وهو الجانب الأمني الميداني، والمحور الثاني هو الجانب الوقائي الذي يعتمد على إعداد، وتصميم وتنفيذ برامج توعوية ووقائية، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي، والمؤسسة العامة للتدريب التقني ووزارة الشؤون الإسلامية.
وقال: لدينا في المديرية رؤية وأهداف نريد أن نحققها من خلال برامج علمية إعلامية، نفذنا منها الكثير، ومن أهم البرامج التي قمنا على تنفيذها موقع إلكتروني و11 معرضاً توعوياً للإدارات العامة التابعة لجهاز المكافحة في المناطق، واستطعنا إعداد العديد من البرامج والندوات واللقاءات التلفزيونية والإذاعية والصحفية، بهدف توعية أفراد المجتمع من أخطار آفة المخدرات، واستطعنا إنتاج رسائل تلفزيونية قصيرة".
وحول برامج حماية طلاب المدارس قال: نعمل حالياً على تنفيذ البرنامج الوطني الوقائي الموجه للطلاب والطالبات، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم الذي يستهدف خمسة ملايين طالب وطالبة. مضيفا: هناك نظريات في علم النفس تسمى بالمحاكاة والتأثر والتأثير، ومن واقع مقابلتنا للكثيرين من الأحداث المقبوض عليهم في قضايا تعاطي الحشيش، نقصد بذلك من هم في سن من 14-17 عامًا، ومن خبرتنا معهم اتضح أن خلاف الأسباب المؤدية إلى تعاطي الحشيش لديهم مرتبط بعوامل محيطة، ونحن ربطنا نظرية التحليل النفسي، ونظرية تأثير الأصدقاء في هذه المسألة، بمعنى أن صغار السن من هم في سن 10-14 عامًا يقعون بحسن نية بطرائف من يتعاطون الحشيش، وهنا يعطي العقل الباطن الاتجاه الإيجابي نحو مادة الحشيش، وإذا اجتمعت الظروف المحيطة بهذا الفرد وعرضت المادة عليه فإنه سيقبلها دون اعتراض، لأن مادة الحشيش ارتبطت بخفة الدم، وسرعة البديهة، والسعادة الوهمية التي يسمونها الفلة، ثم يقع في تعاطيها ويستمر في التعاطي، حتى يصل إلى مرحلة الإدمان عليها، وهناك دراسة علمية بعنوان العوامل المؤدية إلى حدوث تعاطي المخدرات بالمملكة العربية السعودية، أشارت إلى أن 52 % من العينة التي طبقت عليها الدراسة من المدمنين الذين وقعوا في تعاطي المخدرات هم أقل من 15عاما.
اشارة الى أنه في سجلات مستشفى الأمل بالدمام مدمنون تائبون تحولوا إلى أعضاء فاعلين في المجتمع، وعملوا كمرشدين يساعدون المدمنين على التخلص من المخدرات حتى يعيشوا اسوياء مثل غيرهم، حيث خرج المستشفى اكثر من 320 مرشدا تعافوا من الادمان، وكرسوا انفسهم لمساعدة المدمنين للاقلاع عن هذه الآفة ومنهم المرشد الذي شرح من خلال القصة التالية بدايته مع المخدرات وكيف استطاع التخلص منها.
يقول المرشد: تدرجت في المخدرات عن طريق رغبتي في السفر، ومرافقة اصدقاء السوء الذين اتخيل شخصياتهم المدمنة في يوم واحد حتى فقدت شخصيتي الحقيقية، وظللت في عالم الادمان 27 سنة كاملة، وكانت بداياتي بالتدخين، ثم تعاطيت الكحول والحشيش والحبوب المنشطة، وانتهت رحلتي بالهيروين، ووصلت الى مرحلة التفكير بأنني اتعاطى لأعيش وأعيش لأتعاطى، وبقية امور الحياة الاخرى مثل تكوين العائلة او البحث عن وظيفة او غيرها لم اكن اعطيها أي اهتمام، ولم تكن من اهتماماتي فكل اهتمامي التعاطي فقط.
وكنت افكر كيف أوفر الجرعة والمخدر اليوم وغدا والأيام الاخرى، وكيف احصل على المال لتوفير المخدرات بأي صورة، ومنحت ذلك جهودي وطاقتي وافكاري وطموحي ومشاعري وأحاسيسي التي كانت مستودعا خفيا، وكنت اتعامل مع الحياة بشخصية وبداخلي شخصية اخرى.
وأضاف: من المواقف التي اتذكرها في الكذب والتي آلمتني وما زالت تؤلمني الى الآن هو كذبي على والدتي -رحمها الله- حيث قمت بكسر حلق أذنها مصنوع من الذهب دون علمها، وقلت لها انني سوف اقوم بإصلاحه وأعطتني اياه، وذهبت لابيعه، وكلما سألتني عنه قلت لها "لم ينته الصانع من اصلاحه" وكل مرة اتعذر بعذر الى ان قلت لها ان الصانع يحتاج الحلق الثاني لكي يعرف شكله ليصلحه عليه وأعطتني اياه وقمت ببيعه ايضا وكل ذلك في سبيل الحصول على الجرعة.
وختم قصة ادمانه والخلاص منه بالقول: أتمنى من المسؤولين ان يقفوا مع هذه الفئة ومساعدتهم من باب الاصلاح وعمل الخير، حتى يصبحوا اشخاصا منتجين في المجتمع، وان يجدوا لهم مجالا للتوظيف وخاصة من هم في المرحلة العلاجية.
أرسل تعليقك