يعتبر تخزين الدهون في الجسم أمرًا جيدًا، فبدونه لم يكن الإنسان سيبقى علي قيد الحياة خلال ملايين السنين من التطور، وكان سيتغير شكله بالتأكيد، ويحتاج جسم الإنسان للدهون لإنتاج الطاقة في أوقات المجاعات، وتبلغ كمية الدهون في جسم الرجل بوزن 75 كيلوغرام حوالي 100 ألف كيلو كالوري مخزنة.
ولو كان مقدرًا للإنسان تخزين هذه الكمية من الطاقة في أشكال أخرى مثل الجليكوجين أو كربوهيدرات، لزاد وزنه من 40 إلى 60 كيلو غرام، لأن الجليكوجين أقل كثافة ويخزن مع تركيبة من الماء، لذلك فالدهون كانت صديقة للإنسان خلال ملايين السنين من التطور. ومن المنطقي أن يخزن جسم الانسان الطاقة على شكل دهون إلى جانب تطوير أنظمة للتشبث به للحالات الطارئة مثل المجاعات، ولكن على مدى السنين تغيرت علاقة الجسم مع الدهون، فبالرغم من أن الدهون صحية وضرورية، إلا أن تراكم الكثير منها يؤدي إلى ضرر في الصحة ويرفع من مخاطر الإصابة بأمراض مزمنة.
ويعتبر تخزين الكثير من الطاقة على شكل دهون أمرًا غير صحي، وللأسف أصبح معظم الناس في الوقت الحالي يميلون إلى تخزين الكثير من الطاقة، وبالتالي الكثير من الأشخاص في الدول المتقدمة والنامية يعانون من السمنة، وبسبب تطوير الجسم لقدرته على حفظ الدهون، يصبح خسارتها مرة أخرى أمرًا شديد الصعوبة.
ويحتوي واحد من أفضل الأنظمة الفسيولوجية في الجسم على بروتين اللبتين الذي تفرزه مخازن الدهون في الجسم، لتخبر الدماغ أن هناك الكثير من الطاقة المتاحة المخزنة على شكل دهون.
واعتقد العلماء أن بروتين لبتين يمكن أن يعالج السمنة، من خلال حقنه في الجسم لخداعه بوجود كميات كبيرة من الدهون المتاحة، وبالتالي التقليل من الرغبة في تناول الطعام، ولكن للأسف أثبتت هذه العلاجات عدم فعاليتها، ومازال العلماء لا يعرفون السبب.
ويتناسب زيادة بروتين اللبتين في الدم طرديًا مع الزيادة في الدهون المخزنة، ليعتاد الدماغ على هذا المستوى العالي من البروتين، لذلك فالمزيد منه لا يساعد، وبدلا من ذلك، عندما تنخفض مستوياته في الدم تصبح هذه إشارة مهمة جدًا، فعندما يحاول الإنسان خسارة الوزن، ينخفض البروتين بشكل كبير جدًا، في الوقت الذي تكون فيه خسارة الدهون محدودة.
ويعني هذا أن هبوط مستوى اللبتين هو محاولة للدفاع عن مخازن الدهون، فهو يعمل بوصفه إشارة إلى الدماغ في حلقة ردود الفعل السلبية للمحافظة على استقرار كتلة الدهون في الجسم، ويرتبط انخفاض الليبتين مع زيادة الاحساس بالجوع، وهو نقطة انطلاق نحو الاكتئاب عند الحيوانات. وعندما يحاول الإنسان خسارة الوزن، ترسل الأنسجة الدهنية رسالة إلى الدماغ في محاولة لمقاومة المزيد من خسارة الدهون، وبالتالي يشعر الإنسان بالجوع، ويسعى لتناول الطعام، وربما يشعر بالقلق والاكتئاب.
وأشارت دراسة حديثة أن الأنسجة الدهنية قد يكون لها بعض الخصائص الأخرى التي يستطيع الإنسان اللعب عليها في خسارة الوزن، فبعض أنواع الخلايا الدهنية وخصوصا الخلايا الشحمية لديها القدرة على حرق الطاقة للمساعدة في ابقاء الجسم دافئ، في عملية تسمى توليد الحرارة، من خلال بروتين معين يسمي sLR11، وهذا أمر منطقي، فعلى مدار السنين، يسعى الجسم لتخزين الدهون واستخدامها عند وقت الحاجة.
وفي تجربة على الفئران، لم تكتسب الفئران التي لا تملك بروتين sLR11 الوزن فهي حرقت طاقة مخزنة أكثر من المكتسبة، وأظهرت العديد من الدراسات أن عددًا من المرضى الذين يخضعون لجراحات لعلاج البدانة ويخفضون من البروتين sLR11 يخسرون بالفعل كتلة الدهون.
وبناء على هذه الملاحظات، اقترح العلماء أن يكون sLR11 علاجًا يستخدم في حث الجسم على استهلاك الطاقة المخزنة بدل التشبث بها على شكل دهون، ولكن في النهاية هذا النوع من حرق الدهون يقتصر على شكل واحد من الخلايا الدهنية وهي الخلايا الشحمية.
وتعتبر هذه الخلايا نادرة لدى البشر مما هي لدى القوارض، ويمكن للإنسان أن يحقق حرقًا أكثر للطاقة من خلال الحركة وهذا أمر معروف، ولكن توليد الحرارة من خلال الحركة يؤدي لانخفاض بروتين الليبتين، وهذا ما يفسر رغبة الناس في تناول الطعام بعد القيام بالتمارين الرياضية، لذلك يتضح أن الجسم مصمم على التشبث بالدهون، وبالتالي يتوجب على الإنسان التعامل مع أي زيادات في وزنه فورًا، قبل أن يقوم جسمه بالتشبث بها أكثر.
أرسل تعليقك