كشف الصحافي البريطاني فيل تاتريسال كينغ، تفاصيل رحلة تسلقه جبل إفرست، التي استغرقت 12 يومًا للوصول الى معسكر قاعدة جبل إفرست، أعلى جبل على وجه الأرض، بالقرب من حدود الصين ونيبال وشمال الهند، برفقة صديقته من أيام المرحلة الثانوية "تيم".
وأوضح كينغ، أنَّه سبق وشارك في رحلات استكشافية من هذا النوع في ست أو سبع قارات، آخرها رحلته إلى أعماق مناجم الفضة في مدينة بوتوسي البوليفية، في أميركا الجنوبية.
وأبرز التحديات التي واجهته أثناء تلك الرحلة الشاقة، بداية من إصابته بنزلات البرد الشديدة بعد أن تساقطت الثلوج من خلال فجوة في نافذة الغرفة التي يقيم فيها، حيث يوجد سرير بالي، يوفر راحة محدودة، ما كان يدفعه كثيرًا إلى التساؤل ما إذا كانت رحلة إيفرست تستحق كل هذا العناء والمشقة.
وأضاف "لا يزال يتبقى 90 دقيقة للوصول إلى الهدف، وهو مجرد مكان به مجموعة من الصخور والرواسب الرمادية التي تغطيها الجليد ترفرف عليها مجموعة من الأعلام ذات لون باهت، وتهب فيه الرياح بقوة، أشعر حاليًا بألم شديد في الرأس، وأصبحت يدي حمراء من شدة البرد القارس، إني حقًا أرغب في العودة، ليس فقط إلى النزل الذي أقيم فيه، في جوراك، ولكن إلى منزلي في أقرب وقت ممكن".
وتابع كينغ "كان ذلك هو اليوم الثامن من رحلتي، وكان مليئًا بالتحديات، حيث مررت بمنحدرات حادة وكنت أثابر للسير في هذا البرد القارس، وبالرغم من ذلك فإني أفضل هذه الرحلة الصعبة على رحلة صيف سهلة في نامشي في نيبال التي تقع بين الهند والصين".
واستطرد "في الصيف الماضي اتصلت على صديقة قديمة من المرحلة الثانوية، "تيم"، وأخبرتها أني أريد أن أفعل شيئًا ممتعًا، واقتنعنا بالانطلاق في رحلة شاقة، على الجبل فوق مستوى البحر، وخلال ساعة تصفحنا موقع trekbooking.com، للنظر في الخيارات المقدمة من شركات الرحلات، للذهاب في رحلة إلى قمة جبل ترتفع 5،364 متر فوق مستوى سطح البحر".
واستدرك "هذه الرحلات تحتاج إلى التدريب الجاد وتنطوي على مخاطر جسيمة وتحتاج إلى موارد مالية، لذلك اخترنا شركة رحلات صغيرة، للقيام برحلة على جبل الهيمالايا لهدف في معسكر قاعدة جبل إفرست، التي من الممكن أن تتكلف 65 ألف دولار، وتتطلب خبرة سابقة كبيرة و مستوى عاليًا من اللياقة البدنية".
وأردف كنغ قائلًا "ذهبت أنا وتيم من دون اصطحاب مرشد أو مساعد، بالرغم من صعوبة الأمر والمخاوف التي واجهناها، فمن ناحية تعتقد السلطات النيبالية أنَّ ظروف الرحلة القاسية أسفرت في تشرين الثاني/ أكتوبر الماضي، عن قتل 38 شخص، وأنَّ الرحلة لن تكون بالصعوبة نفسها إذا تعاقد الناس مع مرشد على علم بالتضاريس والعادات والتقاليد والظروف، ومن ناحية أخرى، توفي في أيلول/ سبتمبر من 2012 بريطانيون بشكل مأساوي على رحلة الخطوط الجوية سيتا، إلى مطار لوكلا في شرق نيبال، كان ينون المغامرة بالرحلة المضنية نفسها".
وأكمل "أخذنا في اعتبارنا إرشادات السلامة، ونصائح وزارة الخارجية بضرورة توخي الحذر فوق 3 آلاف متر، وضرورة التأكد أن الشركة التي اختارتاها، خططت لتوفير الراحة الكافية، خلال أيام الرحلة، وأن دوار المرتفعات أمر تأخذه على محمل الجد".
واستأنف "أكثر العقبات التي كانت تشغلنا هي برودة الطقس، لذلك وجب اتخاذ التدابير اللازمة، لضمان السلامة، والتي تتضمن شراء الملابس التقنية باهظة التكلفة، اللازمة لصعود الجبل، مثل السترات السفلية، وسترات خارجية قوية، والأحذية مقاومة للماء، وكيس النوم وبطانة قوية، تستطيع أن توفر النوم المريح ليلًا من دون الخوف من المرتفعات، فضلًا عن شراء مجموعة من الأدوات التي تساعدك على مواجهة الثلوج أثناء تسلق المرتفعات، وربما هذا الطقس السيئ، سيجعل الرحلة لا تنسى".
واستكمل "بدأت الرحلة المضنية، عندما سافرنا جوًا من مطار جاتويك إلى كاتماندو عاصمة نيبال، عبر اسطنبول ، وقضينا يومًا في كاتماندو وبدأنا التأقلم على محيطنا، وكانت الأسلاك الكهربائية التي لا تعد ولا تحصى في شوارع العاصمة، كانت كابوسًا لضمان الصحة والسلامة، وخلاف ذلك وجدنا العاصمة خالية من المتاعب ومن الممكن الاسترخاء فيها".
وأضاف "اليوم الأول كان رحلة إلى مطار لوكلا شرق نيبال، أخطر مطارات العالم، وهي أول مرحلة في رحلة الصعود على جبل إفرست، ثم الذهاب إلى قرية "فاكدينج"، على بعد 2،650 متر، أما اليوم الثاني فرحلة من "فاكدينج" إلى قرية بازار نامشي، في الشمال الشرقي من نيبال، حيث يمكن رؤية اللمحات الأولى من جبل إفرست على بعد 3.440 مترًا، أما اليوم الثالث فهو بداية التأقلم على الوضع في "نامشي"، حيث كان الصعود في اليوم السابق فوق 800 متر فوق مستوى سطح البحر، أما نحن الآن على ارتفاع 3000 متر فوق سطح البحر".
وتابع كينغ ""اليوم الرابع كان الصعود من "نامشي" إلى دير تينجوبوش في منطقة بشرق نيبال، وبذلك وصلنا إلى 3.870 متر فوق سطح البحر، كنت مدركاً للسرعة التي تقل كلما ارتفعنا فوق مستوى سطح البحر، كان رأسي يجعلني أعود إلى الوراء، ولكن قدميَّ كانتا تدفعاني للعب في ساحات جبل الهيملايا الواسعة والمفتوحة والنظيفة".
"أما في اليوم الخامس توجهنا من تينجوبوش إلى قرية دينج بوس في الشمال الغربي من نيبال، وهي تعد مكان يتوفق فيه المتسلقون إلى جبل إيفرست، وبذلك نصل إلى ارتفاع 4.360 مترًا فوق سطح البحر، حيث استرحنا ليوم واحد، من هذا الطريق الصعب، وأصبحت الثلوج الكثيفة تمنع تقدمنا، وبدأت تيم تشعر بالإحباط، وإنها تريد العودة، اليوم السادس كان استراحة في "دينج بوش" فقد كانت أيام الراحة المقرر ة هما اليومين الثالث والسادس، للاستمتاع بالهواء النقي بدأ البعض في المعاناة من دوار المرتفعات، وأخذ بعض الأدوية التي تساعد على التأقلم".
وبيَّن أنَّ "اليوم السابع انتقلنا من "دينج بوش" إلى قرية لوبوش فوق 4910 أمتار فوق سطح البحر، كان الطقس باردًا للغاية، وكان الهواء رقيق جداً، وكنا نتوخى الحذر في كل خطوة نخطوها، لتجنب وقوع الأخطاء، والتزامًا بالإجراءات المتبعة، وفي سبيل التدفئة كان يوجد موقد له رائحة نفاذة من حرق روث حيوان القطاس، أوالياك الذ يعيش في التبت ونيبال، ولكنه لم يكن يعمل بسبب برودة الجو القارسة".
وأشار الصحافي كينغ إلى أنَّ"اليوم الثامن كان تحديًا حقًا فقد تمكنا من الوصول إلى منطقة جوراك فوق 5140 مترًا فوق سطح البحر، حيث قضينا ليلة كانت درجات الحرارة فيها تحت الصفر، ومن ثم تمكنا من الوصول أخيرًا إلى معسكر قاعدة جيل إفرست".
واختتم حديثه "أما اليوم التاسع والعاشر والحادي عشر كانت أيام ممتعة، حيث كان النزول من قمة إفرست أكثر سهولة، فكل ساعة من النزول تعني أن نكون أخف وزنًا، وأقل ارتفاعًا فوق مستوى البحر، وكنا نشعر بأننا أكثر سعادة، مع بدء ظهور الشمس من وراء الغيوم، وكنا ننتظر العودة إلى "نامشي" محطة الانطلاق لأخذ حمام دافئ".
أرسل تعليقك