الرباط ـ العرب اليوم
يشتكي العاملون بقطاع السياحة في المغرب من تداعيات جائحة كوفيد-19، التي سببت ضررا كبيرا للقطاع الحيوي لحركية الاقتصاد الوطني.وقد زاد استمرار إغلاق الحدود الجوية منذ أكثر من شهر، الطين بلة، مما فوت على السياحة الوطنية مداخيل مهمة.وقدرت الكونفدرالية الوطنية للسياحة، خسائر القطاع السياحي للأسبوع الأخير فقط لأعياد رأس السنة بـ1 مليار درهم، بسبب إغلاق الحدود وإلغاء أكثر من 100 ألف من الحجوزات.يعتقد أستاذ الاقتصاد بجامعة عبد الملك السعدي بمدينة طنجة، عبد الرحمن الصديقي، أنه "من الصعب تقدير خسائر القطاع خلال السنتين الماضيتين؛ إذا أخذنا الاستثمارات والديون والفوائد المترتبة عنها وتقادم المعدات من دون تجديدها، وغير ذلك من الخسائر الأخرى المباشرة أو غير المباشرة أو المترتبة".
وأبرز الصديقي، في حديث له، أن قطاع السياحة له "ارتباطات عضوية بمجموعة من القطاعات الأخرى؛ كالنقل والصناعة التقليدية والصناعات الغذائية وغيرها، إذ أن كل ذلك يرفع الطلب العام ويساهم في خلق دينامية يستفيد منها الاقتصاد الوطني".و"لمعرفة أهمية السياحة في الاقتصاد الوطني، يجب العودة لسنة 2019 قبل الجائحة. حينها كانت السياحة تُشغل أكثر من نصف مليون يد عاملة، وتساهم بأكثر من 8 في المائة من الدخل الوطني الخام"، يردف أستاذ الاقتصاد بطنجة.
في ظل هذا الوضع، سارعت الحكومة، الأسبوع الماضي، إلى إقرار مخطط استعجالي بقيمة 2 مليار درهم لدعم السياحة الوطنية ومهنيي القطاع بالخصوص.وفي بيان صحافي، أوضحت وزارة السياحة المغربية أن المخطط الاستعجالي لدعم القطاع السياحي، يهدف إلى إعطاء دفعة قوية لقطاع السياحة، من شأنها ضمان الإبقاء على الشركات، والمحافظة على مناصب الشغل وتجنب ضياعها، والاسترجاع التدريجي لعافية القطاع.
وبذلك، يستند المخطط على خمسة تدابير رئيسية؛ ضمنها تمديد صرف التعويض الجزافي المحدد في 2000 درهم خلال الربع الأول من سنة 2022 لفائدة مستخدمي القطاع السياحي والنقل السياحي والمطاعم المصنفة.وسيُؤجل أداء الاشتراكات المستحقة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (نظام الضمان الاجتماعي لفائدة المأجورين في القطاع الخاص) لمدة 6 أشهر لفائدة نفس هؤلاء المستخدمين، مع تأجيل آجال استحقاق القروض البنكية لمدة قد تصل إلى سنة، لفائدة أصحاب الفنادق وشركات النقل السياحي، بحيث ستقوم الدولة بدفع الفائدة المرحلية لمدة تعادل عدد أشهر التوقف عن النشاط خلال سنة 2021، وكذلك خلال الربع الأول من سنة 2022.
كما يرتقب أيضا إعفاء أصحاب الفنادق من الضريبة المهنية المستحقة خلال سنتي 2020 و2021، والتي ستقوم الدولة بدفعها، إضافة إلى منح دعم من الدولة لفائدة القطاع الفندقي بمبلغ 1 مليار درهم.ويتجلى الهدف من هذه المساهمة في دعم جهود الاستثمار (الصيانة، التجديد، التكوين) للفنادق التي ترغب في الاستعداد لاستئناف نشاطها بسرعة بمجرد إعادة فتح الحدود.
لكن حتى وإن أعيد فتح الحدود في القريب، فإننا "نتوقع أن يظل القطاع متوقفا لمدة سنة إضافية"، يقول الكاتب العام لفدرالية النقل السياحي، محمد بامنصور.
غير أن بامنصور، نوّه في حديث له، بهذه "الالتفاتة الحكومية للقطاع المتوقف منذ سنتين"، معتبرا أن "المخطط الاستعجالي يرجع فيه الفضل الكبير لتواصل الوزيرة التي فتحت الباب أمام جميع ممثلي القطاعات المهنية في السياحة؛ فكانت حوارات ومطالب، وخصص وقت كبير لهذا العمل".كما نبه الكاتب العام لفدرالية النقل السياحي، إلى أن "قطاع الفنادق كانت له حصة الأسد في هذا الدعم"، مُبديا "تخوفا بشأن تنزيل القرارات الحكومية الجديدة، خصوصا بعد تجربة سابقة مع عقد برنامج كان كفيلا بحماية القطاع، لكن لم تُنزّل بنوده".
ويرى المهني والخبير في قطاع السياحة، الزبير بوحوت، أن "الخطوة الحكومية لفائدة قطاع السياحة تظل دون مستوى تطلعات المهنيين في القطاع".وفي تصريح له، أوضح بوحوت أن "الإجراءات المتخذة لا تشمل كل المؤسسات والعاملين في القطاع السياحي، إلى جانب أن المبلغ المرصود يبقى ضعيفا جدا مقارنة مع ما يُدرّه هذا القطاع من مداخيل لفائدة خزينة الدولة".
وقال الباحث في القطاع السياحي: "2 مليار درهم ضعيفة بالمقارنة مع الانتظارات ومع الفرص التي يمكن أن تربحها السياحة المغربية، لو أن المغرب قرر فتح حدوده الجوية واستقبال السياح الأجانب".وبرّر ذات المصدر الأمر، لكون "السياحة الداخلية التي تمثل تقريبا 30 في المائة من حجم ليالي المبيت، غير أن الموارد التي توفرها تبقى ضعيفة مقارنة مع السياحة الأجنبية التي تشاهم بشكل كبير في انعاش الحركة الاقتصادية لجميع المؤسسات السياحية".
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك