الرياض ـ العرب اليوم
“تبوك حصن به عين، ونخيل، وحائط ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم” هذا ما ورد في عدد من كتب الجغرافيين المسلمين وبمعجم البلدان الأخرى عن رواية ياقوت نقلًا عن أبي زيد، متحدثين عن مكانة مدينة تبوك السعودية، وورد اسم تبوك تاريخيًا عندما كانت تُسمى “تباوا” بجغرافية ببطليموس، وعُرفت باسم تبوك قبل الغزوة الشهيرة “غزوة تبوك”، حينما قال النبي لأفراد الجيش عند اقترابهم منها: “إنكم ستأتون غداً إن شاء الله عين تبوك”.
تبوك.. علامة فارقة
تبوك الواقعة بالجزء الشمالي الغربي من المملكة العربية السعودية، وهي بوابة الشمال للمملكة التى تربطها ببلدان مثل مصر والأردن بمنافذ برية وبحرية، وتصل مساحتها إلى أكثر من 16 ألف كم2، فهي عبارة عن 5% من إجمالي مساحة البلاد، وتتميز تبوك بموقعها الاستراتيجي فهي تحظى منذ زمن وحتى الآن بدعم من القيادة السياسية، كما الحال لباقى مناطق المملكة. “تبوك هي الموضع الذي غزاه الرسول صلى الله عليه وسلم وفيها عين ماء كانت تبض بشيء من الماء حتى نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأ منها فجاءت بالماء المعين” جاء ذلك في رواية ابن بطوطة عن تبوك، حيث قال إن الرسول وجيش المسلمين نزلوا إلى مكانين قبل تبوك، وبدأوا من عقبة الصوان إلى الصحراء والتي يُقال لمن دخلها مفقود ومن يخرج منها مولود، وبعد مسيرة يومين نزلوا إلى حسين التى لا عمارة بها، ثم لوادي بلدح ولا ماء به، ثم إلى تبوك. كانت الأجواء شديدة الحرارة عندما قرر النبي التحرك نحو تبوك وكانت المسافة المقطوعة كبيرة، فغزوة تبوك الشهيرة كانت في السنة التاسعة من الهجرة، حيث قدم النبي صلى الله عليه وسلم بجيشه إلى مدينة تبوك، من أجل محاربة القبائل التي كانت تدين بديانة النصرانية، وتمتلئ بداخلها بالحقد للمسلمين، جيش النبي سمي وقتها بـ جيش العسرة، وبعد انتهاء الغزوة دخلت القبائل بمنطقة تبوك في الإسلام وتعاهدوا على طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم. نقطة تحول مصيرية في تاريخ الدعوة الإسلامية كانت هي غزوة تبوك، حيث أثبت النبي صلى الله عليه وسلم لكافة المسلمين، قدرتهم على المواجهة، مهما وصلت قدرة الخصم وقوته وصعوبة الوصول في ذلك الوقت، ومن بعدها تحولت تبوك لواحدة من أهم مناطق الدولة الإسلامية التى كانت تُنشأ في ذلك الوقت، وتحولت إلى منطقة حيوية للقوافل التجارية وقوافل المعتمرين والحجاج.
تبوك.. مناطق أثرية وتاريخية
تمتلئ مدينة تبوك بالعديد من المواقع التاريخية والأثرية الهامة التى يرجع تاريخها إلى عصور ما قبل الإسلام المختلفة، حيث تحتضن العديد من القرى التى تم بناؤها بالحجر البازلتي وهي مكونة من البيوت المتجاورة أو الحجرات التى يتوسطها مصلى صغير في بعض الحالات، وهناك العديد من المستطونات التى تم تسجيلها في المسوحات الأثرية وأبرزها مستوطنة أبو القزاز، ام قريات، المتقابل، أبو المروة، وتقترب تلك المستوطنات من محافظة الوجه. الكثير من القلاع الأثرية تملأ تبوك، وهو ما جلعها منطقة أثرية مميزة، وأبرزها قلعة تبوك التى تعد إحدى محطات طريق الحج الشامي، حيث يعود تاريخها إلى عهد سلطان القانوني والتى بُنيت في 967، وتم تجديد بنائها بعهد السلطان محمد الرابع، فيما تجددت مرة أخرى بعهد السلطان عبدالمجيد محمد، لتعاود التجديد في العهد السعودي لعمارتها ومن ثم شهدت ترميمًا من قبل وكالة الآثار بوزارة المعارف، وتقبع الآن في وسط مدينة تبوك، حيث استقبلت الحجاج في السابق وتحولت إلى واحدة من أهم معالم مدينة تبوك الأثرية. وفي عهد الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، بُنيت قلعة بمحافظة ضباء، من الحجر الجيري الأبيض، وتم بناؤها على تل ضخري مرتفع إطلالته المباشرة على البحر الأحمر، وتحفر تلك القلعة تاريخ البطل موحد الجزيرة الملك عبدالعزيز، وفي عصر السلطان أحمد بُنيت قلعة الزريب بالوجه، فيما كانت قلعة الأزنم في جنوب محافظة ضباء، التي أعيد بناؤها في عهد السلطان المملوكي قنصوة الغوري. وتحتضن منطقة الدريسة التي تبعد عن تبوك مسافة 180 كم تحتضن العديد من الوجهات النبطية غير المكتملة التي تم نحتها في الصخور، وتُرى بقايا جدران سكنية وتحولت تلك المنطقة إلى واحدة من أفضل المناطق السياحية في الوقت الحالي بتبوك، حيث جمال الجبال وازدهار الطبيعة والخضرة الساحرة.
تبوك .. بلد الـ19 مليون زهرة
تُعرف منطقة تبوك بأنها بلد الـ 19 مليون زهرة، حيث يخرج من باطنها سنويًا ما ينتظره محبو الورود في المملكة ومن خارجها أيضًا، حيث تجمع تبوك العديد من مظاهر الطبيعة الخلابة والمقومات الجغرافية الجاذبة، فتبدل الفصول الأربعة كل عام لا يؤثر على جمال وطبيعة تبوك الساحرة، وتحتضن تبوك من أهم معالمها السياحية جبلا ثلجيا يُشعر أهل تبوك بالشتاء الساحر. تبوك تحتضن العديد من الوديان الاستثنائية وأبرزها الوادي الأخضر الذي يعتبر مصبا للعديد من الأودية الأخرى، حيث يحاول الجميع التخييم على تلك الوديان على الأرجح في فصلي الشتاء والربيع، فيكون المكان مليئا بالسكون، أما في الصيف فيكون المكان مزارًا لهؤلاء الباحثين عن نسمة هواء تكسر حدة حرارة الجو، والمزيد من الهدوء والسكينة بعيدًا عن صخب المدينة. هضبة حسمى التى تبعد عن تبوك قرابة الـ 80 كلم، تعتبر الوجهة الأمثل للأسر السعودية والأجنبية التى تبحث عن الاسترخاء والهدوء في الفضاء الجميل، ويهبط بها هواة الرحلات البرية بالمنطقة، وتتميز تلك المنطقة بالرمال الطبقية القديمة، وتشهد اعتدالًا في أجوائها بفضل الصيف، وهذا لا يقلل من زيارة محافظة تيماء المليئة بالآثار والتاريخ العريق التي تحتوي على وجهة مثالية لعشاق المياه ورياضة الغوص على سواحل تصل إلى 700 كم. تبوك مؤخرًا شهدت نهضة عمرانية وحضارية على مستوى عالٍ، حيث تضاعفت فيها أعداد الفنادق والشقق الفندقية الفاخرة، فيما زادت أعداد الوافدين إليها عن طريق الجو عبر مطارها الجديد الذي لديه سعة لأكثر من 1.5 مليون راكب سنويًا، وذلك بحسب هيئة الطيران المدني، فهو خامس مطارات المملكة حركة ونشاطًا، وذلك عقب تشغيله لأول مرة في 2011.
تبوك.. أكلات شهيرة
الجريش: هي أكلة شهيرة في منطقة تبوك وباقي المملكة، وتتكون من قمح مطحون يتم طهوه بعد خلطه مع الماء، ويضاف إليه اللبن في بعض الأحيان المرقوق: يعتبر المرقوق من الأطعمة التى تشتهر بها تبوك، حيث يمكن تحضيره عن طريق طهي اللحم مع الخضار بالبصل والسمن معًا، وتُترك تلك المكونات لتنضج ثم تضاف إليها أقراص تم إعدادها من الطحين والماء، وتترك لتنضج جميعها ومن ثم تقديمها. فتة المقادم: واحدة من أشهر الأكلات الشعبية في منطقة تبوك وفي السعودية بشكل عام، وهي شربة المقادم، حيث يتم طهوها عن طريق سليق أرجل الخرفان، ويتم عمل منها مرقة المقادم بجانب الفتة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أهم وجهتين من صحراء تبوك إلى جبال أبها في "صيف تنفس"
أرسل تعليقك