دبي ـ العرب اليوم
تعتبر مدينة حتا التي يعود تاريخها للفترة ما بين (2000– 3000) عام، وكانت تسمى حينها بالحجرين، نسبة إلى الجبلين اللذين يحرسان حدودها الشمالية والجنوبية، من أبرز وجهات النحل، حالها حال بقية مدن دولة الإمارات، نظراً لما توفره هذه المدينة من معالم الجذب لها كالسهول والجبال وتنوع الأشجار واعتدال المناخ على مدار العام الناجم عن موقعها الجغرافي المرتفع على الخريطة، وكلها سمات جعلتها مكاناً ملائماً لتربية النحل، خصوصاً مع توفر العديد من المصادر الزهرية المتمثلة في شجرة السدر والغاف والسمر، وغيرها من أنواع الزهور.
وكان سكان دولة الإمارات يعملون على تربية النحل منذ القدم، وها هم اليوم يسير الأحفاد على خطى الأجداد بإعادة أمجاد تربية النحل الذي ذاع صيته على تاريخ وثقافة دولة الإمارات، ومن هؤلاء القائمين على حديقة عسل حتا التابعة لـ«مجموعة إيه إن إتش بي» التي تدير قاعدة كبيرة من الأصول تشمل محطات لإنتاج الملكات من سلالات محلية وعالمية وخلايا نحل، عبر إصرارهم وعزيمتهم على تحقيق نجاحات عدة في تربية النحل وإنتاج أفخم وأجود أنواع العسل الإماراتي في أول حديقة من نوعها على مستوى الشرق الأوسط وكأكبر منتج عسل النحل في دولة الإمارات، مساهمين من أرض مدينة حتا التابعة لإمارة دبي، ومن مساحة نحو 16 ألف متر مربع تقع بين الجبال والمزارع، بإنشاء وازدهار موطن طبيعي عبر قدرة إنتاجية للحديقة تتجاوز 20 طناً موسمياً، وإنتاج ما يزيد عن 140 طناً من العسل الطبيعي ذي الجودة العالية خلال السنوات الخمس الأخيرة، ومن على امتداد مساحة الحديقة، ومن 100 ألف نحلة ولأكثر من 3000 خلية نحل، حيث باتت الحديقة ليس مصدراً فقط لتوريد العسل لمنافذ البيع والأسواق المحلية، وإنما تمتد إلى 5 أسواق في المنطقة العربية تشمل السعودية والأردن وسلطنة عمان ومصر والسودان. وقال الشيخ سالم بن سلطان بن صقر القاسمي رئيس مجلس إدارة «مجموعة إيه إن إتش بي»، إن مهنة تربية النحل في دولة الإمارات تعد من المهن المزدهرة نتيجة للظروف المناخية الملائمة، وتوفر الزراعات على مختلف أنواعها، بما في ذلك النباتات الرعوية المتنوعة، فضلاً عن تميز البلاد بكثرة النباتات العطرية، وهي ميزة جعلت الإمارات من أهم الدول المنتجة للعسل ذي الجودة الرفيعة، باعتبار أن إنتاج العسل المميز يحتاج إلى بيئة ورعاية مناسبتين لطبيعته، وهو ما يتوفر في الدولة.
وأوضح القاسمي، أن لمهنة تربية النحل في الإمارات طريقتين متعارف عليهما، أولهما الطريقة التقليدية التي لا تكلف المربي تكلفة باهظة لأنه يعتمد على التقنيات القديمة التي ترتكز على إمكانية عيش النحل في تجاويف الشجر، لذلك صمم أجدادنا وآباؤنا عدّة أنواع من خلايا النحل، مثل خلايا النحل ذات الطراز القديم والتي يتمّ إعدادها من المواد البسيطة، والصناديق العادية، وجذوع الأشجار الجوفاء وغيرها، وثانيهما الطريقة العصرية التي تتطلب تكلفة باهظة، حيث تتم فيها تربية النحل بشكل سريع في بيوت خشبية أو بلاستيكية، مقارنة مع الطريقة التقليدية، فضلاً عن سهولة الكشف عن الخلايا للقيام بأعمال الانتقال والترحيل، وغيرها الكثير من الميزات.
3000 خلية نحل
وأوضح القاسمي، أن حديقة عسل حتا للنحل ومركز الاستكشاف تم إنشاؤهما عام 2018، كما تضم الحديقة أول محطة لتربية ملكات النحل ومركز التداوي بالنحل ومنتجاته في المنطقة، ويبلغ عدد خلايا النحل في داخل الحديقة 3000 خلية نحل، وذلك حسب موسم إنتاج العسل، ويتغذى النحل على أزهار أشجار السمر والسدر والغاف، وتنتج الحديقة أكثر من 20 طناً من العسل في الموسم الواحد في جميع مناحلها. ولفت إلى أن أحد مهام الحديقة الأساسية تتمثل في استدامة قطاع نحل العسل المحلي من خلال تطبيق الحلول المبتكرة له بما يضمن تعزيز قدرته وكفاءته الإنتاجية، بما يساهم في تحقيق أمن واستدامة الغذاء وضمان استمرارية سلاسل توريد الغذاء للسوق المحلي، مشيراً إلى أن تربية النحل عرفت داخل دولة الإمارات ومنطقة الخليج على مدار 4000 عام، باستخدام جذوع أشجار النخيل المجوفة كخلايا للنحل، كما أنها تعد تجارة تنتقل عادة عبر الأجيال.
وحول أهم أنواع العسل الذي ينتجه نحل الحديقة؟ أشار إلى أن أشهرها هو عسل السمر والسدر والغاف، لافتاً إلى أن حديقة حتا للعسل تمكنت خلال هذا العام من إنتاج نوعين جديدين من العسل محلياً، وهما عسل المانجروف وعسل الزهور البرية. وذكر أنه باعتبار حديقة ومركز استكشاف النحل في حتا تعد الذراع التعليمية لـ«مجموعة إيه إن إتش بي»، والتي تسعى إلى خلق تجربة بصرية ومادية فريدة تتضمن: متحفاً، منشأة لخط إنتاج وفرز العسل للزوار، ومركزاً تدريبياً، كذلك مركزاً للصحة والتداوي بالنحل ومنتجاته، كما تستهدف أيضاً التعاون مع المدارس والكليات والجامعات، من خلال تنظيم الزيارات والتوعية بأهمية تقديم العسل في الوجبات المدرسية، ناهيك عن البحوث في هذا المجال.
تقنيات برامج تعقب
وحول أحدث التقنيات التي ترتكز عليها الحديقة؟ أشار إلى استخدام أجهزة وبرامج تعقب الخلايا عن بُعد، والتي تتيح للعاملين الاطلاع على درجتي الحرارة والرطوبة داخل خلية النحل، كما تتيح الاطلاع على التغير الناجم عن وزن خلية النحل، وتمكن كذلك من رؤية وإبصار النحل عند دخوله إلى الخلية وخروجه منها، وذلك من خلال الكاميرات الموجودة في مركز عمليات الحديقة أو من خلال الهواتف النقالة. ولفت إلى أن الحديقة تعد بمثابة مركز تعليمي وتثقيفي، يتعرف الزائرون من خلالها على فنون تربية نحل العسل، ودور النحل وأهميته في البيئة وكيفية جمع العسل، وأهم الأشجار الإماراتية المنتجة للعسل كالسدر أو السمر والغاف، وكيفية تربية اليرقات منذ الصغر، إلى أن تصبح ملكة كبيرة في الخلية وطرق إنتاج الغذاء الملكي، وتثقيف الأجيال في مجال إدارة المناحل، والتعريف بالعسل وأنواعه وسلالاته، وصولاً إلى كيفية إنتاج العسل ومشتقاته.
قد يهمك ايضا:
10 أسباب ستجعلك تقرر زيارة الشارقة في الإمارات
الإمارات تعيد فتح المنافذ الجوية والبحرية مع قطر
أرسل تعليقك