يظهر مقطع الفيديو الذي انتشر في مارس 2018 مصعدا للتزلج وهو يدور حول نفسه، كما لو كان لعبة دوارة في الملاهي، ووجد بعض المتزلجين أنفسهم يطيرون من مقاعدهم، بينما حاول آخرون أن يتجنبوا نفس المصير عن طريق التحرك والانزلاق من مقاعدهم، وتعلقوا بأعلى المصعد خوفا على حياتهم حتى أصبحوا قريبين بما فيه الكفاية من الأرض ليقفزوا من المصعد ناجين من الحادث المرعب.
ومن المرجح أن هذا الحادث لم يجلب المرح للمشاركين فيه، غير أن هذا المقطع الذي تم تصويره في منتجع جودواري بجورجيا، أسهم في الترفيه عن ملايين المشاهدين على الإنترنت، كما بدا أنه أدى إلى زيادة أعداد الزوار للمنتجع.
ويقول جورج جوتزيريدزه "فجأة اكتشف الناس في مختلف أنحاء العالم أنه يمكن ممارسة رياضة التزلج في جورجيا، وانتهى الحال بأن يكون مقطع الفيديو المخيف وسيلة جيدة لتسويق المنتجع، ولكن يرجع السبب في ذلك إلى أنه لم يفارق أحد الحياة في الحادث".
ويعمل جوتزيريدزه مستشارا للحكومة الجورجية لشؤون بناء مناطق التزلج فيها، ويقول "بالطبع ألغى كثير من الأشخاص رحلاتهم لتمضية العطلات في الأسابيع التي تلت وقوع حادث المصعد، غير أن هذا الشتاء شهد زيادة نسبتها 30% في عدد الرواد مقارنة بالموسم الماضي"، وزاد عدد زوار المنتجع منذ 2011 بنسبة 578%.
وعند المقارنة بجبال الألب نجد أن منحدرات جودواري خاوية من الناحية العملية، خاصة في أوقات الصباح، وعندما تبدأ مصاعد التزلج في العمل في العاشرة صباحا فيمكنك أن تقطع المنحدرات الواسعة بمفردك، ومع كل مصعد تستخدمه يصبح المشهد أكثر مهابة فوق الغابات التي تتخلل الجبال، والأخاديد البيضاء وبحار السحب التي تقابل سلسلة جبال القوقاز.
ويقول سفن فولزر وهو مرشد نمساوي لتسلق الجبال يأتي إلى جودواري كل شتاء منذ عام 2012، إنه "لو كان هذا جبال الألب لشاهدت العديد من منتجعات التزلج في كل مكان".
ويقوم زبائنه وهم أساسا متزلجون مخضرمون من بلده النمسا بالحجز لديه، لكي يدلهم على المنحدرات ذات الثلوج العميقة، ويقول إن "المناظر المحيطة بالمكان تماثل مرتفعات الألب مثل مناطق سويسرا، والإمكانات التي يمكن أن تتاح في جودواري مذهلة".
وكان فولزر على متن المصعد الذي تعرض للحادث بعد أن أصيب بخلل، ويقول " يمكننا الآن أن نضحك عندما نتذكره، غير أنه في الواقع كان حادثا سيئا". وتوصل المحققون في أسباب الحادث بعد ذلك إلى أن التيار الكهربائي انقطع، ثم ارتكب موظف خطأ أثناء محاولته تشغيل المصعد أثناء التحويل إلى مولد كهربائي.
وتم منذ فترة طويلة إصلاح المصعد المزود بأربعة مقاعد، وفي أعلى محطة يمكنك التزلج هابطا إلى قمة هضبة "سادزلي وست" على ارتفاع 3276 مترا، حيث تبدأ المنحدرات السوداء اللون الوحيدة في جودواري.
ويتوجه معظم السياح من أوروبا الغربية الذين يقومون برحلات جوية لجورجيا إلى المنحدرات الشاسعة التي تعلو خط الأشجار، والتي تكسو معظمها عدة أمتار من الثلوج الناصعة، وحتى في العهد السوفيتي السابق كان يمكن للسياح القادمين من ألمانيا والنمسا وسويسرا ركوب طائرات الهليكوبتر الروسية لتوصيلهم إلى منحدرات الجليد العميقة.
وفي منتصف الثمانينات من القرن الماضي، تم من خلال مشروع مشترك مع مستثمر نمساوي بناء أول مصاعد للتزلج إلى جانب فندق ماركو بولو، والذي أصبح اليوم يحمل علامة الأربع نجوم ويحتوي على 123 غرفة وحوض للسباحة.
وعند أخذ استراحة من التزلج يجلس معظم زوار جودواري أمام المنصات الخشبية، التي تبيع النبيذ الممزوج بالتوابل والجعة وأرغفة خبز خاتشابوري المميز في جورجيا والمحشوة بأنواع من الأطعمة مثل البيض والأجبان، ويمكن رؤية خليط متنوع من الزوار من ليتوانيا وإستونيا وأوكرانيا وبولندا وبريطانيا، بخلاف العديد من الروس.
وداخل المصعد يشرح اثنان من الدنمارك يقيمان في دبي ويأتيان بشكل منتظم إلى جورجيا للتزلج، قائلين "بإمكاننا السفر جوا مباشرة إلى العاصمة الجورجية تبليسي في رحلة تستغرق ثلاث ساعات"، وبالنسبة للمهنيين الأوروبيين الذين يعملون في دول الخليج تعد منطقة القوقاز أكثر قربا من منطقة الألب وأقل سعرا.
ومع قدوم كثير من الزوار الجدد تزداد الطوابير امام المصاعد طولا، ومع الاحتفال بالذكرى رقم 30 لإنشاء منتجع جودواري الشتاء الماضي، تم إقامة منحدرات ومصاعد جديدة، واستثمرت الدولة 81 مليون لاري بما يوازي نحو 25 مليون يورو في هذه المشروعات.
ويمكن أن تستوعب المنحدرات 15 ألف من هواة الألعاب الرياضية الشتوية في اليوم، وفقا لما يقوله ألكسندر كيكابيدزه "40 عاما" رئيس شبكة مصاعد التزلج بالمنتجع، وفي حالة ازدحام المنحدرات فيمكن توسيعها بسهولة، ويوضح أن "جميع الجبال هنا بركانية"، وبالتالي تكون كل المنحدرات مستوية بما يسهل توسيعها.
قد يهمك أيضاً:
أرسل تعليقك