قد لا تعرف الكثير عن تنزانيا، تلك الدولة الأفريقية المليئة بالمفاجآت والسحر في جوانبها. ولكن ليست الطبيعة فقط هي التي تميز تلك البلاد وإنما شعبها أيضا. في الصباح الباكر، في الوقت الذي تضئ فيه أشعة الشمس سهول شمال تنزانيا، يمكنك أن ترى نساء قبيلة "هادزابي" في أثوابهن ذات الألوان المشرقة المصنوعة من جلود الظباء. إن رؤيتهن قد تعيدك إلى روح أفريقيا الحقيقية.
وقد عاش شعب "هادزابي" البدائي على هذه الأرض لعدة قرون، أما اليوم، فهناك فقط حوالي 1000 شخص باقون من القبيلة في أفريقيا، بعضهم استقر بالقرب من بحيرة إياسي، والبعض الآخر في قرية داخل محمية مويبا للحياة البرية.
من الناحية التاريخية، أهالي "هادزابي" تمت معاملتهم بشكل سيء، حيث جرت مطاردتهم وتهجيرهم خارج الأراضي من قبل الرعاة. كما أن المحفاظين على البيئة غير متعاطفين مع حياتهم البدوية التي تعتمد على الصيد. في "مويبا" تم عرض وسيلة بديلة لكسب العيش مثل تقاسم مهارات التخييم مع السياح الذين ليس لديهم فكرة عن كيفية البقاء على قيد الحياة في البرية.
ويمد سكان "هادزابي" السياح بالكثير من المعلومات المفيدة لهم في تلك الحياة البرية القاسية، مثل كيفية العثور على الماء "ابحث عن نبات ورقة البطيخ، ثم احفر"، علاج آلام المعدة "غلي جذور الكمثرى البرية"، وصنع القوس والسهم، وحتى إشعال النار باستخدام أعشاش الطيور القديمة.
أما "مويبا" فهي عالم مختلف تماما. تم تأجير 51 ألف فدان لصياد أميركي تحول إلى لإحدى مناصري الحفاظ على البيئة دان فريدكين، الذي استثمرت عائلته أكثر من 200 مليون جنيه استرليني لحماية أكثر من 6.1 مليون فدان في جميع أنحاء تنزانيا من البناء الجائر والصيادين. بالإقامة في تلك المحمية، كل نزيل من الـ16 يدفع 1250 جنيها استرلينيا في الليلة، ومنها يتم تمويل المدارس والعيادات ودوريات مكافحة الصيد غير المشروع والمجتمعات النائية مثل هادزابي. مشروع فريدكين مماثل لذلك الذي يديره بول تودور جونز في محميات "غروميتي" شمالا، ولكن 10 مرات أكبر.
المحمية تضاهي جمال "غروميتي" وتقع بين منطقة الحفظ "نغورونغورو"، و"بارك سيرينغيتي" الوطني ووادي الصدع العظيم، على بعد مسافة قصيرة بالسيارة من جميع مواقع التراث العالمي الثلاثة. بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان، تقوم الحيوانات بعملية الهجرة إلى السهول على بعد ساعتين فقط من المحمية، وفي موسم الجفاف يتتي الجواميس، والفيلة والزرافات والحمار الوحشي للشرب في الينابيع. كما يمكنك أن تشاهد مطاردة النمور في الليل ورؤية الطيور المحلقة المتوهجة بين الزهور في النهار، على الرغم من ارتفاع درجة الحرارة الشديدة في البلاد.
النزل مكون من 10 أجنحة، بني وسط صخور الغرانيت العملاقة من كوبجي، والذي صمم كي يمنحك ذلك الجو الاستوائي المحبب لأفريقيا، فضلا عن النحت على الأثاث الخشبي، والمصابيح النحاسية، إلى جانب وسائل الراحة من الحمامات البيضاء على شكل مناظر الغابات، الغرفة مكيفة الهواء، ويمكنك الاستحمام في الهواء الطلق. هذا غير وجبات الطعام الشهية والخمور المثيرة للإعجاب.
ملاك المكان من أصحاب المليارات أدركوا سوقهم جيدا، وهم المنفقون الأسخياء مثل جورج كلوني وأمل علم الدين الذين يريدون أن يروا أفريقيا مكانا أفضل من خلال المساهمة في الحفاظ على البيئة.
من جميع البلدان في أفريقيا، تنزانيا هي واحدة من أكثر البلاد شعبية لدى السياح، وذلك بسبب تنوعها، من ذروة أعلى جبل في "كليمنجارو" إلى أعمق أعماق بحيرة في أفريقيا "تنجانيقا"، من براري أكبر حديقة في "سيلوس" إلى أرضية أكبر كالديرا متواصلة في العالم.
نجورونغورو كريتر هي واحدة من أكثر المناطق التي يتم تصويرها في أفريقيا، حيث كالديرا البركانية التي تغطي أكثر من 100 ميل. كما يوجد الآلاف من المخلوقات التي تتجول هنا، من قطعان الضباع والأسود المتفاخرة، إلى أزواج من وحيد القرن المهددة بالانقراض. ويتوجه إليها نحو نصف مليون سائح سنويا، تقريبا كل منهم يدخل من بوابة الحديقة الجنوبية.
المرتفعات ليست فقط أول معسكر شبه دائم داخل منطقة الحفاظ في نجورونجورو، ولكنها أول معسكر في أي مكان بالقرب من بوابة ليمالا الشمالية. في يونيو/حزيران، مع بداية فصل الشتاء، لا تنخدع في الطقس الأفريقي، فمع انخفاض يبلغ 9 آلاف قدم، درجات الحرارة تقترب من الصفر، ولكن إشعال النار في الأخشاب ليلا وتناول الشاي على العروض الراقصة المثيرة قد تبقيك دافئًا.
أما قرية الماساي المجاورة فهي دائمة الاحتفال، حيث يرقص الرجال الملوحين بالرماح مع النساء اللاتي تولولن ويضعن أعقاد من الحبات حول أعناقهن، ويمنك أن ترشف المشروب محلي الصنع وأنت تشاهد ذلك. إن واحدة من أعظم الاثارة من السفر على متن طائرة صغيرة خلال تنزانيا (بلد بحجم فرنسا وألمانيا وسويسرا معا) هي أن ترى مدى تنوع البلاد. الرفرفه من أحدث مخيم في الشمال إلى جزيرة خاصة لملياردير في الجنوب، وترتفع فوق البحيرات المالحة وتحيط بها الصحراء. الحقول خليط من الغابات المهدبة. الصيادون في المراكب الشراعية يلقون الشباك بين أشجار القرم الساحلية؛ مع حركة المرور المزدحمة قليلا في دار السلام, حينما تتجه للجنوب، ترى عشرات من جزر المحيط الهندي الصغيرة، فضلا عن فندق "سيروليان" من الكوبالت العميق، قبل أن تهبط بين غابات أشجار جوز الهند في مافيا.
الجزيرة، التي كانت مركزا تجاريا للسنوات الـ2500 الماضية، تشبه قليلا زنزبار قبل مجيء السياحة الجماعية. كما تتدحرج سيارة الأجرة شمالا على طول الطريق المليء بالحفر والرمال، في حين تمر بمزارع جوز الهند المثالية، حقول الأرز الزمردية، أكواخ من قش النخيل التي تحيط بها الحدائق المليئة بالأزهار.
بعد نصف ساعة، على بعد أكثر من 10 أميال من البحار المتلاطمة، وصولا إلى جزيرة ثاندا، التي تحوي نزل الملياردير السويدي دان اولوفسون وزوجته كريستين. وجد الزوجان الجزيرة في عام 2006 عند البحث عن منزل على الشاطئ، وبعد مرور عشر سنوات من إنفاق المال الكثير والبيروقراطية، في يونيو، افتتحوا جزيرة خاصة من ثمانية هكتارات للتأجير.
وقاموا ببناء منزل فاخر على الشاطئ مع ملعب تنس، يعمل بالطاقة الشمسية من المزرعة ومحطة لتحلية المياه في جزيرة نائية مما كلفهم 5 مليون جنيه استرليني، وعرق وجهد المئات من الرجال. شيد من الخشب المطلي باللون الأبيض المستوحى من نزل "هيانيس بورت" لجاكلين كينيدي. وهو بيت من خمس غرف يشعرك كأنك في قصر في جنوب أفريقيا، إلى جانب مساحات الطراز الاسكندنافي البيضاء والزرقاء الأنيقة، فضلا عن الشرفات الواسعة التي تؤدي إلى حمام سباحة على جدران زجاجية طويلة، التي تم إنشاؤها وبالتالي فإن المالك يمكنه التمتع بمناظر الشاطئ أثناء السباحة تحت الماء. إنها حقا جنة ساحرة، والتي تحيي لديك ذلك الجو الأفريقي الدافئ والممتع.
أرسل تعليقك