القدس المحتلة-العرب اليوم
وسط الطبيعة الخلابة والأشجار المثمرة والأودية وعيون المياه العذبة يشق سياح محليون وأجانب طريقهم ليجتازوا مسافات طويلة مشيًا على الأقدام، لاكتشاف الأماكن الأثرية والتاريخية والثقافية والدينية في قرى شمال غربي القدس المحتلة، التي عزلها جدار الفصل العنصري، وجعلها قرى تُقاسي العزل والتهميش.
من بلدة بيت سوريك مرورًا ببلدة بدو، القبيبة، بيت عنان، وصولًا إلى قرية بيت دقو، يبدأ المسار السياحي بطول 11 كلم، بهدف التعرف على تراثها وهويتها وإبراز معاناة سكانها، عبر تشجيع السياحة المجتمعية، وجذب السياح إليها للاستمتاع بجمالها الطبيعي.
هذه الجولات السياحية تُنظم ضمن مشروع شبابي مقدسي، يحمل عنوان "شباب القدس.. سفراء التغيير"، الذي يهدف لإعادة ربط قرى شمال غربي القدس، مع المدينة المحتلة، من خلال جذب السياحة في تلك المناطق المنعزلة، وتعزيز الهوية الوطنية.
وينفذ المشروع بالشراكة مع اتحاد مسار فلسطين التراثي، جمعية الشبان المسيحية، جمعية الرؤيا الفلسطينيةPalvision" "، وشركة أفكار، بتمويل مشترك من الاتحاد الاوروبي ومكتب مساعدات الكنيسة الدنماركية والنرويجية.
السياحة المجتمعية
ويتحدث مدير المشروع في اتحاد مسار فلسطين عمار خير لوكالة "صفا" عن تفاصيل وفكرة المشروع، قائلًا إن الفكرة انطلقت من مدى أهمية الأماكن التي يستهدفها وما تعانيه من تهميش واضح بعدما عزلها جدار الفصل عن مدينة القدس، رغم موقعها الاستراتيجي وطبيعتها الخلابة.
ويوضح أن المشروع يستهدف قرى "بيت سوريك، بدو، القبيبة، بيت عنان، وبيت دقو"، بالإضافة إلى بلدتي العيزرية والطور والقدس القديمة.
ويهدف المشروع إلى تعزيز صمود المجتمعات المحلية في تلك القرى والبلدات، عن طريق تطوير السياحة المجتمعية من خلال تطوير مسار سياحي بطول 50 كم في مجتمعات القدس ليتم ربطه بمسار فلسطين التراثي، وكذلك بناء قدرات الشباب والنساء.
ويشير إلى أنه يتم من خلال المشروع تزويد النساء في تلك المجتمعات بالمعدات اللازمة لصناعة المنتجات الغذائية، ومنحهن تدريبات في التسويق والإدارة وغيرها، بالإضافة إلى تطوير قدرات الشباب على إدارة المسارات السياحية، بالشراكة مع البلديات أو المجلس القروي.
ويضيف أن المشروع يهدف أيضًا، لتعزيز الهوية الوطنية وربط القرى المنعزلة، وتحريك ودفع المجتمع المحلي نحو المشاركة والمساهمة لتحقيق حقوقهم الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، من خلال الزيارات والجولات السياحية.
ويهدف أيضًا إلى تنمية قدرة المجتمعات شرقي القدس على مواجهة المخاطر، وتعزيز سبل العيش الكريم لتصبح أكثر قدرة على الصمود مع الحفاظ على هويتها الفلسطينية.
ويتابع خير "قمنا بتطوير خمسة بيوت استضافة، وتأسيسها بكافة المحتويات، لتكون جاهزة لاستقبال السياح الأجانب والزوار الذين يرتادون الأماكن التي يستهدفها المشروع، ضمن جولات شهرية يُنظمها للتعرف على طبيعة هذه الأماكن وهويتها التاريخية والتراثية".
ومستقبلًا "سنعمل على الترويج للمشروع وخدماته في أوروبا من أجل تحسين وضع القرى المستهدفة اقتصاديًا وخلق فرص عمل، عبر الترويج للسياحة المجتمعية وتطويرها".
ويتم من خلال الجولات السياحية، كما يوضح خير، التعرف على المعالم التاريخية والأثرية، والنباتات والأشجار التي تمتاز بها هذه القرى المهمشة والغنية بالآثار العربية والمناظر الخلابة، التي تجذب السياح إليها.
ويشير إلى أنه خلال العام الجاري تم تنظيم جولة واحدة في العيزرية، وجولتين في البلدة القديمة وأخرى في الطور، بسبب وباء "كورونا"، وعدم سماح الاحتلال بإصدار تصاريح لزيارة تلك الأماكن، وخاصة البلدة القديمة والطور.
وبحسبه، فإن سلطات الاحتلال تفرض إجراءات وقيود على زيارة القدس القديمة والطور، بما فيها منع التصوير وفتح بيوت استضافة للزوار والسياح، وكذلك وضع اليافطات المتعلقة بالمشروع.
ويوضح أن الاتحاد يعمل على جمع الموروث التراثي، والروايات والقصص والمواقع الأثرية والتاريخية، ويوفر الخرائط والأدلة وكافة المعلومات المتعلقة بالمنطقة التي يتم زيارتها وإرشاد الزوار إليها.
تعزيز الهوية
وأما المنسق الميداني ضمن مسار فلسطين التراثي زيد الأزهري، فيقول لوكالة "صفا" إن الهدف من مشروع "شباب القدس.. سفراء التغيير"، ربط القرى التي فصلها الجدار بالمدينة المقدسة، كونها لم تحظى بالشهرة والاهتمام الكبير، مع أنها جزء لا يتجزأ من المدينة المحتلة.
ويوضح أنه من خلال المشروع، يتم تسليط الضوء على تاريخ تلك الأماكن وحضارتها وجغرافيتها وآثارها وقصصها، والتحديات التي تواجهها، وتثبيت هويتها المقدسية ووجودها الفلسطيني، كمناطق جميلة ذات جذب سياحي، وغنية بالآثار والمواقع الثقافية والدينية.
ويضيف "نحاول تعزيز حركة السياحة في قرى شمال غربي القدس، كونها مواقع مهمة تزخر بالمعالم التاريخية والدينية، بحيث يتم توفير كافة الخدمات للرواد، وتدريب الشبان ليكونوا أدلاء محليين يساعدوا في الجولات السياحية، وذلك بالتنسيق مع البلديات".
ويتابع الأزهري "نعمل على مجموعة من الأبحاث المتعلقة بجمع التراث والتاريخ، ناهيك عن تطوير المسارات والأماكن لتكون مقصدًا سياحيًا كاملًا".
قد يهمك ايضًا:
أرسل تعليقك