الرياض ـ العرب اليوم
يتطلّب البحث عن الأماكن الفريدة والنادرة بعض المعاناة والتعب للوصول إليها، وكذلك الحال عندما يرغب البعض في استكشاف الجمال بالمناظر الطبيعية، وفي المواقع صعبة المراس، التي لا يجيد التعامل معها إلا أبناء منطقتها الصغيرة... يكمن جمال ساحر، يسرق العقول والأنظار.في أحد الأودية التي تعد شقاً صخرياً بين جبال شامخة، تتدفق المياه وتنبت الحدائق معلقة في أعاليها، لكن الوصول إليها يتطلب مراعاة بعض التفاصيل؛ مثل المركبات رباعية الدفع، ثم اللياقة البدنية والرشاقة التي تمكن الزوار الراغبين في عبور الوادي من تسلق الصخور والسباحة في برك المياه، التي تمتلئ بأسماك يستخدمها كثيرون للعناية بالجسد، لتأكل الجلد الميت، حتى الوصول إلى عمق المكان، حيث الجمال البديع.«وادي لجب» في محافظة الريث بمنطقة جازان (جنوب السعودية)، تتميز بالطبيعة والتراث والثقافة الفريدة من نوعها، بجانب كثير من النباتات التي تُزرع بها.
ورصد الموقع إقبالاً كبيراً بانتظام الدخول إليه والخروج منه، للباحثين عن السياحة والمغامرة.يصل طول «وادي لجب» إلى نحو 15 كيلومتراً، وبارتفاع يتراوح بين 200 و600 متر، وفي هذه المسافة ينبت بين جوانبه الصخرية، مختلف الأشجار والنباتات، بجانب الشلالات التي تصبّ في جنبات الوادي وتنشر الرذاذ على العابرين. وفي باطن الوادي، يمكن مشاهدة الحدائق المعلقة على ارتفاعات مختلفة، حيث تنتشر في جنبات الوادي الأشجار بأشكال وأنواع متنوعة، ومنها أشجار عملاقة ومعمرة، يصل طولها إلى نحو 10 أمتار أو أكثر، كما تتشكل فيها طبقات صخرية متنوعة، تختلف في أشكالها واستخداماتها.
عن هذا الوادي، يقول فيصل الريثي، وهو دليل سياحي من محافظة الريث، إن يمين الصدع هو «جبل شقراء» ويساره «جبل القهر»، وبهما غابات ورسومات كثيرة متداخلة وبألوان مختلفة يصعب حصرها لحيوانات برية، وتصوير لأنشطة إنسانية من حروب وغزوات وغيرها، وآلات وأدوات مختلفة تصوّر حقبة ضاربة في عمق التاريخ، في دلالة على قدم الاستيطان، مشيراً إلى الأهمية التاريخية والثقافية للمكان، ويرى البعض أنّ الوادي كان ملتصقاً سابقاً، وكأن الجبال كانت كتلة واحدة.
ويروي الريثي، الذي يسعى من خلال مشروع له لإبراز الجوانب الثقافية والجغرافية والتاريخية للمنطقة، أنّ «كثيراً مما يرسم، كان بالمغر الأحمر (صبغة طينية) من عروق ملونة بالجبل، تُطحن صخورها ثم تُخلط أحياناً بمواد عضوية وأشجار كثيرة منها الشث والحدق. كما لا يزال يستخدم البعض في هذه المنطقة بعض الطرق التي تسمى «النداه» أي الدباغة الجلدية للحيوانات»، ويضيف الريثي: «بدأت أقلب هذه الرسومات لأرى أكثر من قصة مقارناً بما يرويه الآباء والأجداد»، كما يرى في المنطقة حقلاً خصباً لدراسات أنثروبولوجية وأثرية تكشف عن مزيد من الأسرار.ورغم وجود فرق تطوعية من أبناء المنطقة، يهبون لإنقاذ المصابين، في حال كانت هناك إصابات، فإن اللافت في ذلك هو الثقافة المتوارثة في نجدة المصابين، حيث يسارع أبناء المنطقة لإنقاذ المصاب وإخراجه من الوادي مع ترديد بعض الصيحات والعبارات التحفيزية، مثل: «صاح صياح من رأس الجبالي»، وهي تستخدم بجانب التحفيز نداءً للسكان لإنقاذ المصابين.
قد يهمك ايضا
ثلاث وزارات تزرع 200ألف شجرة في جبال جازان
أرسل تعليقك