لندن ـ كاتيا حداد
يتسابق العالم الآن بشكل رأسي، مع كل تلك ناطحات السحاب الجديدة التي تغطي سماء المدن الآن، فلقد بنت الولايات المتحدة أول هيكل من الصلب في عام 1885، وهو مبنى شركة التأمين الرئيسية في شيكاغو المكون من 10 طوابق، في حين كانت الاقتصادات الناشئة التي شكلت الصناعات في القرن ال21، ويُعد أطول برج قد أنجز في عام 2010، وهو برج خليفة في دبي الذي بنته إعمار العقارية، ويبلغ طوله 2722 قدم على 163 طابق، وسوف يتم تجاوزه من قبل الشركة ذاتها عن طريق ناطحة سحاب يصل ارتفاعها إلى ضعف ارتفاع برج خليفة.
وبرج المملكة العربية السعودية في مدينة جدة المطل على البحر الأحمر، سوف يتخطى طول البرجين حيث سيصل طوله إلى 3281 قدم، وقد تم توفر تمويل قدره 1.2 مليار دولار لإنهاء المرحلة الأخيرة من برج الأمير الوليد بن طلال الذي سوف يتجاوزه بـ 1 كم، والذي بالتأكيد سوف يحطم الرقم القياسي، لفترة، عند الانتهاء منه في عام 2020.
ويقول رئيس قسم الأبحاث الدولي للسافيلس يولاند بارنز : "لقد كانت المنافسة الأخيرة لبناء برج الأطول في العالم المقبل ظاهرة الاقتصادات الناشئة، حيث تهدف إلى وضع الأمة على الخريطة عن طريق استعراض الثروة الأكبر".وزاد عدد الأبراج التي بُنيت على مدى 350 قدم بنسبة 300 في المائة منذ عام 2000، وفقًا للوري كورنيش وداتا لوفت، لكن الفلسفة المعمارية والثقافية لأبراج ألفا في العالم أصبحت أكثر دقة، عندما يتعلق الأمر ببناء المنازل الشاهقة أنها لم تعد حول الحجم الهائل بل التطور، وسائل الراحة، والموقع، وقبل كل شيء، الإطلالات.
ويقول مدير في داليان واندا أكبر شركة تطوير عقاري في الصين تيم غوثورن: "إن تكون الأكبر ليست أولوية بعد الآن. لقد كان هناك انفجار في الأبراج الشاهقة على مدى الأعوام الـ 10 الماضية ولكن نوعية التشطيب لا تتناسب مع الحجم دائمًا، فينبغي أن يكون لديك سبب لتطوير مبنى عملاق، وليس فقط لأنك تستطيع ذلك".
فأفضل ناطحة سحاب في تلك اللحظة، هي التي تقع في 432 بارك أفينيو، أطول مبنى سكني في نيويورك ذات ارتفاع 1396 قدم، والتي توجه إطلالة ساحرة على مدينة مانهاتن، فالحياة بها تشبه الحياة في طائرة، وتتميز المعيشة بذلك البرج بالرفاهية التامة، حيث تشعر بأنك تعيش في مدينة متكاملة في مبنى واحد، حيث حمامات السباحة والمطاعم ومراكز الرياضة والسبا واليوغا، فضلاً عن التأثيث المبالغ في رفاهيته وبذخه مثل الثريات المتدلية والحوائط والأراضي الرخامية. تكلفة الإقامة به تتكلف من 4500-5500 ألف جنيه استرليني لكل قدم مربع.
إلى جانب أن هناك شركة أخرى ترغب في التغلب على تلك المرتفعات، وهي واندا، التي كشفت النقاب عن مجموعة عالمية جديدة، مكونة من أربعة أبراج تجمع فنادق حصرية مع منازل فخمة، وهذا يعني أن السكان يعيشون مع خدمة الغرف ومرافق من فئة الخمس نجوم. ويقول بارنز: "إن ترف اليوم يتلخص في الراحة القصوى، إنه عن وجود كل ما تحتاجه، تريده أو ترغب به على عتبة بابك، حتى لو كنت تعيش في الطابق الـ50".
شيكاغو فيستا، برج واندا الذي يبلغ ارتفاعه 1138 قدم على حافة بحيرة ميشيغان، يحتوي على غرفة للسكان فيها كبار الطهاة في المدينة والذي سيجرون دورات للطبخ. إلى جانب منتجع صحي وصالة ألعاب رياضية، وغرفة لتخزين النبيذ لأولئك الذين يملكون مجموعة واسعة منه.
كما أن هناك حوض سباحة في الهواء الطلق وحوض استحمام ساخن تحيط به كراسي باللون الكريميك من الخوص وحفر النار، فلا عجب أن القدم مربع به يتكلف 1100 دولار، وبمجرد الانتهاء منه في عام 2021، سيضم 406 شقة في أكثر من 93 طابقًا، وستباع الشقة ذات الثلاث غرف في الطابق ال35 مقابل 2.8 مليون دولار.
ولعل هناك قاسم بين كل هذه الناطاحات التي تنافس الطائرات في ارتفاعها، وهو الرفاهية والترف المفرط، الذي يوفر لأثرياء العالم الحياة التي قد يشترونها بأموالهم، ويعتقد ميشلان أن المزيد من الارتفاع سيعالج أزمة القدرة على تحمل التكاليف المتصاعدة في المدن المزدحمة، وهي المعادلة التي تعود بالذاكرة إلى القرن الماضي.
ومن الخمسينات إلى السبعينات كانت هناك طفرة في بناء الأبراج السكنية في بريطانيا، والتي أطلق عليها السياسيون اسم تقدم ما بعد الحرب، ونتيجة لهذه الموجة من البناء، يمكن الربط بين هذه الهياكل والسكن الاجتماعي في المدن الداخلية، ولكن الشكل المعماري نفسه ينبغي أن يكون للأثرياء، لأنها تكلف أكثر لبنائها، مما يعني أنها فقدت الهدف الذي كانت تبنى من أجله، وهو توفير الكثير من المساكن للمواطنين بأسعار معقولة.
أرسل تعليقك