بيروت - رياض شومان
حدَّد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري يوم الأربعاء في 23 نيسان / ابريل الجاري موعداً لجلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهي الأولى ضمن المهلة الدستورية المحددة بشهرين. و على الرغم من أن احداً لايتوقع ان يتم انتخاب الرئيس الجديد بهذه السرعة، استناداً الى استحقاقات سابقة كان آخرها تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام الذي استغرق عشرة أشهر، الا ان المثار دستورياً هو السؤال : هل يمكن لمجلس النواب أن يمارس مهمة التشريعة بعد 23 نيسان؟
فمن الناحية الاجرائية والدستورية أولاً، سارع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى توجيه الدعوة أمس في هذا الموعد بما ينسجم والمادة 73 من الدستور التي تنص على وجوب توجيهها ضمن مدة شهر على الاقل او شهرين على الاكثر قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، وقد بدا ذلك استجابة في شكل اساسي للنداءات التي دأب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على اطلاقها مستعجلاً عقد الجلسة الانتخابية، ولذا ابلغ بري البطريرك في اتصال هاتفي توجيهه الدعوة في هذا الموعد وتشاورا في ظروف الاستحقاق الرئاسي.
وأثار توجيه الدعوة غداة الجلسة التشريعية الاخيرة لمجلس النواب، التي كانت مخصصة للبحث في ملف سلسلة الرتب والرواتب، اشكالية محتملة حول تداخل الجلسات التشريعية والانتخابية باعتبار ان المادة 75 من الدستور تنص على ان المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة من دون مناقشة او اي عمل آخر. واثيرت هذه الناحية من منطلق ان مجلس النواب صوّت أول من أمس على تأليف لجنة نيابية - وزارية لاعادة درس ملف السلسلة حدّد لها مهلة اسبوعين لانجاز مهمتها، مما يقتضي العودة الى الهيئة العامة للمجلس في جلسة تشريعية جديدة لبت نتائج مهمة اللجنة.
غير ان الرئيس بري اكد الليلة الماضية ان "لا علاقة بين الموضوعين أبداً" بما يعني ان عقد الجلسة الانتخابية لا يمنع عقد الجلسات التشريعية. وافادت مصادر نيابية ان التشريع لا يجوز في الجلسة الانتخابية نفسها ولكن يمكن رئيس المجلس الدعوة في اي يوم لاحق الى جلسة تشريعية حتى بداية مهلة الايام العشرة الأخيرة من المهلة الدستورية.
ولاحقاً أيد وزير الاتصالات بطرس حرب رأي الرئيس بري وقال : "انا أؤيد الرئيس بري بأن المادة 73 من الدستور التي تحدد مدة شهر على الاقل او شهرين على الأكثر لالتئام مجلس النواب بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد لا تنص على عدم قيام المجلس بالتشريع، وبالتالي فإن التشريع والانتخاب واردان معاً حتى 15 أيار المقبل عندما يجتمع المجلس حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية كما تنص المادة 73 نفسها".
اما من الناحية السياسية، فان الانظار ستتجه في الاسبوع الفاصل عن موعد الجلسة الى حركة المشاورات العلنية والبعيدة عن الاضواء والتي ستتركز في الدرجة الاولى على تأمين نصاب الثلثين الالزامي لانعقاد الجلسة الانتخابية ومعرفة الاتجاهات الاولية للمرشحين المعلنين والمضمرين، علماً ان الترشيحات العلنية لا تزال مقتصرة على رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع وحده وإن يكن الدستور يخلو من آلية لاعلان الترشيحات.
وعلم أن رئيس حزب الكتائب الرئيس الاسبق للجمهورية أمين الجميل في وارد الترشح أيضاً، علما أن جعجع والجميل ضمن قوى 14 آذار المعارضة للحكم السوري ، وحتى الان لم تحسم هذه القوى موقفها من تسمية او تبني اي مرشح لها بعد.
تبقى الاشارة الى أن جعجع اعلن امس برنامجه للانتخابات الرئاسية في مؤتمر صحافي قال فيه انه "ليس هناك من دولة في العالم ترضى أن يقاسمها حزب أو تيار السلطة والقرار أو أن يكون قرارها خاضعا لسلطة وتأثير هذا الفريق أو ذاك". وقال: "لذلك لا تهاون ولا تساهل في مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة وتحت إمرتها".
وقال: "نريد دولة تحمي شعبها وتفرض الأمن متوازنة متكاملة في مؤسساتها وادائها خصوصا لجهة الفعالية والشفافية ومحاربة الفساد ".
وشدد على ضرورة إخضاع النظام القضائي اللبناني لإصلاحات جذرية. وقال: "لن أتساهل إطلاقا في مواجهة فساد بعض القضاة وزبائنيتهم". داعيا الى "ضرورة أن يلتزم لبنان التزاما تاما بإلغاء عقوبة الإعدام ومعالجة وضع السجون، وتنقية عمل بعض الأجهزة الأمنية والعسكرية من الشوائب"، مشدداً أيضاً على ان أي إصلاح إقتصادي يتمثل بإعادة الأمن والإستقرار وإنتظام عمل المؤسسات الدستورية، مشيرا الى ان التحدي الأول أمامنا اليوم يكمن في إطلاق دورة النمو وخلق فرص عمل لإستيعاب طاقات الشباب اللبناني ووقف نزيف الهجرة والتخلص من آفات البطالة والفقر".
أرسل تعليقك