الملك عبد الله ملك الأردن والملك محمد السادس ملك المغرب في عمان خلال الشهر الماضي
لندن ـ سليم كرم
أكد محللون سياسيون، أن الانتخابات البرلمانية التي يشهدها الأردن، الأربعاء، تستحق المتابعة بعناية على عكس أي انتخابات أخرى في الدول العربية الملكية، وأن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني يواجه ما يُسمى بـ"ورطة الملك" والتي تتمثل في كيفية السماح بانفتاح في نظام الحكم من دون التخلي عن سلطاته أو التعرض
للمساءلة، وذلك بتشجيعه على التغيير في مواجهة شكوك المعارضة والمقاطعة الجزئية للانتخابات.
وقالت صحيفة "غارديان" البريطانية، " نادرًا ما يكون للانتخابات التي تجري في الدول العربية الملكية أي تأثير، إلا أن الانتخابات الجديدة التي ستشهدها المملكة الأردنية الأربعاء، تستحق المتابعة بعناية في المنطقة العربية والعالم من حولها، وأن الملك عبد الله يواجه ما يسمى بـ(ورطة الملك)، وهي العبارة التي رددها الكاتب والباحث الأكاديمي الأميركي الراحل صمويل هنتنغتون، وذلك بتشجيعه على التغيير رغم شكوك المعارضة الأردنية ومقاطعتها الجزئية للانتخابات، ودعوته إلى إجراء الانتخابات البرلمانية قبل موعدها، لأنه يرغب في حكومة تتمتع باستقرار برلماني وأحزاب سياسية تدعمها، كخطوة احترازية لتلافي الاضطرابات التي شهدها عامين منذ الربيع العربي، إلا أن كافة المؤشرات تقول بأن مسار هذه العملية سيكون طويلاً ووعرًا".
وأضافت "غارديان" أنه "مما يبعث على الإحباط بالنسبة للمملكة الهاشمية، أن (جبهة العمل الإسلامي) المعارضة، وحركة الحراك الاحتجاجية وثلاثة من الأحزاب الصغيرة، قررت مقاطعة الانتخابات، التي وصفوها بأنها وسيلة للتحايل، الهدف منها تهدئة مخاوف الدول الغربية المساندة للمملكة، ونزع فتيل الغضب حول الأزمة الاقتصادية والفساد، في وقت تتزايد فيه الأمال نحو التغيير، ويتفق عدد من الخبراء المستقلين في الخارج مع هذا الرأي، حيث يتنبأ المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية بأن الانتخابات ستكون بمثابة حيلة غير ناجحة لن تسفر سوى عن ترسيخ الفجوة الشرعية المتنامية".
وقال المدون نسيم طروانة، إن "الإصلاح ظل على أجندة أولويات الأردن منذ العام 1989، إلا أنها تتسم بالبطء الشديد إلى درجة يمكن قياسها بالمرحلة الزمنية التي شهدت تطور البشرية على مدار التاريخ، فقد اهتز الأردن كثيرًا بالإضطرابات التي تشهدها المنطقة من حوله، ولكنه لا يزال قادرًا على تحمل الصعوبات التي تكتنف تلك الاضطرابات، كما أن انتقاد الملك علنًا الذي كان يومًا ما من المحرمات ولايزال ينطوي على مخاطر، قد وجد متنفسًا على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن القمع والكبت لايزال معتدلاً مقارنة بالمعايير الإقليمية، ولم يتعرض أحد للقتل على يد السلطات بسبب التظاهر على عكس ما حدث في سورية أو الإقليم الشرقي في المملكة العربية السعودية".
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن "الاقتصاد الأردني قد وصل إلى نقطة الضعف الخطيرة، حيث تسببت الهجمات على خطوط الغاز الممتدة من مصر في اضطرار الحكومة لاستيراد وقود النفط العراقي الذي يكلفها خمسة ملايين دولار يوميًا، الأمر الذي يصل بالعجز إلى الخط الأحمر، أضف إلى ذلك فإن إمكان الحصول على قرض مقداره 2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي يتطلب خفض الدعم على غاز الطبخ والبترول، كما أن ارتفاع الأسعار خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي قد تسببت في الاحتجاجات العنيفة التي أسفرت عن مقتل ثلاثة أفراد"، مضيفة أن "الخط الرسمي في عمّان يقول إن هناك رؤية أردنية لكيفية تحقيق تقدم تدرجي نحو الديمقراطية، مع الحفاظ على الملكية التي لاتزالت تحظى بشعبية واسعة النطاق في البلاد، ولا يوجد أي فرد بأي حال من الأحوال يدعو إلى الإطاحة بالملكية، أما الإصلاحات الدستورية على مدار العام الماضي، فقد أعطت المزيد من الصلاحيات إلى مجلس النواب التي تمنحه حرية أكبر في وضع التشريعات والقيام بدور أكبر في الرقابة على أداء الحكومة، وللمرة الأولى يعد الملك باستشارة البرلمان قبل تعيين رئيس الوزراء، وذلك على الرغم من أن سلطات الملك لاتزال تسمح له بإقالته كما فعل من قبل ثلاث مرات على مدار العامين الماضيين".
وأوضحت "غارديان" أن "قانون الانتخابات الجديد سيظل مثيرًا للجدل، لأنه يصب في مصلحة النخبة الموالية لشرق الأردن، كما أن الدوائر الانتخابية تم توزيعها على ينحو يناهض الأحزاب التي تستند على أسس قومية أو عقائدية وضد الفلسطينيين، أما تشكيل البرلمان الجديد مثله مثل البرلمان السابق السيء السمعة، يتطلع إلى أن يهيمن عليه المرشحين المستقلين، وانتخاب أفراد على أساس أسمائهم وقبيلتهم وليس على أساس خبراتهم وسياساتهم، ويدير اللجنة الانتخابية المستقلة وزير الخارجية الأسبق عبد الله الخطيب، وهذا في حد ذاته تقدم لا شك فيه بعد سحب الإشراف من وزارة الداخلية لمنع تكرار تدخل المخابرات كما حدث في الانتخابات السابقة".
ورأى المحللون أن النظام السياسي الأردني يتشابه مع نظام الكويت والمغرب حيث يتواجد برلمان، كما أن الحاكم فيها يواجه ما يسمى "بورطة الملك"، وهي العبارة التي يرددها صمويل هنتنغتون والتي تتمثل في كيفية السماح بانفتاح في نظام الحكم من دون التخلي عن سلطاته أو التعرض للمساءلة، ويحظى الأردن والمغرب بدعم الملكيات الثرية في الخليج، وفي الأردن يرفض المسؤولون في الحكومة، حرمانها من المديح على ما تنجزه من إصلاحات، كما أن المعارضة ترفض أن تكون العملية الديمقراطية مجرد عملية تجميل للنظام، إلا أن ما حدث ويحدث في سورية ومصر وتونس قد أثر كثيرًا على الطرفين"، موضحين أن "معدل المشاركة في الانتخابات وكذلك عدالتها التي سيشرف عليها مراقبون أجانب مستقلين سيكون له تأثيره على العملية الانتخابية، إلا أن ما ستسفر عنه من اختيارات لن يغير من المشهد السياسي في الأردن بالسرعة نفسها التي تحدث في المنطقة من حولها".
أرسل تعليقك