صورة من انفجار الضاحية الجنوبية
بيروت – جورج شاهين
خطف السيارة المفخخة في الرويس في قلب الضاحية الجنوبية الأضواء وطوى بعض الملفات السياسية والحكومية الأخرى وسارعت المراجع السياسية والأمنية إلى تطويق ذيول الجريمة والوقوف على خلفياتها في ظل السيناريوهات المتعددة التي انتجتها في توقيتها وشكلها ومضمونها والأهداف المحتملة
لها فحلت سلسلة من السيناريوهات المقنعة على مساحة البحث في الكثير من الإتجاهات الإقليمية والعربية والدولية كما الداخلية منها كآخر الخيارات المطروحة.
وقالت مصادر واسعة الإطلاع لـ "العرب اليوم" إن المناقشات الجارية في أكثر من موقع أمني وسياسي أبقت الدوافع الداخلية لدى مجموعة صغيرة من اللبنانيين تسعى إلى الإفادة من العملية لاستخدامها في الإطار الداخلي وهي أمور لا يمكن احتسابها بأي شكل من الأشكال في ميزان العوارض الأمنية والسياسية لما يجري في سورية، بالإضافة إلى النتائج المترتبة على اعتراف حزب الله بعملية اللبونة والكشف عن تفاصيلها بالشكل الذي عبر عنه الأمين العام للحزب قبل أيام وصولاً إلى تداعيات تورطه في العمليات العسكرية في سورية.
وعلى هذه الخلفيات بوشرت التحقيقات في مجالات تقنية وجنائية محددة، وقالت مصادر أمنية ان الحديث عن نتائج فحوصات الـ "دي آن آي" قبل ظهر السبت المقبل ضرب من الخيال واستباق للتحقيقات الجارية حول هوية الأشلاء التي عثر عليها في مكان الانفجار والتي ستبقى نتائجها رهن بجمع نتائج الفحوصات التي أجريت على باقي الضحايا والمصابين وأهالي المفقودين قبل البحث في هوية أصحابها وخصوصا أن هناك 14 جثة مجهولة الهوية إلى ما بعد ظهر الجمعة، وتحديد النتائج المترتبة على كونه من الضحايا أو منفذ الجريمة وشتان بين الأمرين. كما بالنسبة إلى التثبت من كونه انتحارياً أونه كان مسيراً فتم تفجيره عن بعد.
وعلى هذه الخلفيات لم تتوضح بعد الكثير من المعطيات التي يمكن أن تقود إلى تحديد الظروف التي رافقت العملية وتحديد الجهات التي يمكن أن تكون وراءها قبل بلوغ التحقيقات مراحل متقدمة وبعدما تكون المعطيات قد حسمت الخيارات المطروحة على أكثر من مستوى.
ولفتت المصادر إلى أن البحث عن دور إسرائيلي في العملية لا يمكن تجاهله وأن الحجم الذي أعطاه حزب الله لعملية اللبونة التي كمن فيها حزب الله لمجموعة إسرائيلية توغلت 400 متر في الأراضي اللبنانية، وفجرت فيها عبوة ناسفة قبل أسبوعين وتخصيصه بجزء كبير من حديث السيد حسن نصرالله يمكن أن يبرر أو أن يكون سبباً في رد فعل إسرائيلي سريع وقوي ولذلك قد يكون تم اختيار حشد بشري لتنفيذ العملية هو الممكن في اللحظة الحالية، باعتبار أن الوقت لم يكن ليسمح بعملية موضعية تستهدف مسؤولاً في الحزب أو غير هدف شامل يؤدي إلى توجيه رسالة مدوية إلى مجتمع بأكمله وليس لشخصية معينة أو قيادي في الحزب.
وإذا ثبت أنها من تداعيات الحرب الدائرة في سورية ورداً على الدور الذي يقوم به حزب الله هناك، فإن العملية لن تقف عند هذه الحدود وقد تكون بداية لمسلسل رهيب سيضرب الضاحية الجنوبية سعياً إلى نوع من الشقاق بين أهلها وقيادة الحزب وهو أمر لم تسقطه التحقيقات من حساباتها في ظل المعطيات التي يمكن أن تعكس وجود مخطط يستنسخ مما يجري في سورية وما جرى في العراق من قبل على طريق الفتنة السنية – الشيعية.
وعليه حذرت المصادر من اعتبار الضاحية باعتبارها "مربعاً أمنيا لحزب الله" وحده مستهدف في البلاد، فهناك ساحات أخرى مرشحة لتكون هدفا لمثل هذه العمليات. وحذرت من أن تكون عملية تستدرج عمليات أخرى في "مجمعات مذهبية وطائفية" لبنانية من صنف آخر في محاولة لإستدراج اللبنانيين الى نوع من الفتنة تقودهم الى حيث هدف مفجرو السيارة فتكون هذه العملية سببا لجر مناطق أخرى الى آتون الصراع المذهبي رغم الصعوبات التي يمكن مواجهتها وخصوصا إذا ما بقيت الساحة محكومة بالهدؤ المرغوب به اقليميا ودوليا بحيث ستبقى الساحة اللبنانية بمنأى عن الفعل وردات الفعل المنتظرة.
وفي هذه الأجواء عكست الدعوة الى إجتماع للمجلس الأعلى للدفاع حجم تقدير وحجم المخاطر التي ولدتها العملية كما رآها رئيس الجمهورية الذي الغى زيارة كانت مقررة الى الديمان اليوم معتبرا ان هذا الحوار بين اللبنانيين، هو الطريقة الأقصر الأقرب لمواجهة الهواجس الأمنية التي بلغت الذروة وبعدما سقطت نظرية الأمن الذاتي وبأن هناك قناعة بان الأمن قرار سياسي قبل كل شيء، و لتطويق نتائجها قبل ان يستدرج اللبنانيون الى حيث لا يجب ان ان يكونوا.
وعليه فقد بقيت المناقشات التي جرت في الإجتماع الذي انعقد قبل ظهر اليوم سرية للغاية وتقصد عديدون عدم الإشارة اليها لا من قريب ولا من بعيد. و أجرى الرئيس سعد الحريري اليوم أتصالا برئيس مجلس النواب نبيه بري الموجود خارج لبنان في إجازة خاصة منذ الإثنين الماضي وسط توقعات توحي بانه باق هناك حتى مطلع الأسبوع المقبل. وقد تم خلاله التداول في جريمة التفجير الارهابي التي استهدفت المواطنين الابرياء في الضاحية الجنوبية امس.
وقد عبر الرئيس الحريري خلال المكالمة عن تعازيه الحارة للرئيس بري ولاهالي ولعائلات الضحايا الذين سقطوا، مشددا على أهمية تضافر الجهود في سبيل درء المخاطر التي تتهدد لبنان والعمل على معالجة اسباب الاحتقان السائد وعقلنة الخطاب السياسي في مواجهة الاوضاع الدقيقة التي تمر بها البلاد.
الى ذلك عم الحداد مختلف المناطق اللبنانية وبيروت والمناطق الجنوبية على شهداء وضحايا انفجار الرويس بناء على مذكرة صادرة عن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وتوقف العمل في المؤسسات الرسمية والخاصة ونكست الأعلام اللبنانية على سراي صيدا وعلى سرايات لبنان والمقار الأمنية كافة وألغيت كافة النشاطات والاحتفالات التي كانت مقررة اليوم في الجنوب بعدما تبين أن للجنوب حصة كبيرة.
وحول ردات الفعل والمظاهر المستهجنة التي شهدتها أحياء طرابلسية وأخرى صيداوية عمت أجواء الإستنكار المنطقتين وخصوصا عندما سارعت وسائل الإعلام الى تصويرها على انها من "باب الشماتة" بمما جرى في الرويس. ولذلك فقد تسارعت الإتصالات السياسية لتطويق ردات الفعل على هذه المظاهر المستنكرة.
وفي هذه الأجواء بلغ مصدر فلسطيني في مخيم عين الحلوة "العرب اليوم" أن إطلاق النار الذي حصل في المخيم عقب انفجار الضاحية مساء الخميس هو عمل مدان والذي اقدم عليه هم عناصر من جند الشام وفتح الإسلام الذين يرتبطون بأجندات غير الأجندة الفلسطينية واننا كفصائل فلسطينية ندين هذا العمل من إطلاق النار الابتهاجي لانه لا يمت إلى اخلاقنا وتقاليدنا انما هو فعل مستنكر لاننا لا نريد زج المخيم بأي شأن لبناني كما أننا نستنكر هذا الانفجار المروع والمدان.
أرسل تعليقك