الجيش التونسي يُحاصر مجموعة متطرفة في الجبال المتاخمة للحدود الجزائرية
تونس ـ أزهار الجربوعي
قصف الجيش التونسي جبال الشعانبي المتاخمة للحدود الجزائرية بالطيران الحربي، وذلك في إطار حملات التمشيط التي يشنها منذ 3 أيام بحثًا عن المجموعة الإرهابية التي قتلت 8عسكريين، الاثنين، الماضي، معلناً اعتقال 2 من المتطرفين من المتشبه فيهم، ودعت وزارة الدفاع التونسية إلى اليقظة والابتعاد عن
المزايدات وحملات التشكيك في المؤسسة العسكرية، مشيدةً بالالتفاف الشعبي حول الجيش، في حين أغلقت الجزائر معابرها الحدودية مع تونس على طول الشريط الموازي لمحافظة جندوبة.
وانطلق سلاح الجو التابع للجيش الوطني التونسي ،الجمعة، في تنفيذ عمليات قصف جوي كثيف عبر الطيران الحربي على معاقل يُشتبه في إيوائها لعناصر إرهابية متطرفة في جبل الشعانبي من محافظة القصرين، وسط غرب البلاد، وذلك بالتوازي مع قصف بري لمنطقتي بئر أولاد نصر الله ورأس الثور، بعد الكشف عن إيوائها لأكثر من 40 متشدّدًا.
و نقلاً عن مصادر عسكرية فإن حملات التمشيط والقصف الجوي ستدوم ثلاثة أيام متتالية، بهدف تضييق الخناق على المجموعة الإرهابية وإلقاء القبض على عناصرها.
وتمكنت وحدات الأمن من إلقاء القبض على شخصين في منطقة البريقة قرب جبل الشعانبي في محافظة القصرين ليلة الخميس، يشتبه في تورطهم مع جماعة إرهابية، وذلك على إثر عملية مداهمة لأحد المساجد في منطقة حي الزهور في مدينة القصرين واعتقال أشخاص من المحسوبين على التيار السلفي المتشدّد، يشتبه في انتمائهم للمجموعة المسلحة المتحصنة في مرتفعات الشعانبي، والتي أقدمت الاثنين الماضي على قتل 8 عسكريين تونسيين في كمين رميًا بالرصاص بينهم 3 تم ذبحهم وتجريدهم من ملابسهم وأسلحتهم والتنكيل بهم بصورة وحشية.
وفيما تواصل التعزيزات الأمنية والعسكرية التوافد على المنطقة، تستمر الاشتباكات بين الجيش وعناصر متطرفة في منطقة قريبة من القصرين قرب جبل الشعانبي بعد أن شدّد الجيش حصاره على هذه المجموعة خلال مواجهات ليلة الخميس.
وأفاد مصدر عسكري، أن المعارك تدور في منطقة تبعد 16 كلم عن محافظة القصرين، وسط غرب تونس، وبالقرب من جبل الشعانبي على خطوط التماس مع الجزائر، حيث أعلنت الحكومة التونسية اكتشاف كتيبة"عقبة ابن نافع" المتصلة بتنظيم القاعدة والتي تلاحقها منذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وأفاد الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع التونسية، العميد توفيق الرحموني، أن حصيلة عملية التمشيط لم تُضبط بعد بصفة نهائية، مشددًا أن تفاصيل العملية ونتائجها محاطة بسرية تامة لضمان نجاحها، مشيرًا أنه سيتم الإعلان عن النتائج فور انتهاء العمليات العسكرية على الميدان.
ومواصلة لنسق عملياتها الأمنية التي رفعت أعلى درجات الاستنفار، اعتقلت فرق اﻟﺤﺮس اﻟﻮطﻨﻲ في مدينة باردو، وسط العاصمة التونسية، شخصًا يرتدي ﺑﺬﻟﺔ ﻋﺴﻜﺮﯾﺔ ﻛﺎن ﯾﻨﺘﺤﻞ ﺻﻔﺔ وﻛﯿﻞ أول في اﻟﺠﯿﺶ اﻟﻮطﻨﻲ، وذلك في أﺣﺪ ﻣﺪاﺧﻞ ﺳﺎﺣﺔ المجلس التأسيسي التي يعتصم بها العشرات، مطالبين بإسقاط حكم الإسلاميين في تونس.
وﻗﺎﻣﺖ اﻟﻮﺣﺪات اﻷﻣﻨﯿﺔ ﺑﺘﺤﻮﯾﻞ ھﺬا اﻟﺸﺨﺺ إﻟﻰ ﻣركز اﻷﻣﻦ في ﺒﺎردو وﺑﺎﻟﺘﺤﻘﯿﻖ معه ﺗﺒﯿّﻦ أنه ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘّﺶ ﻋﻨﮭﻢ ومن المتورطين في عدة جرائم.
من جانبه، قال وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو، إن أجهزة الأمن توصلت إلى التعرف على مجموعة الشعانبي وكشف هويات جميع عناصرها، وهم تونسيون وجزائريون ينتمون لخلية "عقبة بن نافع" التابعة لما يسمى بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، معتبرًا أن "اجتثاثهم مسألة وقت لا غير".
وتعقيبًا على المسيرات الشعبية والحملات التضامنية الداعمة لقوى الجيش التونسي الذي فقد 8 من جنوده في مواجهة الإرهاب، أصدرت وزارة الدفاع بيانًا قالت فيه إنها "سجلت باعتزاز مظاهر التضامن مع الجيش الوطني ومساندته من طرف مختلف الشرائح الاجتماعية ومكونات المجتمع المدني"، وهو ما اعتبرته "ترجمة للنضج والوعي العميق بالمخاطر التي تهدد أمن تونس والتفاعل المسؤول الذي أظهره المجتمع بأسره في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة".
وقالت وزارة الدفاع أن "هذا الالتفاف التلقائي حول الجيش الوطني المتكون من أبناء الشعب، يجسم الروح الوطنية في أسمى معانيها. وهو ما من شأنه أن يعزز دوره في الذود عن حرمة الوطن وحماية مؤسساته، ومكاسبه، وصيانة النظام الجمهوري، ومجابهة كل التهديدات الداخلية والخارجية، كما من شأنه أن يزيده إصرارًا، وقوة، وعزمًا على مواصلة تسخير طاقاته لتجسيم متطلبات هذه المرحلة الانتقالية الدقيقة، بعد أن اضطلع بدور كبير في تأمين نجاح مسار الفترة الأولى لثورة "14 جانفي" (كانون الثاني/يناير) 2011.
ودعت وزارة الدفاع التونسيين إلى ملازمة اليقظة والابتعاد عن حملات التشكيك والمزايدات والعمل على استثمار معاني الوطنية الصادقة ووضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار لإنجاح الانتقال الديمقراطي ودعم مناعة الوطن، مشددةً على أن المؤسسة العسكرية منذ انبعاثها ظلت ولا تزال، مؤسسة جمهورية في جوهرها ومبادئها وعقيدتها وملتزمة بالحياد التام بعيدة عن التجاذبات السياسية وعلى المسافة نفسها من الأحزاب السياسية كلها.
وحذّر خبراء الأمن والمحللون في تونس، من إمكان مرور الإرهابيين إلى مرحلة القتل الجماعي، موجهين نداءات باليقظة خلال فترة الأعياد وإلى الساحات التي يتمركز بها المئات من المعتصمين سواء من المطالبين بإسقاط حكم الإسلاميين أو الداعمين للشرعية في تونس، وهو ما يمكن أن تعتبره الجماعات المتطرفة فضاءات لأهدافها المقبلة، وبخاصة بعد أن خرجت هذه العناصر من طور الانكماش والعمل السري والتدريبات وجمع الأسلحة والذخيرة، لتدشن حقبة الهجوم والاغتيالات واستهداف عناصر الجيش والمقرات الأمنية.
وفي سياق متصل، سارعت الجزائر بتعزيز أمن حدودها، عقب عملية اغتيال العسكريين التونسيين، وبادرت باتخاذ مخططات أمنية لمنع أي محاولات تسلل المتطرفين، وقررت غلق المعابر الحدودية بين تونس والجزائر على الخط الحدودي المشترك مع محافظة جندوبة التونسية، فيما لم يسمح بعبور غير حاملي الجنسية الجزائرية.
ويرجح أن تكون السلطات الجزائرية، اتخذت هذا القرار بعد أن اعتقلت نظيرتها التونسية مواطنًا جزائريًا بحوزته قطع سلاح من بينها رشاش، الخميس، كان ينوي العبور بها إلى الجزائر عبر محافظة جندوبة شمال تونس.
وفيما شنّ الجيش التونسي، فجر الجمعة، هجومًا استهدف مجموعة متطرفة في الجبال المتاخمة للحدود الجزائرية، وحسبما كشف مصدر أمني تونسي، أن العملية ستتواصل لمطاردة مجموعة متطرفة كبيرة، يبلغ عددها 30 مسلحًا، وهي المنطقة التي شهدت مقتل 8 عسكريين تونسيين، أكد فيه وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية، الخميس، أن الجيش عزز من إمكاناته وقدراته على الحدود الشرقية، بسبب ما تعيشه تونس من اضطرابات.
وجدد وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية، في تصريح صحافي من تيارت خلال الزيارة الميدانية التي قادها إلى الوزير الأول عبد المالك سلال، عزم الجزائر على مواصلة محاربة الإرهاب، مؤكدًا أن "الجيش عزز موارده وقدراته في الحدود الشرقية للبلاد، بسبب المشاكل التي تعاني منها تونس، وأن هناك تبادلاً للمعلومات الأمنية بين الجزائر وجيرانها لقصد محاربة مختلف الآفات التي تهدد أمن واستقرار المنطقة، منها الإرهاب، والتهريب بكل أشكاله، وأن التعاون قائم بين الجيش والمؤسسات الأمنية والعسكرية في دول الجوار، لاسيما في ما يتعلق بتبادل المعلومات الاستخباراتية بين الأجهزة الأمنية في تونس وليبيا".
وهو ما تجسد في القضاء على 3 متشددين في إليزي، حاولوا التسلل من ليبيا، وإجهاض عملية تهريب مواد كيميائية لصناعة المتفجرات عبر الحدود التونسية.
وذكر بيان وزارة الدفاع الوطني الجزائري، مساء الخميس، أن "مفرزة تابعة للجيش تمكنت مساء الأربعاء، من حجز سيارتين رباعيتي الدفع، على متنهما كمية معتبرة من الأسلحة والذخيرة بجانت ولاية إليزي أقصى الجنوب الجزائري".
وجاء في البيان، "في عملية نوعية أخرى تمكنت مفرزة من الجيش الوطني الشعبي، مساء الأربعاء، في الساعة الثامنة والنصف مساءً، على مستوى إقليم الناحية العسكرية الرابعة، وتحديدًا في منطقة ماسة جليم، عين أزان، من حجز سيارتين رباعيتي الدفع على متنهما كمية معتبرة من الأسلحة و الذخيرة، وأن هذه العملية مكنت من حجز رشاش ثقيل 12.7، ورشاش آلي FM، وبندقية تكرارية، وكمية ضخمة من الذخيرة من مختلف العيارات، وعدد كبير من قذائف RPG7".
أرسل تعليقك