أعلنت أنقرة تفويض الحكومة التركية قواتها البحرية بتطبيق قواعد الاشتباكات، لمواجهة التوتر المتزايد بين الدول الساحلية التي تشمل تركيا وقبرص اليونانية ومصر، بسبب مشاريع التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي شرق البحر المتوسط، لتدخل بذلك المواجهة الدولية مع تركيا، التي تبلورت في القاهرة بعد توقيع مصر وقبرص واليونان "إعلان القاهرة"، مرحلة "التهديد بالحرب".
واعتبرت مصادر سيادية مسؤولة، الموقف التركي، بأنه "لا يستحق الرد، وأن القوات المسلحة المصرية تحمي الحدود الإقليمية، من أي اعتداءات على السيادة المصرية، إضافة إلى أنَّ عقيدتها القتالية دفاعية بالأساس، ولا تبادر بالهجوم على أحد".
وأكّد خبراء عسكريون واستراتيجيون أنَّ "الموقف التركي يعدُّ ردَّ فعل رسمي على إعلان القاهرة، الذي يتضمن الاتفاق على إعادة ترسيم الحدود البحرية، وتقسيم الثروات الاقتصادية في المناطق الخالصة للدول الثلاث".
وأبرز قائد القوات البحرية التركية الأدميرال بولنت أوغلو ، في تصريحات صحافية أدلى بها أثناء مشاركته في التدريبات البحرية التركية، أنَّ "الحكومة التركية فوضت قواتها البحرية بتطبيق قواعد الاشتباكات الجديدة، التي جرى تعديلها أخيرًا، لمواجهة التوتر المتزايد بين الدول الساحلية، التي تشمل تركيا وقبرص اليونانية ومصر وإسرائيل، بسبب مشاريع التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي شرق البحر المتوسط".
ورأت مصادر سيادية مسؤولة أنَّ "أوغلو يتحدث عن وضع افتراضي، حال حدوث اعتداءات على بلاده داخل حدودها الإقليمية، وهي مهمة طبيعية لأي قوات مسلحة في العالم، تكون مهمتها الحفاظ على سيادة بلادها وحدودها وتأمينها بصورة كاملة".
وأضافت المصادر أنَّ "القوات المسلحة المصرية ملتزمة بحدودها ولا تعمل إلا داخل المياه الإقليمية للدولة، لتأمينها على جميع الاتجاهات الاستراتيجية من الناحية المائية، سواء عبر البحر الأحمر أو البحر الأبيض المتوسط".
وشدّدت على أنَّ "العقيدة القتالية المصرية دفاعية، وأن القوات المسلحة لا تلجأ بأي حال إلى الهجوم على أية دولة أخرى، إلا حال الاعتداء على السيادة المصرية ".
وأوضحت المصادر أنَّ "مصر ملتزمة باتفاق الأمم المتحدة لقانون البحار، الصادر عام 1982، والذي يهدف لصون السلم وتحقيق العدالة لشعوب العالم الموقعة عليه، والذي قسّم المياه إلى مناطق إقليمية ومتاخمة ومناطق اقتصادية خالصة".
وحسب الاتفاق، فإن المياه الإقليمية تمتد لتشمل حزامًا بحريًا ملاصقاً لليابس وللمياه الداخلية، التي لا يتجاوز نطاقها 12 ميلاً بحريًا، وتمتد المياه المتاخمة، والتي تلي البحر الإقليمي، ولا يتجاوز عرضها 12 ميلاً بحريًا، بحيث لا يتجاوز عرض النطاقين 24 ميلاً بحريًا، أما المنطقة الاقتصادية الخالصة فلا تتجاوز 200 ميل بحري للدول المطلة على البحار المفتوحة والمحيطات، أما الدول المطلة على البحار المغلقة وشبه المغلقة، فنهاية المنطقة الاقتصادية الخالصة هي خط المنتصف بين الدول المتقابلة على تلك البحار.
وبيّن رئيس استطلاع القوات البحرية الأسبق اللواء بحري يسري قنديل ، أنّ القانون الدولي يحكم أي تفاعل بين الدول وبعضها، ومن بينها الاعتداءات التي قد تنشب بين القوات العسكرية لإحدى الدول، ومن ثم فإنه من حق الدول حماية أراضيها إذا كان الأمر في شأن المناطق التي تمارس سيادتها عليها، وفي مناطقها الاقتصادية الخالصة، إلا أنه لا يجوز بأي حال أن تعتدى السفن الحربية لأية دولة على سفن لبلدان أخرى خارجها.
وأضاف "تصريح أوغلو يأتي كرد فعل للاتفاق المصري اليوناني القبرصي لإعادة ترسيم الحدود البحرية بين الدول الثلاث، وتقسيم الثروات في المناطق الاقتصادية بينها، طبقًا للقانون الدولي بسبب تقارب المسافة بين الدول وبعضها، ومن ثم لا يكون لكل منها مسافة الـ200 ميل للمنطقة الاقتصادية الخاصة لها".
وأوضح اللواء قنديل أن "تفويض الحكومة التركية لقواتها البحرية بتطبيق قواعد الاشتباك يعني تفويض سفنها البحرية، التي تحمي مياهها، بفتح النيران على أية وحدة بحرية تخترق مياهها الاقتصادية"، مشيرًا إلى أنّ "التفويض التركي الذي خرج على خلفية الاجتماع المصري، والتفويض بشأن إطلاق النيران حال التنقيب على النفط والغاز، كان لا بد أن يسبقه اللجوء إلى المؤسسات الدولية المعنية، وهي الأمم المتحدة، قبل اتخاذ هذا القرار، لو كانت أنقرة ترى أن لها الحق في تلك المناطق".
أرسل تعليقك