(اليمين)رئيس الحكومة حمادي الجبالي (اليسار)محمد المنصف المرزوقي
تونس ـ أزهار الجربوعي
أعلن الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي، عزمه الاستقالة في حال فشل المفاوضات النهائية بشأن التعديل الوزاري، مؤكدًا أنه "لن يقبل برئاسة بلد يحكمه حزب واحد"، في إشارة إلى حركة "النهضة" الإسلامية الحاكمة، في حين نفى القيادي في الحركة رياض الشعيبي، ما تردد من أنباء عن استقالة رئيس الحكومة
حمادي الجبالي.
يأتي ذلك فيما اشترط حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"، تخلي حركة "النهضة" عن وزارتي العدل والخارجية، وعزل وزير الخارجية رفيق بن عبدالسلام من منصبه وإعفائه من أي حقيبة وزارية لاحقًا، إلى جانب الإمضاء على وثيقة الإتفاق بشأن برنامج للتعديل الوزاري، مهددًا بسحب وزرائه من حكومة "الترويكا" في أجل أقصاه أسبوع غير قابل للتمديد، ملوحًا بالالتحاق بالمعارضة والبحث عن ائتلافات بديلة، جاء ذلك في البيان الختامي لحزب المؤتمر الذي تلقى "العرب اليوم" نسخة منه، عقب انعقاد مجلسه الوطني الطارئ، ردًا على قرار مجلس شورى حركة "النهضة" التمسك بوزارات السيادة.
وقال الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي، في رسالة وجهها إلى المجلس الوطني الاستثنائي لحزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"، نيته الاستقالة من مهامه، إذا فشلت المباحثات النهائية المتعلقة بالتعديل الوزاري، قائلاً إنه "لن يقبل بأن يبقى رئيسًا لجمهورية يحكمها حزب واحد"، ونفى حزب الرئيس المرزوقي في بيان أن "يكون سببًا في تعطيل المفاوضات، موضحًا أن "ما طالب به من تغييرات تندرج في إطار السعي إلى تحسين أداء الحكومة و صورتها ويهدف إلى توفير الطمأنينة لدى سائر الأوساط في المجتمع"، فيما يهدد حزبا "المؤتمر من أجل الجمهورية" و "التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" بالانسحاب من الحكومة، إذا لم تحيد وزارات السيادة وبخاصة وزاراتي العدل والخارجية.
ودعا حزب "المؤتمر" في البيان الختامي لمجلسه الوطني، الذي تلقى "العرب اليوم" نسخة منه، إلى عزل وزير الخارجية رفيق بن عبدالسلام من منصبه وإعفائه من أي مهام وزارية أو حكومية لاحقًا، إلى جانب تحييد وزارة العدل التي يشغلها القيادي في حركة "النهضة" نور الدين البحيري، وقرر "المؤتمر" سحب وزرائه من الحكومة خلال أسبوع ما لم يقع إمضاء الوثيقة التي تم الاتفاق عليها بشأن برنامج التعديل الوزاري، والتي تنص على إنشاء لجنة داخل رئاسة الحكومة تتشكل من ممثلي الأحزاب المكونة للائتلاف "الترويكا" تختص بالتشاور في القرارات السياسية والاقتصادية المهمة قبل اتخاذها، وفي التسميات في المناصب العليا بما يضمن المشاركة الفعلية في الحكم وتحييد الإدارة، إلى جانب فتح ملفات الفساد بشكل جدي وعلى أسس موضوعية وتطوير آليات مكافحة الفساد.
كما تدعو الوثيقة إلى حماية الطاقة الشرائية للمواطنين بالضرب على أيدي المحتكرين والمهربين والتسريع في التنمية المحلية عبر قوانين تتجاوز البطء القائم، فضلاً عن فرض سلطة لقانون على الجميع من دون تمييز، وعدم التدخل في القضاء، بالإضافة إلى إبعاد رموز النظام السابق من مراكز القرار ودواوين الوزراء وعدم رهن مستقبل البلاد في السياسات الاقتصادية والاجتماعية بأي اتفاقات مجحفة.
وأشار المجلس الوطني لـ"المؤتمر"، إلى أن "قرار الإنسحاب من الحكومة يصبح ساري المفعول في صورة إنقضاء مهلة السبعة أيام، بشكل آلي ومن دون الرجوع إلى المجلس مرة أخرى"، معبرًا عن التزامه في كل الحالات بدعم كل الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار وتأمين المسار الانتقالي، فيما يُشار إلى أن حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" قد ساند المدونة ألفة الرياحي التي اتهمت وزير الخارجية رفيق بن عبدالسلام، بالتورط في قضية فساد مالي.
من جانبه، نفى الأمين العام لحزب "المؤتمر" محمد عبو، أن "يكون حزبه يمارس سياسة لي الذراع ضد حركة (النهضة)"، مؤكدًا أنه "غلّب المصلحة العامة على حساب المصالح الحزبية، وهو ما يعد وفاءً لخطه السياسي، وأنه قد بذل ما في وسعه لإنجاح تجربة الائتلاف بين إسلاميين معتدلين وعلمانيين معتدلين والمحافظة عليها، ولإنجاح المشاركة في الحكم في مرحلة تأسيسية فضلت أحزاب أخرى عدم تقاسم مسؤولية البناء فيها، كما شدد على أن "المؤتمر" لا يطرح نفسه بديلاً في وزارتي العدل والخارجية التي تشكل موطن الخلاف.
وفي سياق متصل، نفى لقيادي في حركة "النهضة" رياض الشعيبي، في تصريح خاص لـ"العرب اليوم"، ما تردد عن استقالة رئيس الحكومة حمادي الجبالي من منصبه بسبب تعثر المفاوضات بشأن التعديل الوزاري، مشيرًا إلى الدور الكبير الذي يلعبه في تقريب وجهات النظر للتوصل إلى الإعلان عن التشكيلة الوزارية الجديدة.
وبشأن موقف حركة "النهضة" من بيان حزب "المؤتمر" الذي هدد بالانسحاب من الحكومة في ظرف أسبوع، رأى رياض الشعيبي، أن "البيان أكد على إعطاء فرصة جديدة للمفاوضات"، معتبرًا أن "الروح التوافقية وتغليب المصلحة الوطنية ستطغى على مفاوضات شركاء (الترويكا)".
وبشأن تمسك حركة "النهضة" بوزارتي العدل والخارجية الذي عرقل المفاوضات، شدد الشعيبي على أن "الحركة ترى أن المشهد السياسي في تونس والتوازنات الانتخابية والسياسية في البلاد، لم تطرأ عليها أي تغييرات تستدعي تخلي الحركة عن مراكز قيادية وحقائب سيادية"، معربًا عن يقينه من التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن التعديل الوزاري خلال الأسبوع المقبل، فيما طمأن الشعيبي الرأي العام التونسي بشأن السير العادي لمصالح الدولة والإدارة رغم توتر المشهد السياسي، داعيًا الرأي العام إلى "ضرورة الوعي برهانات المرحلة الانتقالية الحالية والعملية الديمقراطية التي لا تستقيم إلا بالتوافق"، مضيفًا أن "ما تعيشه تونس أمر طبيعي وعلامة صحية على الديمقراطية الناشئة في البلاد"، مشددًا على أن "تونس لا يمكنها أن تعود إلى الوراء، وإلى سياسة الحزب الواحد، بعد أن قطعت أشواطًا مهمة على درب الحرية والديمقراطية".
ومن جهته، اشترط "حزب التكتل من أجل العمل والحريات" الذي يتزعمه رئيس المجلس التأسيسي التونسي مصطفى بن جعفر، ضرورة أن يشمل التعديل الوزاري المقبل، وزارتي العدل والشؤون الخارجية، من أجل البقاء مع حليفته النهضة صلب "الترويكا"، حيث أكد الناطق الرسمي بإسم حزب "التكتل" محمد بنور، أن قرار الخروج من "الترويكا" لا يزال واردًا، على حد تعبيره، مضيفًا "نحن متمسكون بالورقة التي قدمها رئيس الحكومة في تصوره للتعديل الوزاري، باعتبارها وثيقة أساسية صادقت عليها كل الأطراف بما في ذلك (النهضة)".
على صعيد آخر، أكد عضو مجلس الشورى ووزير النقل عبدالكريم الهاروني، في اجتماع شعبي، مساء الأحد، أن "الحكومة وبخاصة حركة (النهضة) تتعرض إلى مؤامرة من بعض الأطراف"، داعيًا إلى "لمِّ الشمل وتوحيد الصف في هذه المرحلة الدقيقة"، نافيًا أن تكون "النهضة" تعتمد سياسة الولاء في التعيينات على المستوى الوطني أو المحلي، مؤكدًا أن هذه التعيينات تخضع إلى مبدأ الكفاءة، وفي ما يتعلق بالمطالب التي تنادي بتكوين حكومة تكنوقراط، قال الهاروني إن "كان يوجد مستقلين فعليهم أن يدلونا عليهم لتسهيل المهمة علينا.
وفي سياق متصل، أعلن المستشار القانوني لرئيس الجمهورية والقيادي في حزب "المؤتمر" سمير بن عمر، الأحد، على صفحته الرسمية على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك"، أنه قدم استقالته للرئيس المنصف المرزوقي لوضع حد لمهامه، مؤكدًا اختياره التفرغ تمامًا لمهامه في المجلس الوطني التأسيسي، وبخاصة أنه لم يعد يرى جدوى من بقائه في قصر قرطاج، على حد قوله.
أرسل تعليقك