الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي (يمين) وزعيم جماعة الحوثي، عبدالملك الحوثي (يسار)
الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي (يمين) وزعيم جماعة الحوثي، عبدالملك الحوثي (يسار)
صنعاء ـ علي ربيع
احتشد الآلاف من اليمنيين المناصرين لجماعة الحوثي (الشيعية) الخميس، في كل من العاصمة صنعاء ومدينة صعدة (شمال اليمن)، لمناسبة ذكرى مولد النبي محمد (ص) في ظل تجاذبات سياسية ومذهبية طغت على المعاني الدينية التي تحملها المناسبة للشارع اليمني، في حين دعا الرئيس اليمني
عبدربه منصور الأحزاب والقوى السياسية في بلاده للاصطفاف الوطني، استعدادًا لمؤتمر الحوار الشامل المقرر انعقاده في الأسابيع المقبلة، وسط استعدادات مكثفة لاستقبال رئيس وأعضاء مجلس الأمن الدولي، في صنعاء، الأحد المقبل، في زيارة هي الأهم من قبل المجتمع الدولي، لغرض الدفع بعملية انتقال السلطة في اليمن إلى الأمام، بالإضافة إلى دعم الرئيس اليمني أمام التحديات التي تواجهه في قيادة المرحلة الانتقالية، وتبطئ من جهوده على صعيد انطلاق الحوار الوطني.
وتوافد، بعد ظهر الخميس، المئات من أنصار جماعة الحوثي (الشيعية) من مختلف المناطق اليمنية إلى ميدان واسع جنوب العاصمة صنعاء، لمناسبة الاحتفال بذكرى مولد الرسول(ص)، حاملين شعارات وملصقات دالة على المناسبة التي تم الاستعداد لها منذ أيام، لتتحول ضمنيًا إلى مهرجان سياسي، ألقى خلاله زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي خطابًا تلفزيونيًا مباشرًا من صعدة، معقل الحوثيين في شمال اليمن، وتم عرضه في شاشة كبيرة أمام الآلاف من أنصاره الذين تجمعوا في "شارع المائة" جنوب العاصمة، هاجم فيه حكومة الوفاق الوطني في بلاده، واتهمها بالعمالة للأميركان، معترضًا على رفضها السماح لأنصاره بالاحتفال لمناسبة المولد النبوي في أكبر ملعب رياضي في العاصمة صنعاء، داعيًا إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني لإخراج البلاد من أزماتها.
وفي حين كانت جماعة الحوثي التي تتهمها السلطات بتلقي الدعم الإيراني، قد وافقت على المشاركة في الحوار الوطني المرتقب في اليمن، ولديها ممثلون في اللجنة الفنية التحضيرية، طالب زعيم الجماعة في خطاب، الخميس، الرئيس عبدربه منصور هادي بتنفيذ ماعرف بـ"النقاط العشرين" التي كانت اقترحتها عليه اللجنة التحضيرية للحوار الوطني، تمهيدًا للحوار، بما فيها الاعتذار لصعدة عن الحروب التي شهدتها خلال حكم الرئيس السابق بين الجيش ومقاتلي الجماعة. مشددًا على ضرورة ما أسماه" استمرار الثورة"، وإزاحة مراكز القوى في النظام السابق, والتي قال "إنها كانت ومازالت تمارس الظلم ضد أبناء الشعب".
ويعد الاحتفال لذكرى المولد النبوي من الطقوس الدينية الشائعة في اليمن، إلا أنه تحول هذا العام إلى مجال للتجاذبات السياسية والمذهبية، ففي حين تحرم الجماعات السلفية السنية الاحتفال للمناسبة باعتباره "بدعة ليست من صميم الدين"، لا ترى الجماعات السنية الأخرى كجماعة الإخوان المسلمون(حزب الإصلاح) مانعًا في إحياء المناسبة، لكنها في الوقت نفسه تتهم جماعة الحوثي باستغلال المناسبة في أوساط العامة للترويج لأجندتها السياسية والمذهبية، من خلال الشعارات التي ترفعها والمعادية للأميركان واليهود.
وكان من المحظور لدى السلطات اليمنية أن تقيم جماعة الحوثي(الشيعية) مثل هذه الطقوس الاحتفالية، ذات الطابع السياسي، إلى ما قبل 2011، عام الاحتجاجات العارمة ضد نظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وكان يقتصر الاحتفال لمناسبة مولد النبي(ص) على المساجد، حيث تشهد حلقات وندوات دينية بشكل تلقائي، تقوم السلطات نفسها برعاية إحداها بشكل رسمي ويتم تناولها إعلاميًا في الوسائل الإعلامية الرسمية كتقليد سنوي.
من جهته أصدر حزب الإصلاح (الإخوان المسلمون) بيانًا تلقى "العرب اليوم" نسخة منه، اتهم خلاله الحوثيين بشن حملة اعتقالات ضد أنصاره في صعدة، مطالبًا بسرعة إطلاقهم، وقال" إن الاحتفال بمولد رسول الحرية لا يكون بتقييد الحريات وإهانة الناس والتضييق عليهم وتحويل المناسبة الدينية العظيمة إلى سيف مسلط على أبناء صعدة يمارس خلالها انتهاكات واسعة بحق مواطني المحافظة".
وتسيطر جماعة الحوثي كليًا على صعدة شمال اليمن، ومناطق محاذية لها في المحافظات المجاورة، وتتحكم بالسلطات المحلية، فيما ينتشر مناصروها بشكل متفاوت في مناطق شمال اليمن، وفيما يتهمها خصومها المذهبيين، بالتمدد إلى المناطق المجاورة بالقوة، كان قد سقط قتيل واحد، الثلاثاء، من جماعة السلفيين، في مدينة معبر أهم المراكز السلفية في اليمن، جنوب صنعاء، إثر اشتباكات مع أنصار جماعة الحوثي، على خلفية ملصقات حاول الحوثيون نشرها في المدينة في سياق الاستعداد للاحتفال لذكرى المولد النبوي.
في غضون ذلك، استقبل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الخميس، في القصر الرئاسي في صنعاء، كل من سفير المملكة المتحدة نيكولاس هيبتون وسفير المملكة المغربية محمد حما ومستشار الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثة الخاص إلى اليمن جمال بنعمر، في سياق التحضيرات لانعقاد اجتماع مجلس الأمن الدولي في صنعاء، الاثنين المقبل، والذي يأتي في سياق حرص المجتمع الدولي على إنجاح تجربة نقل السلطة في اليمن، كما يسعى للدفع بالمرحلة الانتقالية في البلاد إلى أجواء مؤتمر الحوار الوطني المرتقب، وتوجيه رسالة للفرقاء السياسيين في اليمن، تؤكد دعم مجلس الأمن للرئيس هادي في مواجهة كل العراقيل التي تعترض قيادته للمرحلة الانتقالية".
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية أن اللقاء تطرق إلى "طبيعة التجهيزات اللازمة وتوفير الظروف الملائمة بصورة كاملة في إطار الاستعدادات والتحضيرات الواسعة لانعقاد المؤتمر الوطني الشامل الذي ستبدأ أعماله قريبا في صنعاء" وأضافت" أنه الرئيس هادي دعا كل القوى الحزبية والاجتماعية والسياسية والثقافية وكل فعاليات وأطياف المجتمع من أجل إظهار الاصطفاف الوطني القوي، الذي يعول عليه للقيام بهذا الإنجاز العظيم".
وفيما تترقب صنعاء، الأحد المقبل، زيارة رئيس وأعضاء مجلس الأمن الدولي، في خطوة غير مسبوقة من قبل المجتمع الدولي لدعم انتقال السلطة في اليمن وفقًا للخطة الخليجية التي كانت الأطراف اليمنية قد وقعت عليها مع الرئيس اليمني السابق في الرياض في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2011، قالت مصادر مطلعة في الخارجية اليمنية لـ"العرب اليوم" إن زيارة مجلس الأمن الدولي الذي يترأس دورته الحالية مندوب بريطانيا في المجلس مارك ليال، ستسغرق يومًا واحدًا، بحضور مندوب مملكة المغرب محمد لوليشكي ممثلاً للمجموعة العربية".
أرسل تعليقك