الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد و شيخ الازهر
القاهرة ـ علي رجب/ خالد حسانين
تباينت ردود الفعل المصرية الحكومية والحزبية على زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، إلى القاهرة لحضور مؤتمر القمة الإسلامية بين مؤيد ومعارض. ورأى القيادي في جماعة "الإخوان المسلمين" بدر محمد بدران، أن زيارة الرئيس الإيراني إلى القاهرة الاولى من نوعها منذ عام 1979 "تعتبر ضرورة قومية
من أجل إقامة تعاون إستراتيجي وإقليمي واقتصادي يفيد الدول العربية والمنطقة، ويدعم موقف القضية الفلسطنية، بل أن التقاء الرئيسين الإيراني والمصري للتباحث في الملفات كافة، هو إضافة جيدة للعلاقات بين البلدين، ويعيد مصر الى دورها الإقليمي في المنطقة، والذي تراجع خلال عهد النظام السابق، ويبقي مصر على سياسية مفتوحة مع الجميع، ولا تكون أسيرة القطب الأوحد".
وشدد بدران على ضرورة أن يكون هنالك تعاون إستراتيجي بين إيران ومصر من الناحية المادية والمعنوية، ومن ناحية الضغط على الكيان الإسرائيلي، ومساعدة الفلسطينيين في ترتيب أمورهم الداخلية وتحسين ظروفهم المعيشية والضغط على المجتمع الدولي، لجهة إزاحة هذا الاستعمار والاستيطان معتبرًا أن "الأمر على هذا الصعيد مرشح للتطور الإيجابي خلال الفترة المقبلة، وأن مصر تعيش أزمات صعبة ومعقدة حاليًا".
ونفى بدران وجود أي مخاوف من التقارب مع إيران، مضيفًا أن "هناك من يحاول تضخيم بعض الأزمات التي عاشتها البلدان لحسابات سياسية معينة، وأن مصر ستتعامل مع إيران في النهاية بقدر أكبر من التنسيق والتعاون خلال الفترة المقبلة".
في السياق نفسه، أكد الخبير في الشأن الإيراني محمد غنيم، أن "زيارة الرئيس الإيراني ولقائه بنظيره المصري الدكتور محمد مرسي يؤسس لعلاقات جديدة بين أهم دولتين في المنطقة والعالم الإسلامية، فإيران تمثل الثقل السياسي للشيعة ومصر تمثل الثقل السياسي لأهل السنة، لذلك فإن وجود علاقات متوازنة بين طهران والقاهرة سيقضي على أحداث أي فتن داخلية في الأمة الإسلامية"، مشددًا على أن "عودة العلاقات المصرية الإيرانية سيساهم في إنهاء الأزمة السورية بشكل كبير من خلال الحوار وليس من خلال الحرب، فرئيس الائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب والقيادي في جماعة "الإخوان" في سورية، أعلن عن قبوله الحوار مع الرئيس السوري بشار الاسد، وجلس منذ أيام مع وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي في ميونخ من أجل إنهاء الملف السوري.
واوضح غنيم إن علاقة طهران والقاهرة من شانها ان تعيد للبلدين مكانتهما في الشرق الأوسط، والعمل بتوافق دولي على إنهاء الأزمة السورية، وأن التفاهمات المصرية الإيرانية ساعدت كثيرًا في إنهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وهو ما أدى إلى قلق الكيان الصهيوني من عودة العلاقات بين البلدين، لأن عودة العلاقات والتفاهمات بين طهران والقاهرة، أعطى لقضية الفلسطنية والمقاومة دفعة قوية جعلها ممسكة بزمام الأوضاع في الصراع مع الكيان الصهيوني من خلال الدعم السياسي المصري والدعم العسكري الإيراني".
وحول الوضع في الخليج أضاف غنيم "سيكون هناك تعاون أمني بين ايران ومصر في ما يخص منطقة أمن الخليج، وهو ما سيكون أشبه بمناطق نفوذ بين البلدين، وربما هو ما يقلق الدول الخلجية من عودة العلاقة بين طهران والقاهرة، بالإضافة إلى التعاون الاقتصادي حيث أعلنت إيران أكثر من مرة أن هناك خمسة مليارات دولار جاهزة للاستثمار في مصر، بالإضافة إلى السياحة الدينية والتي يصل عائدها لأكثر من 10 مليارات دولار سنويًا، فالإيرانيين لديهم رغبة قوية في الاستثمار وعودة العلاقات مع مصر .
من ناحيته قال مدير مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستراتيجية فى القاهرة، الدكتور مصطفى اللباد، إن "زيارة الرئيس الإيرانى تأتى شبيهة لحضور الرئيس مرسي القمة السابقة فى طهران، وإن هناك رغبة في تعميق العلاقات المصرية الإيرانية، وهناك تقارب لإعادة العلاقات إلى مستواها الطبيعي، وهو ما يؤكد تحسن العلاقات بين الجانبين خلال المرحلة الماضية، وقد يرفع سقف التكهنات بعودة العلاقات على مستوى السفراء بين القاهرة وطهران".
واعتبر اللباد الذي يترأس تحرير مجلة نامة المتخصصة بالشؤون الايرانية والتركية واسيا الوسطى أن "النظام المصري الحالي يفتح العلاقات مع إيران وتركيا، ولكن من دون حساب ما يريده من تلك العلاقات او ارتباط الانفتاح بالمصالح المصرية" على حد قوله.
وقال الدكتور اللباد "أن الأزهر يرى أنه لن يتوسط لرأب الصدع في المنطقة من دون الانحياز إلى مطالب السنة، وأن إيران لن تعيد النظر في مسألة عربستان "الأحواز" التي تحتضن مناطقها 80% من النفط الإيراني، وهو ما يعني أن النخبة الإيرانية الحاكمة لن تفكر حتى في تعديل تلك الأمور".
وأكد اللباد أن "مصر لها الحق في رفع مستوى العلاقات مع إيران، ولكن من دون أن يكون على حساب العلاقات المصرية الخليجية، وبالتالي رفع مستوى العلاقات المصرية الإيرانية يجب أن يكون بحساب وأجندة محددة، يتم خلالها وضع أولويات لمصر في إعادة العلاقات ودرجتها، وأن الأمن القومي المصري لا يمكن أن يتم النظر إليه بمعزل عن أمن الخليج".
وفي السياق نفسه شهدت عودة العلاقات المصرية الإيرانية، رفضًا كبيرًا من قبل التيار السلفي في مصر، الذي اعتبرها تهديدًا للأمن القومي المصري، حيث قال عضو الهيئة العليا لحزب "النور" السلفي أشرف ثابت، إنه "من الضرورى وجود علاقات مع إيران ولكن بحدود، وإن التقارب مع إيران يهدد الأمن القومي المصري، لرغبة إيران فى زيادة مدّها الشيعي في مصر، بل أن التقارب مع طهران سيسبب مزيدًا من التوتر مع دول الخليج، التي تعتمد عليها مصر في مجال الاستثمارات"، معتبرا أن "عودة العلاقات بين طهران والقاهرة، هي خط أحمر في السياسية الخارجية المصرية، فالأهم لمصر أن تحافظ على علاقاتها مع دول الخليج، التي تعد الامتداد الطبيعي للأمن القومي المصري بالإضافة إلى أنها تمثل دعمًا اقتصاديًا وسياسيًا وإستراتيجيًا لمصر، وهناك الألاف من العمالة المصرية يعملون في هذه الدول".
وعلى الصعيد نفسه، رأى المتحدث باسم "الجبهة السلفية" الدكتور خالد سعيد، أنه "يجب التفرقة بين المدّ الشيعي ومحاولة وضع قدم له في مصر، وبين الوجه السياسي والاقتصادي، وإن الإعلام الإيرانى قال إنهم يحاولون الزج بالسياحة الدينية في مصر للمزارات وآل البيت رضى الله عنهم"، موضحًا أنه "إذا كانت زيارة أحمدي نجاد لعمل مد شيعي في مصر فلا مرحبًا به وبزيارته، وأن الشعية تواجدوا في مصر أكثر من ٣ قرون، لم يستطيعوا أن يشيعوا مواطنًا مصريًا واحدًا"، مؤكدًا أن "الأزهر هو منارة السنة".
من جانبه، قال الباحث في شؤون "التيار السلفي" مصطفي زهران، إن "الرئيس محمد مرسي لن يخاطر بإقامة علاقات مباشرة وصريحة مع إيران، حتى لا يخسر التيار السلفي أمام المعارضة المصرية، لأن مرسي وعد الدعوة السلفية باعتبار العلاقة مع الشيعة وإيران خطا أحمرا، وسيخسر هذا التيار إذا عادت العلاقات بين القاهرة وطهران بشكل رسمي".
في غضون ذلك، أعلن حزب "مصر القوية" الذي يترأسه المرشح الرئاسي السابق الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، رفضه لزيارة الرئيس نجاد إلى ميدان التحرير، واعتبره قد"ساهم في إراقة دماء السوريين سواء بالدعم المادي أو السياسي"، فيما قال نائب وزير الأوقاف الأسبق وأحد علماء الأزهر، الشيخ شوقي عبدالرازق، إن "التشييع دبت له أنياب في مصر وعلى أولي الأمر أن ينتبهوا ويسدّوا هذا الباب، وإذا كانت زيارة رئيس إيران سياسية أو لها أهمية في التعاون الاقتصادي لصالح مصر، فمرحبا به ".
وفي السياق ذاته، رأى الداعية الإسلامي الشيخ يوسف القرضاوي، أن "هناك مخاوف من المد الشيعي على المجتمع السني، وهو ما وافقه فية أكثر من 190 عالمًا من كبار علماء السنة في العالم، الذين كانوا قد أصدروا بيانًا من قبل يحذرون فيه من مشروع المد الشيعي ونشره بين جمهور أهل السنة.
أرسل تعليقك