عماد الدايمي أمينًا عامًا لحزب " المؤتمر" في تونس
تونس - أزهار الجربوعي
اختار أعضاء المجلس الوطني لحزب الرئيس التونسي المنصف المرزوقي "المؤتمر من أجل الجمهورية"، عماد الدايمي، أمينًا عامًا للحزب خلفًا لمحمد عبو المستقيل، وذلك خلال أشغال مؤتمره الثالث الذي انتهى في ساعة متأخرة من مساء الأحد، وقد وجه الرئيس التونسي والرئيس الشرفي لحزب المؤتمر رسالة للمجلس الوطني
تلقى "العرب اليوم" نسخة منها، شدد فيها على تمسكه بالتحالف مع حزب حركة النهضة الإسلامي الحاكم، قائلا "النهضة حليف إستراتيجي وليست عدوًا"، نافيَا خضوع حزبه لهيمنة حركة النهضة الإسلامية الحاكمة.
وأعلن حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" تزكية مدير ديوان الرئيس المنصف المرزوقي، عماد الدايمي، أمينًا عامًا للحزب، خلال أشغال المجلس الوطني الثالث المنعقد في محافظة سوسة، وسط البلاد على مدى يومين تحت شعار "استكمال المؤسسات وترسيخ الهوية".
ودعا الرئيس الشرفي لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي فى رسالة توجه بها إلى المجلس الوطني، تلاها عنه عضو المكتب السياسي للمؤتمر من أجل الجمهورية عدنان منصر، إلى الإسراع بالحسم في ثلاثة قضايا رئيسية وهي هوية الحزب وبرنامجه وهيكلته، مقترحًا جملة من الاصلاحات والخطط لما تبقى من المرحلة الانتقالية في بلاده، إعدادًا للانتخابات القادمة.
وأكد المنصف المرزوقي في رسالته التي تلقى "العرب اليوم" نسخة منها، أن حزب المؤتمر ليس عدوًا لحزب النهضة، ولم ولن يكون يومًا تابعًا له بل هو حليف إستراتيجي سابقًا وحاضرًا ومستقبلاً، كما هو حليف لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات على حد قوله، وتابع الرئيس التونسي " لقد أظهرت تجربة المفاوضات على تشكيل الحكومة أن النهضة في حاجة للمؤتمر حاجة المؤتمر للنهضة، وأظهرت خاصة حاجة تونس لقوة سياسية وسطية معتدلة".
وقال المرزوقي أنه مقتنع بأن "تونس ستمرّ بمرحلة قد تستغرق سنوات قبل أن تجد التوازن والاستقرار ، مشددا على أن الفكرة الأساسية التي بُني عليها حزب المؤتمر هي صيانة الوحدة الوطنية ورفض تقسيم التونسيين إلى أخيار وأشرار، إلى ظلاميين ومتنورين أي رفض كل استقطاب ثنائي يضع باستمرار نصف التونسيين في مواجهة النصف الآخر".
وأضاف الرئيس التونسي "تصوروا المصيبة الكبرى لو قدّر للإسلاميين حكم تونس وحدهم ولو بالديمقراطية العددية. آنذاك ستتجنّد ضدهم كل القوى العلمانية ولن يستطيع الإسلاميون الحكم إلا بأقصى قدر من الإكراه".
وأكد المرزوقي أن حزب "المؤتمر يدعو إلى تجاوز الاختلافات العقائدية والتركيز على أهداف سياسية نبيلة، ورفض أي استقطاب ثنائي داخل الحزب وخارجه .
وحافظ الرئيس التونسي على طريقته التي دأب عليها في تشخيص الوضع الدقيق الذي تمر به تونس، مذكرًا بأنه طبيب ودكتور بالدرجة الأولى حيث عمد إلى تشخيص الأمراض والعلل قبل أن يقترح الحلول والاصلاحات، داعيًا إلى توثيق العلاقة مع شريكهم في الحكم حزب حركة النهضة الإسلامي وتدعيم ائتلاف الترويكا الحاكم (النهضة،التكتل،المؤتمر) الذي وصفه بـ"التحالف التاريخي"، ملخصًا "أمراض بعض قوى المعارضة" في ما أسماه بـ"الشك المزمن وهي أحزاب لا تعد إلا بمزيد من التناحر بين التونسيين وتأليب بعضهم على البعض ، على حد قوله.
واعتبر الرئيس التونسي الدكتور محمد المنصف المرزوقي ان تحالف علمانيين معتدلين وإسلاميين معتدلين هو العلامة الفارقة في ما أسماه بـ" النموذج التونسي في الانتقال الديمقراطي"، الذي رأى أنه محلّ اهتمام عربي ودولي شديد، مشددًا على أن تبعات فشله أو نجاحه ستكون هائلة.
وختم الرئيس التونسي بعبارته الشهيرة "لا مستقبل لتونس في تونس"، "وإنما في اتحاد مغاربي قوي وموحد، مناديًا بضرورة تفعيل الحريات الخمس بين أقطار المغرب العربي من قبيل "حرية التنقل والاستقرار والعمل والتملك والمشاركة في الانتخابات البلدية.
ولم يفت الرئيس التونسي أن يشيد بحزبه "الذي احتل المرتبة الثانية في أولى انتخابات ديمقراطية للمرة الأولى في تاريخه الحديث، وأعطى للبلاد أول رئيس تونسي وعربي منتخب شرعيا منذ القدم ، حسب تعبيره، مشددًا على أن حزبه وصل لما وصل إليه بسبب نظافة اليد والشفافية ورفض المال السياسي المشبوه أو "المال القذر" كما دأب الرئيس المرزوقي على تسميته في حملته الإنتخابية.
وكان الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي قد استقال من الأمانة العامة لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وترشيحه من قبل ائتلاف الترويكا الحاكم لمنصب رئاسة الجمهورية، ليخلفه محمد عبو الذي استقال بدوره في 13 مارس/آذار الجاري بعد خلافات داخل الحزب بشأن التعديل الوزاري ومشادات كلامية حادة بين محمد عبو وعدد من وزراء المؤتمر في الحكومة التونسية، قبل أن يختار المجلس الوطني للحزب نائبه ومدير ديوان رئيس الجمهورية عماد الدايمي لخلافته على رأس حزب المؤتمر، الذي فاز بالمركز الثاني في انتخابات 23 تشرين الأول/ أكتوبر2011، بمجموع 29 مقعدًا في المجلس الوطني التأسيسي، لكن هذا العدد تقهقر إلى النضف بفعل الانشقاقات الكبيرة التي عصفت بالحزب، لعل أبرزها انشقاق أحد مؤسسيه البارزين عبد الرؤوف العيادي صحبة أكثر من 10 نواب آخرين، لتكوين حزب حركة "وفاء".
يذكر أن الأمين العام الجديد لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، عماد الدايمي، قد واجه انتقادات عدة من قبل بعض قوى المعارضة التي تصنفه في خانة "إسلاميي المؤتمر"، وتتهمه بالولاء لحركة النهضة الإسلامية الحاكمة، وهو سياسي تونسي ورئيس ديوان رئيس الجمهورية التونسية، قضى 19 سنة في المنفى في باريس الفرنسية، قبل أن يعود إلى تونس بعد ثورة "14 يناير" التي أسقطت الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
بدأ النضال مبكرًا منذ الفترة المدرسية، ثم وهو طالب في كلية العلوم في تونس. حيث تعرض إلى الاعتقال والتعذيب لمدة 5 أشهر، غادر البلاد خلسة باتجاه ليبيا في 16 تشرين الثاني/ 1991، تجنبًا للاعتقال، وظل في المهجر. أقام بين موريتانيا والسنغال من دون أوراق ثبوتية لمدة خمس سنوات بعد أن حجزت السفارة التونسية جواز سفره.
تحصل عماد الدايمي، عام 1996، على اللجوء السياسي في فرنسا التي أقام بها حتى عودته إلى تونس في 18 كانون الثاني/ يناير 2011، وهو حائز على شهادة الدراسات المعمقة في "التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمحلية المندمجة" من جامعة فرساي بسان كونتان أن إيفلين (فرنسا) العام 1998، وعلى تكوين مكثف في الهندسة المعلوماتية من المدرسة المتعددة التكنولوجية في باليزو (فرنسا) العام 2000.
ويعتبر عماد الدايمي من أشد المقربين إلى الرئيس التونسي الدكتور محمد المنصف المرزوقي، الذي كان ملازمًا له ورفيقه في المنفى في فرنسا وقد ساهما جنبًا إلى جنب في تأسيس حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" العام 2001، كما شارك عماد الدايمي في تأسيس جمعيات حقوقية عدة أبرزها "المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين".
أرسل تعليقك