خُبراء قانون يُؤكِّدون أنَّ هناك تعارضًا في قوانين معاقبة المُزيِّفين للعملات الرَّسميَّة

أكد خبراء قانون، أن "تزييف النقود يُعد من أخطر الجرائم الاقتصادية"، مُؤكِّدين أن "العملات المستهدفة هي من الفئات قليلة القيمة".
وعلَّل الخبراء ذلك، بـ"قلة جودة الورق الرسمي المستخدم فيها"، لافتين إلى "تعارض قانوني بين العقوبات والبنك المركزي، في معالجة الجزاء المترتب على تلك الجريمة، التي ترتكبها شبكات مُنظَّمة، تُوزِّع عملها بين بلد وآخر".
وأكَّد القاضي فتحي الجواري، في حديث إلى "العرب اليوم"، أن "تزييف العملة يخضع لأساليب متطورة وجديدة مع مرور الزمن مستفيدًا من وسائل الطباعة الحديثة ما يفاقم من خطورة تلك الجريمة، ويُصعِّب عملية كشف العملات المُزوَّرة من قِبل المتخصصين قبل المواطن الاعتيادي".
وذكر الجواري، الخبير القانوني الأقدم، أن "نفاذ تلك الجريمة مرتبط بمجموعة من الخبراء المتخصصين بفن الرسم والتصوير والخط والحفر، وصولًا إلى مروجيها قبل ختمها".
ويعد الجواري، "التزييف جريمة دولية، تُنفِّذها عصابات منظمة؛ لأنها تحتاج إلى تخطيط وترتيب مسبق للتنفيذ الذي يتولاه أشخاص عدة، كلًّا حسب دوره"، كاشفًا أن "الوقائع تدل على أن المتورطين فيها من جنسيات مختلفة، ويتم التزييف في دولة ما، أما الاستعمال يحصل في دولة أخرى".
ويرى الجواري، أن "غالبية الفئات المزورة هي الـ(1000 و5000) دينار؛ لأن الورق المستخدم فيها رسميًّا ليس ذا جودة عالية، ويمكن خرقه من محترفي التزييف، ويساعد في ذلك عدم إبداء المواطن أهمية في تدقيقها لقيمتها المنخفضة".
وأشار الجواري، إلى أن "بعض حالات النصب التي يقوم بها أشخاص يدعون أنهم من جنسيات عربية، حاملين معهم عملات من بلاد أوروبا الشرقية، تبين في وقت لاحق أنها منتهية الصلاحية في التداول".
وقال إن "الدور هنا يكون للبنك المركزي الذي يُمكنه إصدار نشرة تعريفية بالعملات الأجنبية المعتمدة حاليًا بالإضافة إلى تلك المنتهية التداول"، مضيفًا "يلجأ البعض خلال فترة تغيير العملة إلى ضخ نماذج مزورة في السوق مستغلين عدم رواجها في السوق".
ولفت الجواري، إلى أن "بعض الصعوبات التي تكتنف عمل مزوري العملات من خلال الوصول إلى ورق تكون جودته قريبة من ذلك المستخدم رسميًّا في طباعة النقود"، موضحًا أن "الفئات الكبيرة يصعب تزويرها لأن تكلفة العملية تتجاوز سعرها النقدي".
وأوضح أنها "تحتوي على خط الضمان، وهو عبارة عن سلك مندمج في عجينة الورقة، يمتد على عرضها من الفضة في حالة غروية، مما يجعله مرنًا، وتظل ورقة العملة بالتالي محتفظة بقابليتها للثني والطي"، منبهًا أن "هذا الخط مصنوع من مادة تدخل في تركيب الورقة ومُسجَّلة فيه بوضع يستلزم موازاتها لاتجاه الضلع القصير في ورقة النقد".
من جانبه، قال قاضي تحقيق الكرادة، عماد عبدالله إلى "العرب اليوم"، إن "جرائم تزييف العملة عالجتها المواد (280-285) من قانون العقوبات رقم 111 للعام 1969، التي تناولت جريمة التزوير".
وتابع إن "المادة 280 تناولت عقوبة السجن المفتوحة التي تصل إلى 20 عامًا لكل من زيَّف أو قلَّد عملة معدنية أو ذهبية أو فضية بنفسه أو غيره، ويكون تزييفها عن طريق إنقاص وزنها أو جعلها شبيهة بالعملة الحقيقية كصنعها بمادة تشبه الفضة".
وأضاف "أما المادة 281 فجاءت عقوبتها السجن بمدة لا تقل عن (10 سنوات-20 سنة)، وهي تشمل كل من، زوَّر أو قلَّد سندات مالية، أو أوراقًا نقدية أو أوراق عملة مصرفية معتمدة عراقية أو أجنبية، وتطبق العقوبة ذاتها على جميع العملات المتداولة قانونًا أو عرفًا للمتعامل بها أو من قصد ترويجها".
واستطرد عبدالله "فيما يخص المادة 282، وهي من المواد ذات العقوبة المشددة، فهي تسهم في زعزعة الائتمان في العملات العراقية الداخلية والخارجية، وغالبية مرتكبيها، هم شبكات أو عصابات تتكون من أكثر من ثلاثة أشخاص، وتكون عقوبتها السجن المُؤبَّد"، موضحًا أن "المادة 283 وهي عقوبتها السجن أو الغرامة أو كليهما لكل من تعامل بعملة أو أوراق نقدية منتهية  التداول في حين خصت المادة 284 العملة المعدنية المُقلَّدة أو المزيفة، لكل من تعامل بعد أن تبين زيفها، وهي تعتبر من أكثر الجرائم المنتشرة".
ونوَّه إلى أن "المادة 285 نصَّت عقوبتها على الحبس مدة 6 أشهر لكل من زيَّف عملة مشابهة، ومتداولة قانونًا وعرفًا في العراق أو كانت متداولة أو معروفة لأسباب أو أغراض ثقافية أو صناعية أو تجارية".
ويرى عبدالله، أن هناك "إشكالًا تشريعيًّا وتعارضًا بين قانوني العقوبات، والبنك المركزي العراقي، رقم (56) للعام 2004، المُعدَّل النافذ، والذي نص في المادة (52) على أن كل شخص متعمد الغش ويقوم بترويج النقود المزيفة باستخدامها كنقود أصلية أو تصدير النقود المزيفة خارج العراق تكون جناية يعاقب عليها بغرامة (100) مليون أو حبس عشر سنوات أو كليهما".
وذكر أن "هذا النص يتعارض مع قانون العقوبات بخصوص المادة العقابية، فالحبس عقوبته من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات، والسجن عقوبته من الخمس سنوات إلى المُؤبَّد أو الإعدام، فعبارة الحبس لا تتوافق مع السجن والعقوبة، وهنا الإشكال؛ فعندما تُحال إلى محكمة الجنايات فإنها تُطبِّق قانون العقوبات".
وخلص إلى أن "تلك الأفعال تنضوي تحت الجرائم الاقتصادية، وهي من اختصاص  مديرية الجريمة الاقتصادية في حالة تزييف عملات كبيرة".