طرابلس - فاطمة سعداوي
دخل المجلس الأعلى للقضاء في ليبيا على خط الأزمة السياسية في البلاد متجاهلاً الرد بشكل مباشر على مطالبة اللواء المتقاعد خليفة حفتر للمجلس بتولي السلطة في هذه المرحلة وتشكيل مجلس رئاسي لإدارة شؤون البلاد، وأعلن في المقابل عن تشكيل لجنة لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء.وأكد رئيس المجلس علي ميلود حفيظة في بيان تلاه خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده الاثنين، أنه جرت دعوة المجلس الأعلى للقضاء إلى جلسة استثنائية لتدارس الوضع الذي تمر به البلاد، وللتوصل إلى وضع وسائل يمكن بها تدارك الموقف. وأوضح أن هذه اللجنة ستضم في عضويتها رؤساء الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، ورابطة وهيئة تقصي الحقائق والمصالحة، ولجنة مراجعة التشريعات، والمجلس الوطني الانتقالي، ومجلس الحكماء والشورى، و"لجنة فبراير"، مشيرا إلى أن هذه اللجنة ستختار رئيسها من بين أعضائها، على أن تكلف وزارة العدل بتوفير كافة الإمكانيات اللازمة لتمكين اللجنة من أداء مهامها على الوجه المطلوب.
ولفت البيان إلى أن السلطة القضائية نأت باستقلاليتها عن التدخل في أعمال السلطتين التشريعية والتنفيذية، لكونها السلطة التي تمثل ميزان العدل. وقال رئيس المجلس إن البيان واضح وليس فيه أي غموض، لافتا إلى أن أعضاء اللجنة هم من النخبة، وسيكون لهم تأثير على جميع الفرقاء للتوفيق ورأب الصدع. وخلا البيان من أي رد مباشر وصريح على دعوة اللواء خليفة حفتر له الأسبوع الماضي بتولي السلطة وتشكيل مجلس رئاسي وتكليف شخصية وطنية بتشكيل حكومة أزمة لإدارة شؤون البلاد في هذه المرحلة.
من جانبه، وصف عز الدين العوامي، النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا، رئيس الوزراء الجديد أحمد معيتيق، بأنه رئيس وزراء غير شرعي. وتعليقا على جلسة المؤتمر التي عقدت وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة بقصر ولي العهد السابق في العاصمة طرابلس، تساءل العوامي بقوله: هل يعتقد أحد أننا نعمل مع هؤلاء المجموعات في سياسة؟.
وكشف العوامي النقاب عن تلقيه تهديدات بقتله واغتياله، وقال: إن السبب لأننا اعترضنا بصوت عال على تكليف رئيس وزراء بطريقة غير صحيحة ليصبح رئيس وزراء غير شرعي.. هؤلاء لن يكونوا جزءا من الحل، هؤلاء الأزمة بذاتها.
وكان العوامي رفض الاعتراف بشرعية انتخاب معيتيق معللا ذلك بأنه لم يحصل على النصاب القانوني المطلوب، لكن التيار الإسلامي استدعى نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني، على عجل من تركيا لكي يعلن صحة انتخاب معيتيق بقرار رسمي حمل توقيعه، بعد نحو شهر من غيابه عن ممارسة أي مهام عمل رسمية بحجة تلقيه العلاج في الخارج.
من جهته، كشف رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله الثني عن رفضه تولي منصب وزير الدفاع في حكومة معيتيق، حيث أعلن الثني في بيان مقتضب بثه الموقع الإلكتروني الرسمي لحكومته على شبكة الإنترنت، اعتذاره عن تولي أي منصب في حكومة معيتيق، لكنه لم يقدم أي توضيحات إضافية. وجاء بيان الثني عقب اجتماعه مع وفد من أعضاء المؤتمر، فيما قال عضو المؤتمر علاء المقريف إن المؤتمر شكل لجنة للتباحث مع الثني للمشاركة في الحكومة الجديدة برئاسة معيتيق، الذي ترك لها أربع وزارات شاغرة هي الدفاع والخارجية والتخطيط والصحة حتى تكون حكومة ائتلاف.
في المقابل، أعلن معيتيق أن حكومته ستكون حكومة الليبيين كافة، وستسعى إلى نبذ الفرقة والخلاف وجمع الصف، والدعوة إلى حوار وطني شامل. ودعا في كلمة وجهها أمس عبر قناة ليبيا الوطنية، الشعب الليبي وخصوصا الشباب، إلى أن يصطفوا معا في خط واحد لبناء الدولة ومؤسساتها. وعد معيتيق أن معركة البناء تحتاج لنفوس صافية وتضحيات جمة، لا تقل عن تلك البسالة التي شهدتها تلك الأشهر الطوال قبل ثلاث سنوات. وأضاف: "لن نقبل بالإرهاب، ولن نسمح للإرهابيين بزعزعة الأمن واستقرار البلد، ولن نقبل بترويع الآمنين".
واذ أكد أنه مع الحراك الشعبي السلمي، والمطالب المشروعة، ومع بناء مؤسستي الشرطة والجيش، أعلن معيتيق رفضه أن يوظف أي طرف من هذه المطالب لخدمة مصالح غير شرعية. وتعهد بأن تركز حكومته على محاربة المتشددين وتأمين الحدود وتقوية الجيش بمساعدة المجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار في البلد المنتج للنفط والعضو بمنظمة أوبك.
أرسل تعليقك