رجل الدين الأردني الأصل أبو قتادة
لندن ـ سليم كرم
قرر قاضي بريطاني، تأجيل الحكم في طعن مقدم من الحكومة البريطانية، ضد حكم سابق يمنعها من ترحيل رجل الدين المتشدد الأردني الأصل أبو قتادة من بريطانيا إلى بلاده، لمواجهة اتهامات بالإرهاب، حتى نهاية أذار/مارس الجاري.
وتحاول بريطانيا منذ سنوات ترحيل أبو قتادة، المتهم بأنه يمثل خطرًا
أمنيًا، وأنه كان مصدر إلهام لأحد منفذي هجمات 11 ايلول/ سبتمر عام 2001 على الولايات المتحدة، فيما وصفه قاض إسباني بانه "اليد اليمني لزعيم تنظيم "القاعدة" الراحل أسامة بن لادن في أوروبا"، مضيفًا أنه مطلوب القبض عليه في بلده الاصلي الأردن ليواجه اتهامات بالإرهاب.
وقام فريق المحامين التابع لوزيرة الداخلية البريطانية تريزا ماي، بآخر محاولة لها لترحيل أبو قتادة أمام محكمة الاستئناف، بدعوى أن القاضي البريطاني السابق الذي رفض ترحيله من قبل قد أخطأ قانونًا عندما رأى أن ترحيله يتنافى على نحو صارخ مع العدالة.
وقال المحامي جيمس إيداي أمام محكمة الاستئناف، "إن محكمة لندن جانبها الصواب عندما أصدرت حكمًا يرى أن هناك خطورة حقيقية من محاكمة أبو قتادة في الأردن، بناءً على أساس من أدلة يتم الحصول عليها بواسطة التعذيب، وإن مبدأ الانتهاك الصارخ للعدالة الذي اعتمد عليه الحكم ليس له ما يبرره قانونًا، وأن هذه هي القضية الأولى التي يستخدم فيها هذا المبدأ، منذ إقراره قانونًا قبل 22 عامًا، وأن الحكم المستأنف ضده لم يأخذ في الاعتبار التطورات الجديدة التي طرأت على القضية، والمتمثلة في التغيرات التي لحقت بمحكمة أمن الدولة في الأردن، بالإضافة إلى حقيقة أن عيون العالم ستتابع محاكمته، وأن الجهات التنفيذية والقضائية في الأردن ستعمل على ضمان تحقيق محاكمة عادلة، لأنها تعلم أن عيون العالم ستتابعهم".
وطلب قاضي المحكمة اللورد ديسون من المحامي إيداي، أن يوضح خطأ حكم المحكمة السابقة بمنع ترحيل أبو قتادة، كما لفت انتباهه إلى أن التعذيب كان شائعًا ومنتشرًا في جهاز أمن الدولة في الأردن.
وجاءت هذه الجلسة التي استغرقت يومًا واحدًا في محكمة الاستئناف في لندن بعد إلقاء القبض مجددًا على أبو قتادة، الجمعة الماضية، واحتجازه في السجن، لسبب عدم التزامه بشروط الإفراج عنه، والتي تتضمن فرض حظر تجول عليه 16 ساعة يوميًا، كما أنها تضمنت فتح هواتف نقالة في منزله شمال غربي لندن.
ويحاول فريق المحامين الموكل من وزارة الداخلية، إقناع قضاة المحكمة الثلاثة بأن قرار منع ترحيله معيب قانونًا، واشتكى الفريق الأسبوع الماضي، من أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان دائمًا ما تغير من قواعدها في ما يتعلق بقضايا الترحيل، مثل قضية أبو قتادة.
وقالت وزيرة الداخلية البريطانية قبل 11 شهرًا أمام البرلمان البريطاني "باستطاعتنا وضع أبوقتادة قريبًا على طائرة، وترحيله من أجل مصلحة بلدنا".
ويثور جدل سياسي بشأن تلك القضية يتعلق بمستقبل تشريعات حقوق الإنسان، ولا سيما مسألة الصراع بين تعهد الحكومة البريطانية بحكم القانون ورفضها اللجوء إلى التعذيب، وبين مصير أبو قتادة، الذي سبق وأن وصفه قضاة بريطانيون بأنه "اليد اليمنى لبن لادن في أوروبا".
وفي حالة رفض دعوى الاستئناف، فمن المرجح أن يقوم محامي أبو قتادة بطلب إلغاء الشروط المفروضة على قرار الإفراج عنه، وستعقد المحكمة جلسة كاملة يوم 21 من الشهر الجاري، للنظر في مدى انتهاكه شروط الإفراج عنه، وفي حالة رفض محكمة الاستئناف السماح بترحيله إلى الأردن فإن وزيرة الداخلية سيكون أمامها خيار فرض قيود على حرية أبو قتادة لمدة سنتين، في إطار مكافحة الإرهاب، وإجراء التحقيق معه، إلا أن ذلك يعني أنها لن تتمكن من ترحيله من بريطانيا قبل موعد الانتخابات البريطانية العامة المقبلة، كما كانت تتمنى.
وسافر وزير الأمن في بريطانيا جيمس بروكينشاير إلى الأردن، الأسبوع الماضي، في محاولة أخرى للوصول إلى اتفاق يسمح بترحيل أبو قتادة، واسمه الحقيقي عمر عثمان.
والتقى بروكينشاير مع السلطات الأمنية في الأردن، الأربعاء، في محاولة لضمان توفير ضمانات كافية لمحاكمة عادلة تراعي حقوق الإنسان لأبو قتادة في الأردن، حتى تتمكن بريطانيا من ترحيله.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية إن مرافعة محكمة الاستئناف ومحادثات جيمس في الأردن تأتي في إطار المسار المزدودج الذي تتبعه الحكومة البريطانية، التي عقدت العزم على ترحيل أبو قتادة إلى الأردن.
ورأت المحكمة التي رفضت ترحيل أبو قتادة في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أن "ضمانات توفير محاكمة عادلة جديدة خالية من أدلة يتم الحصول عليها بالتعذيب في الأردن غير كافية".
يذكر أن الأردن سبق وأن أدان أبو قتادة غيابيًا لتورطه في تفجيرات وقعت العام 1998، واتهم الأردن بالحصول على أدلة من خلال التعذيب مع اثنين من المتهمين في تلك القضية.
وكانت بريطانيا ألقت القبض عليه العام 2002 للاشتباه في تورطه في أنشطة إرهابية دولية، ثم أفرجت عنه في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي مع قيود تفرض عليه عدم التجول لمدة 16 ساعة يوميًا، وقيود على اتصالاته.
أرسل تعليقك