يرى الكثير من المراقبين أنَّ زيارة وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري إلى تركيا، خطوة جيدة لطي صفحة الماضي من علاقات شهدت توترًا في الأعوام الثلاثة الأخيرة من رئاسة نوري المالكي للحكومة السابقة، بعد اتهامه لأنقرة بالتدخل في الشؤون الداخلية، إضافة إلى معارضته الاتفاق التركي مع إقليم كردستان في إنشاء ومد أنبوب للنفط وبيع خام الإقليم في الأسواق العالمية بمعزل عن بغداد.
في المقابل، اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في فترة رئاسته الوزارة التركية، الحكومة العراقية بالتصرف على أساس طائفي، الأمر الذي دفع المالكي إلى الرد عليه، داعيًا إياه إلى الكف عن التدخل في شؤون دول المنطقة، وطالبه بالاهتمام بمعالجة مشاكل بلاده.
وبحث وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري الجمعة في اليوم الثاني من زيارته الرسمية إلى تركيا، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، كل على انفراد، في أنقرة، الليلة الماضية، سُبُل تطوير العلاقات بين البلدين بما يخدم المصالح المُشترَكة على الصعيد السياسي، والأمني، والاقتصادي، والتجاري، والخدمي.
وأشار الجعفريّ في الاجتماعين إلى التطوُّرات الأمنيّة وتقدم القوات العسكريّة العراقيّة ومتطوعي "الحشد الشعبي" في مُواجهة تنظيم "داعش".
وثمَّن في بيان لمكتبه وصل "العرب اليوم" نسخة عنه، ما أسماه بالموقف التركي الإنساني بالمُساعَدات التي أرسلتها أنقرة إلى النازحين العراقيِّين، إضافة إلى دورها الإيجابي في احتضان المُواطِنين العراقيين الذين اضطروا إلى مُغادرة بلدهم جراء الوضع الأمني.
ووجَّه الجعفري دعوة باسم رئيس الوزراء العراقي حيدر العباديّ إلى رئيس الوزراء التركيّ أحمد داود أوغلو لزيارة العراق فرحب بها، وجرى وضع موعد أولي للزيارة، وسيتم الإعلان عن الموعد النهائي لها لاحقًا، كما جرى الاتفاق على تشكيل لجان مُشترَكة لتفعيل الاتفاقات الأوليّة التي جرت في اللقاءين.
من جانبهما، أبدى الرئيس التركي ورئيس وزرائه، تجاوبًا حقيقيًا فيما يخص تفعيل الجوانب السياسيَّة والأمنية والاقتصادية من العلاقات بين البلدين. وأكدا دعم تركيا للعراق في مُواجهة مجاميع "داعش" المتطرفة والوقوف جنبًا إلى جنب مع الشعب العراقي.
وعن محادثاته مع أردوغان وأوغلو، أوضح الجعفري في تصريحات للصحافيين أنَّها تناولت ملفات عدة وخصوصًا ما يتعلق منها بالأمن، والعلاقات التجاريّة، وتبادل الخبرات، والإعمار والإسكان، حيث من المؤمل أن يتم البدء بسرعة التحرك عليها وإنجازها، مضيفًا أنَّ اجتماعه مع الرئيس أردوغان كان مثمرًا.
وأضاف "وتناولت المحادثات العلاقات الأمنية والسياسية والتجارية وكان صريحًا جدًا، وتقارب في وجهات النظر، مؤكدًا دعم ووقوف تركيا إلى جانب الشعب العراقي ضد التطرف، كما استعرضت له ما يدور الآن في العراق وأن إدارة الملف الأمني العراقي بيد القوات العسكرية العراقية وأنـها تـُحقـق انتصارات رائعة ومعها مختلف روافد القوات العسكرية من الحرس الوطني، ومن "البيشمركة"، والكثير من المجاميع لإرساء الوضع الوطني الجديد.
وعن العلاقات الاقتصادية بين العراق وتركيا، أشار الجعفري إلى أنه بحث مع المسؤولين التركيين تطوير هذه العلاقات وتفعيل عمل اللجان المكلفة بهذه المهمة "وقلنا لهما إنَّ هناك شركات تركية تعمل في العراق حظيت بثقة الشعب العراقي لجودة منتجها، واعتدال أسعارها، والعراق مفتوح كسوق للبضاعة التركية".
وأضاف أنَّ أردوغان وأوغلو أكدا الوقوف مع الشعب العراقي في مواجهة التطرف الذي لم يؤيداه مطلقًا بكل أنواعه، وكل مسمياته، وأنهما شجبا التطرف، وقد جاء ذلك على لسان كل المسؤولين من دون استثناء.
وقال إنَّ محادثاته مع كبار المسؤولين الأتراك تناولت نقاطاً ذات بعد استراتيجي وفي مُقدمتها "الجانب الأمني لأن الوضع الأمني في العراق دخل إلى الدائرة الاستراتيجية لذا تكلمنا حول إدانة "داعش"، وضرورة أن نستقطب الموقف التركي إلى جانب التحالف الدولي الذي وقف إلى جانب العراق ضد "داعش"، وكان الإخوة الأتراك أسخياء، ويدعمون العراق، ويشجبون أفعال "داعش"، كما تحدثنا عن الملفات المتعددة ذات البعد الاقتصادي، وتطوير العلاقات السياسية"، معبرًا عن الأمل في أن تشهد العلاقات العراقيّة التركيّة في الفترة المقبلة تصاعُدًا أفضل.
أرسل تعليقك