حطام سيارة لمشتبهين بالانتماء إلى "القاعدة" استهدفتها غارة جوية أميركية في اليمن
واشنطن ـ يوسف مكي
وقعت إدارة أوباما في حرج شديد بعد الكشف عن استخدام وكالة الاستخبارات الأميركية الـ "سي آي إيه" المجال الجوي السعودي كقاعدة لشن غاراتها بطائرات "الدرون"من دون طيار على اليمن، فيما تعرض جون برينان، الذي يرشحه الرئيس الأميركي باراك أوباما لتولي منصب مدير الـ "سي آي إيه"
والمعروف بأنه "مهندس إستراتيجية البيت الأبيض" في تنفيذ غارات طائرات "الدرون"، لضغوط مكثفة ، في أعقاب الكشف عن ذلك، وفي ظل غضب الكونغرس من رفض إدارة أوباما الكشف عن الأسس والمبررات القانونية التي تبيح لها قتل المواطنين الأميركيين بهذه الغارات.
وقد التزمت كل من إدارة أوباما والسعودية الصمت إزاء التقارير التي تشير إلى استخدام الـ "سي آي إيه" المجال الجوي السعودي سرًا للقيام بعمليات الاغتيال التي تنفذها في اليمن. كما كشفت تلك التقارير عن "مقتل الأميركي أنور العوالقي وابنه خلال أيلول/سبتمبر من العام 2011 ، كما أن سعيد الشهري الذي توفي خلال كانون الثاني/يناير الماضي، قد مات متأثرًا من إصابات تعرض لها إثر هجوم بطائرة من دون طيار.
وكان البيت الأبيض الذي طلب من صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، وغيرها من الوكالات الإخبارية، إخفاء تلك المعلومات لمدة 12 شهرًا لدواعٍ أمنية، قد تعرض لحرج شديد بسبب نشر تلك المعلومات، كما أن توقيت نشرها تسبب في حرج بالغ لأوباما بسبب مقتل أنور العوالقي وابنه الذي أثار قيام الكونغرس بالمطالبة بمزيد من الشفافية من جانب البيت الأبيض حول الأسس والقواعد القانونية التي يستخدمها، لتبرير قتل المواطنين الأميركيين بطائرات من دون طيار.
ومن المتوقع أن يمارس نواب الكونغرس ضغوطًا قاسية على برينان أثناء جلسة الاستماع المقررة الخميس حول السياسة الأميركية في استخدام طائرات "الدرون" . كما يضغط هؤلاء الآن على البيت الأبيض من أجل الكشف عن تفاصيل الفتوى القانونية التي تبرر قتل المواطن الأميركي والسياسة المتبعة التي تسمح لأوباما وبعض المسؤولين لتحديد لائحة الاغتيالات.
وكانت شبكة "إن بي سي" قد نشرت الثلاثاء الماضي، مذكرة تعود للعام 2011 تبرر قتل الأميركيين الذين يشغلون مناصب قيادية في تنظيم القاعدة والذين يشكلون خطرًا وشيكًا ضد أميركا. إلا أن بعض أعضاء الكونغرس يقولون إن "هناك الكثير من التساؤلات التي لا تجيب عنها المذكرة، ويطلبون المزيد من التفاصيل حول ما جاء في المذكرة التي تضم 50 صفحة. وقام 11 عضوًا في الكونغرس بالكتابة إلى البيت الأبيض، ملمحين إلى نشوب معركة طويلة حول تعيين برينان في حالة رفض الإدارة الأميركية التعاون في مطلبها. وجاء في خطاب أعضاء الكونغرس أن التعاون في هذا الأمر سيساهم في تجنب مواجهة لا داعٍ لها، قد تؤثر في رأي مجلس الشيوخ حول ترشيحات الإدارة الأميركية لمناصب الأمن القومي.
كما أثار بعض أعضاء الكونغرس مسألة الضحايا المدنيين، وما إذا كانت غارات طائرات "الدرون"، باتت وسيلة تسهم في تجنيد المزيد من أعداء الولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن تشهد الجلسة إلقاء الضوء على مستقبل استخدام هذه الطائرات التي توسع أوباما في استخدامها في كل من باكستان وأفغانستان واليمن والصومال. وقد ساعد برينان في صياغة وتبني هذه السياسة في البيت الأبيض وإقناع أوباما بجدواها وقيمتها.
ومن المتوقع كذلك أن يسأل النواب حول ما إذا كان برينان سيتبع هذا النهج كإستراتيجية في الـ "سي آي إيه" تتوازى مع غارات الجيش الأميركي . يذكر أن استخدام الـ "سي آي إيه" لطائرات" الدرون" بات ينظر إليها على أنه "انتهاك للقانون الدولي على أساس أن الـ "سي آي إيه ليست قوات عسكرية".
وقد استغلت وسائل الإعلام الإيرانية قيام الـ "سي آي إيه" باستخدام السعودية كقاعدة لطائرات "الدرون"، كما أن ذلك الكشف سيكون بمثابة فرصة تستغلها الجماعات الجهادية، لاسيما وأن السعودية كانت قد نفت علانية تعاونها مع الولايات المتحدة في قتل أفراد تنظيم القاعدة في اليمن.
ومن شأن الكشف عن تورط السعودية، أن يؤثر في علاقاتها مع الحكومة اليمنية وزعماء القبائل اليمنية الذين يسيطرون على المناطق اليمنية التي يمارس فيها أفراد القاعدة نشاطهم. كما أن الشارع السعودي لا يحبذ وجود قواعد أميركية في السعودية.
يذكر أن وجود قواعد وقوات أميركية في السعودية بعد حرب الخليج العام 1991 التي تضم مكة والمدنية، كان أحد الأسباب وراء هجمات الحادي عشر من ايلول سبتمبر، وكان أحد أسباب تفجير أبراج الخبر قبل خمس سنوات. كما أن تفجير السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا، جاء في الذكرى الثامنة لأول وجود للقوات الأميركية في السعودية.
وتؤكد صحيفة "الغارديان البريطانية" أنه "من غير المرجح أن يحدث هذا الإفشاء تأثيرًا داخل المملكة في ضوء افتقادها إلى إعلام مستقل أو شفافية حكومية". كما أنه لا يوجد في الشارع السعودي تعاطف مع تنظيم القاعدة في اليمن. فقد شنت السلطات السعودية خلال العام 2004 حملات ضد التنظيم على أراضيها، كما أن التنظيم استهدف السعودية في عدة مناسبات، ففي العام 2009 نجا نائب وزير الداخلية السعودي محمد بن نايف من هجوم انتحاري قام به شخص يمني.
ويقول الخبير في مركز أبحاث الخليج في دبي، مصطفى علاني إن "طائرات الدورن" لا تحمل طيارًا ولا تحمل علامة، وبالتالي فإنها لا تحدث تأثير الطائرات المقاتلة الأميركية نفسه التي كانت تنطلق من قاعدة الأمير سلطان، كما أنها لا تعد بمثابة احتلال أميركي للبلاد.
وقد طلبت الحكومة الأميركية من وسائل الإعلام الأميركية، الامتناع عن نشر مكان قاعدة الـ "سي آي إيه" في السعودية، لأن ذلك قد يلحق ضررًا بالغًا بالتعاون مع السعودية في مجال مكافحة الإرهاب.
أرسل تعليقك