روسيا قد تواجه اليوم ما واجهته دول الكتلة الشرقية سابقاً من هجرة الأدمغة
آخر تحديث GMT09:49:37
 العرب اليوم -

روسيا قد تواجه اليوم ما واجهته دول الكتلة الشرقية سابقاً من هجرة الأدمغة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - روسيا قد تواجه اليوم ما واجهته دول الكتلة الشرقية سابقاً من هجرة الأدمغة

دول الاتحاد الأوروبي
نيويورك - العرب اليوم

اتفقت دول الاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة وحلفاء آخرين على مزيد من الإجراءات العقابية ضد روسيا بسبب الحرب ضد أوكرانيا. ويتوقع معهد «إيفو» الألماني للبحوث الاقتصادية أن يكون للعقوبات الغربية الجديدة المقررة ضد روسيا المزيد من الآثار السلبية على البلاد. وقال الكاتب ستيفن ميهم، أستاذ التاريخ بجامعة جورجيا الأميركية، في تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء، إنه بينما كان الرئيس بوتين يطلق معركته لاستعادة المجد السابق لروسيا من خلال تدمير أوكرانيا، بدأ شيء على القدر نفسه من الأهمية لمستقبل بلاده يتكشف في الداخل. فقد لمح أكثر الأصول الروسية قيمة (شبابها) إلى رغبتهم في الرحيل عن البلاد. وأظهر استطلاع للرأي أجرى قبل الغزو الذي بدأ يوم 24 فبراير (شباط) أن 43 في المائة من الروس بين سن 18 عاماً و24 عاماً أعربوا عن رغبتهم في مغادرة البلاد للأبد. ومن بين هؤلاء، ذكر 44 في المائة أن الوضع الاقتصادي هو السبب الرئيسي للمغادرة. ومن المؤكد أن هذه المشاعر ستتزايد بسبب تأثير العقوبات الدولية ضد روسيا وعمليات القمع في الداخل. ومع تفكير عدد متزايد من المواطنين الروس في مغادرة بلادهم، سيواجه بوتين مأزقاً يشبه أسلافه الشيوعيين الذين عانوا من هجرة الأدمغة.

منذ عام 1952، أنشأت إدارة الرئيس هاري ترومان، برنامج الهاربين للولايات المتحدة الذي استهدف المنشقين البارزين، وقدم إغراءات للمفكرين والعلماء وغيرهم للفرار من الاتحاد السوفياتي والدول التابعة له. وكما أشار أحد مؤرخي هذا البرنامج، فإن مصطلح «الهاربين»، بشكل متعمد، «أشار إلى منطقة النفوذ السوفياتي، كسجن واسع، محاط بأسلاك شائكة وأبراج مراقبة وحراس يحملون أسلحة آلية. وقد ساعدت الثقافة الأميركية الشعبية في ترسيخ هذا التصور حول العالم. ومع ذلك، ظلت بوابة واحدة مفتوحة، وهي برلين. فقد كان الوضع الشاذ للمدينة في الحرب الباردة - حتى بعد فشل محاولة الزعيم السوفياتي نيكيتا خروشوف لتجويع المدينة لكي تستسلم - يعني أنه يمكن لسكان ألمانيا الشرقية العبور إلى النصف الغربي دون العودة مطلقاً. وقد فعلوا ذلك بالفعل. وخلال الفترة بين عامي 1949 و1961، تشير التقديرات إلى أن أكثر من 5.‏3 مليون من سكان ألمانيا الشرقية، نحو 20 في المائة من السكان، فروا إلى الغرب. وكان هؤلاء الأشخاص هم الأكثر ذكاءً والأفضل تعليماً والأصغر سناً في المجتمع الألماني الشرقي. وكان أكثر من 75 في المائة من هؤلاء الذين غادروا أقل من 40 عاماً. ولم يتسبب تدفق رأس المال البشري في إنهاء الفزع في ألمانيا الشرقية، التي أعلنت في نهاية الأمر أن عمليات الرحيل تعد جريمة أو «فراراً من الجمهورية». ووصفت السلطات مثل هذا السلوك بأنه «عمل ينم عن التخلف والانحراف السياسي والأخلاقي». إلا أن العديد من الألمان الشرقيين لم يتلقوا الملاحظة. ومع خسارة ألمانيا الشرقية لأفضل وألمع أبنائها، حصلت الحكومة في نهاية الأمر على تصريح من موسكو لبناء جدارها سيئ السمعة، حيث أغلقت ثغرة الهجرة في برلين، وأوقفت الهجرة الجماعية، إلا أن الضرر كان قد حدث بالفعل. واختتم الكاتب ستيفن ميهم، تقريره بالقول إنه ربما يواجه بوتين قريباً مأزقاً مشابهاً. وإذا قرر الشباب الأصغر والأكثر إقداماً في روسيا على المغادرة، فإنه سيجلس مكتوف الأيدي وهم يأخذون مستقبل روسيا معهم. أو يمكنه تحويل بلاده إلى سجن ضخم، ليعيد النموذج السوفياتي الذي يعتمد على مراقبة الحدود، وفي أي من الحالتين، فإن بوتين وروسيا سيخسران.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن العقوبات المفروضة على روسيا أظهرت بالفعل تأثيراً كبيراً. وقالت فون دير لاين، «العقوبات شديدة للغاية، يمكن ملاحظة ذلك... الاقتصاد الروسي يترنح»، مشيرة إلى أن معدل التضخم في روسيا ينفجر، وأسعار الفائدة ترتفع بشكل كبير، والروبل في حالة سقوط حر، والبورصة لم تعد مفتوحة، وأضافت: «هذه العقوبات أصابت الرئيس بوتين حتى النخاع». وذكرت السياسية الألمانية أن العقوبات تستهدف أضعف نقطة في روسيا، ألا وهي اقتصادها الموجه بالكامل نحو تصدير النفط والغاز والفحم، مضيفة أن هذا الاقتصاد بحاجة ماسة إلى التحديث، مؤكدة في المقابل أن العقوبات ستبطل إمكانية حدوث ذلك.

وصرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن العقوبات الغربية، غير المسبوقة، على بلاده، ستعزز من استقلاليتها عن بقية العالم. ونقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية عن بوتين قوله الخميس خلال اجتماع وزاري: «لطالما كان هناك ضغط بسبب العقوبات، لكنه اكتسب الآن طابعاً معقداً، وخلق لنا أسئلة معينة ومشاكل وصعوبات، لكن وكما تم التغلب على هذه الصعوبات في السنوات الماضية، فإننا سنتغلب عليها الآن». وأضاف بوتين: «يجب أن نتجاوز هذه الفترة، ومما لا شك فيه أن الاقتصاد سيتكيف مع الموقف الجديد، وهذا سيؤدي إلى زيادة في استقلاليتنا واعتمادنا على ذاتنا وسيادتنا».

مع تفاقم الوضع الداخلي في روسيا بسبب الإجراءات الصارمة التي يتخذها بوتين على الصعيد المحلي فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، وأيضاً مع تدهور الوضع الاقتصادي، يلجأ الكثير من الشباب الروسي إلى مغادرة بلادهم، أبرزهم من الكفاءات، وهو ما يلقي بظلال قاتمة على مستقبل البلاد.

ويرى ميهم أنه لفهم السبب، يتعين التفكير فيما حدث في شرق أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. فعندما بدأ الاتحاد السوفياتي تعزيز نطاق نفوذه على ما سيصبح قريباً الكتلة الشرقية، فرت موجة أولى من المهاجرين من الدول الشيوعية الجديدة إلى الغرب، سعياً للجوء في الديمقراطيات في أوروبا وفي الولايات المتحدة. وشملت طليعة هذه الهجرة الجماعية، أكثر الأشخاص نجاحاً في البلاد. في بولندا على سبيل المثال، وصف أحد المؤرخين الموجة الأولى بأنها تشمل «نخباً سياسية سابقة وملاك أراضٍ أثرياء ورجال أعمال محترفين، رأوا آفاقاً مستقبلية قاتمة في الدولة التي يهيمن عليها الشيوعيون». وحدث شيء مشابه في ألمانيا... فقد أشار مقال نشر في مجلة «دير شبيغل» في ألمانيا الغربية إلى أن الموجة الأولى خلال الفترة من 1945 وحتى 1947 شملت «في الأغلب ملاك شركات كبيرة ومصانع، تمت الإطاحة بهم خلال إعادة التنظيم السوفياتية». ومع تعزيز الشيوعيين سيطرتهم على ألمانيا الشرقية، فر الأطباء والصيادلة أيضاً. وأشارت المجلة إلى أنه بنهاية عام 1952، كانت قد بدأت «الهجرة الجماعية للفلاحين». وفي مرحلة معينة، أدركت الدول التابعة للاتحاد السوفياتي أن هؤلاء الهاربين يثيرون الشكوك في مزاعم أن الكتلة الشرقية هي جنة اشتراكية. وتعاملت السلطات مع هذا الأمر بالطريقة الوحيدة التي تعرفها، وهي احتجاز مواطنيها خلف ستار حديدي. وقد أخذ القمع عدة صور: توقيع عقوبات وحشية على أي شخص يتم ضبطه أثناء الفرار، وفرض قيود على السفر الداخلي لإبعاد المواطنين عن الحدود مع الغرب، وإقامة نقاط تفتيش عند المعابر غير المؤمنة، واتخاذ إجراءات أكثر صرامة. فقد أنشأت المجر، على سبيل المثال، منطقة محظورة عرضها 30 كيلومتراً على حدودها الغربية. وقد حقق القمع الهدف منه، لكنه كان كارثة من جوانب أخرى، نظراً لأن مشهد الكتلة الشرقية وهي تحول مجتمعاتها إلى سجون شاسعة على مستوى البلاد ككل، لم يكن استراتيجية انتصار في معركة الأفكار العالمية. وأوضح ميهم أن الغرب فهم هذا بالطبع، وقام باستغلاله.

قد يهمك ايضاً

الأوروبيون يغلقون الباب بوجه انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد

الاتحاد الأوروبي يَفْصِل 7 بنوك روسية عن منظومة "سويفت" للمصارف

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا قد تواجه اليوم ما واجهته دول الكتلة الشرقية سابقاً من هجرة الأدمغة روسيا قد تواجه اليوم ما واجهته دول الكتلة الشرقية سابقاً من هجرة الأدمغة



ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 00:21 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

تنسيق التنورة القصيرة بطريقة شبابية وعصرية
 العرب اليوم - تنسيق التنورة القصيرة بطريقة شبابية وعصرية
 العرب اليوم - تنسيق الأثاث المناسب للمساحات المنزلية الصغيرة

GMT 08:08 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

غادة عادل تخوض تجربة الدراما الصعيدية
 العرب اليوم - غادة عادل تخوض تجربة الدراما الصعيدية

GMT 06:13 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

"ارتفاع مقلق" بوفيات جدري القردة خلال أسبوع واحد

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 13:04 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

محمد حماقي يعلن شروطه لدخول عالم التمثيل

GMT 12:12 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

تشيلسي يربط السنغالي نيكولاس جاكسون حتي عام 2033

GMT 15:24 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

موجة طقس سيئ تضرب النمسا وترقب فيضانات عارمة

GMT 04:53 2024 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

وفاة الفنانة ناهد رشدي بعد صراع مع المرض

GMT 22:01 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

المؤلفون غير البيض يشعلون شغف الطلاب بالقراءة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab