تناول الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عددا من القضايا الدولية الساخنة والتي شكلت بمعظمها حالة من التوتر غير المسبوق في علاقات موسكو مع الغرب، تذكر بأيام الحرب الباردة. إذ حذر بوتن من احتمال انهيار النظام العالمي للحد من التسليح النووي، ومن التدخل العسكري الأميركي في فنزويلا، داعيا في نفس الوقت إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات مع لندن بعد الفضائح التي اعترتها، على خلفية تسميم العميل المزدوج السابق سيرغي سكريبال في مارس (آذار) 2018 في بريطانيا. وقال بوتن في تصريحات من سان بطرسبرغ إن أحدث اتصال هاتفي بينه وبين الرئيس الأميركي دونالد ترمب منحه قدرا من التفاؤل، وقال إن المحادثات مع واشنطن بشأن تمديد معاهدة ستارت الجديدة للأسلحة النووية لم تبدأ بعد. وفيما يخص فنزويلا حذر بوتين أمس الخميس من أن التدخل العسكري الأميركي في البلد الواقع في أميركا الجنوبية سيكون بمثابة كارثة، وقال إنه حتى حلفاء واشنطن لا يؤيدون مثل هذا الإجراء.
وخلال منتدى اقتصادي في سان بطرسبرج قال بوتين أيضا إن خبراء فنيين روسا ما زالوا في فنزويلا لتنفيذ عقود تتعلق بأسلحة روسية، وهو أمر قال إنه مُلزِم بموجب بنود التعاقد. وأكد أن موسكو لا تبني أي قواعد عسكرية خاصة في فنزويلا، الحليف المقرب لروسيا.
كما قال الرئيس الروسي خلال اجتماع مع مسؤولي وكالات أنباء على هامش منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي: «في نهاية الأمر، علينا أن نطوي هذه الصفحة المتعلقة بجواسيس ومحاولات اغتيال». وعبر بوتين عن أمله في أن يعمل رئيس وزراء بريطانيا القادم على تحسين العلاقات بين البلدين والتي توترت بشكل كبير العام الماضي بسبب حادث تسميم جاسوس روسي سابق في إنجلترا ألقت لندن باللوم فيه على موسكو. وسيرغي سكريبال ضابط سابق في الاستخبارات الروسية، أدين بالتجسس لصالح بريطانيا قبل أن يصبح جزءاً من عملية تبادل عملاء مزدوجين. وعثر عليه وعلى ابنته يوليا في 4 مارس (آذار) 2018 في سالزبوري جنوبي بريطانيا، بلا حراك على مقعد في مكان عام. وشرح بوتين: «لسنا نحن من كان يتجسس عليكم عبر هذا الشخص الذي قيل إنّه جرى تسميمه في سالزبوري. هو عميلكم ولا يخصنا. وهذا يعني أنّكم أنتم من كان يتجسس علينا». واتهمت السلطات البريطانية الاستخبارات الروسية بمحاولة تسميمه عبر استخدام غاز أعصاب. إلا أنّ موسكو نفت أي مسؤولية في هذه القضية التي أثارت أزمة دبلوماسية عميقة بين البلدين. ونجا سكريبال وابنته بعد علاجهما لفترة في مستشفى.
اقرأ أيضاً :
قاطرة "تروجوك" بداية خطة بوتين لإنقاذ عرشه
وقال الرئيس الروسي: «القضايا العالمية المرتبطة بالمصالح المشتركة لدولتينا في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية أهم بكثير من ألعاب الأجهزة الخاصة». وتابع: «أتمنى أنّ يأخذ من سيقود الحكومة (في لندن) بعين الاعتبار مصالح 600 شركة بريطانية تعمل في روسيا». قبل قضية سكريبال، توترت العلاقات بين لندن وموسكو بوفاة العميل الروسي السابق ألكسندر ليتفيننكو مسموماً بالبولونيوم في العام 2006 في بريطانيا.
وحمّلت السلطات البريطانية روسيا المسؤولية في هذه القضية.
ويتعارض البلدان في عدّة مسائل دولية، بينها الصراع السوري والأزمة الأوكرانية. وكان قد افتتح منتدى الاستثمار الرئيسي في روسيا أمس الخميس في مدينة سان بطرسبورغ، مع التركيز على الصين؛ حيث يستضيف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الصيني شي جينبينغ.
وتطور روسيا وجارتها الصين علاقاتهما بالشكل الأوثق على الإطلاق في السنوات الأخيرة؛ حيث تدهورت علاقاتهما بالمنافس الجيوسياسي: الولايات المتحدة.
وقال وزير المالية الروسي أنتون سيلوانوف في المنتدى إن القيود الأميركية على التجارة مع القوة الاقتصادية الصين أفادت روسيا بالفعل. ويقاطع سفير الولايات المتحدة لدى روسيا، جون هنتسمان، المنتدى هذا العام احتجاجا على احتجاز روسيا لمستثمر أميركي بارز هو مايكل كالفي بتهمة الاحتيال.
ويأتي حضور شي في المنتدى كضيف شرف ضمن زيارة مدتها ثلاثة أيام لأكبر مدينتين في روسيا: موسكو وسان بطرسبورغ، لتعزيز التعاون الاقتصادي.
وارتفع حجم التجارة بين روسيا والصين بنسبة 5.24 في المائة العام الماضي، مقارنة بالعام السابق له، ليصل إلى 108 مليارات دولار، وفقا لهيئة الجمارك الاتحادية الروسية. وفي اجتماع في الكرملين الأربعاء، وصف بوتين وشي العلاقة بين بلديهما بأنها الأوثق على الإطلاق. وشهد بوتين وشى توقيع شركة الاتصالات الروسية «MTS» وشركة «Huawei» الصينية للتكنولوجيا ومعدات الهاتف الجوال اتفاقا لإنشاء شبكة اتصالات تدعم تكنولوجيا الجيل الخامس في روسيا.
وأصبحت هواوي جزءا محوريا في الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين. وأدرجت الولايات المتحدة شركة التكنولوجيا على القائمة السوداء، متهمة إياها بتسهيل التجسس لصالح الحكومة الصينية.
وذكر قوه بينج، رئيس مجلس إدارة هواوي، في بيان إن حضور الرئيسين يدل على أهمية التعاون التكنولوجي بين روسيا والصين. كما زار بوتين وشي حديقة حيوانات موسكو في إطار ما يعرف بدبلوماسية الباندا؛ حيث أهدت الصين لموسكو زوجا من الباندا من مقاطعة سيشوان. وقال الكرملين في بيان إن تقديم الباندا الذكر رو يي والأنثى دينج دينج كهدية جاء للاحتفال بالذكرى السبعين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين روسيا والصين.
قد يهمك أيضاً :
قمة "سوتشي" الثلاثية ترحّل ملفي إدلب والمنطقة الأمنية وتشكك في الانسحاب الأميركي
بوتين: حاليا في جميع أنحاء سوريا تقريبا يتم الالتزام بنظام وقف الأعمال القتالية
أرسل تعليقك