تدفق العراقيون مجدداً، الأحد إلى شوارع العاصمة بغداد ومدن جنوبية عدة في إضراب عام أعاد الزخم إلى الحراك الاحتجاجي المتواصل منذ أسابيع للمطالبة بـ”إسقاط النظام”، وأصبحت الاعتصامات تكتيكاً أسبوعياً متبعاً في الاحتجاجات التي انطلقت في الأول من تشرين الأول للمطالبة بمكافحة الفساد وتأمين فرص عمل وتغيير الطبقة السياسية الحاكمة.
ويواجه المحتجون يومياً محاولات القوات الأمنية لصدهم، وخرج الآلاف الأحد إلى الشوارع بعد دعوات من ناشطين إلى الإضراب العام، وتوقف العمل في 9 محافظات منها البصرة والكوت والنجف والديوانية والحلة والناصرية، حيث أغلقت الدوائر الحكومية والمدراس، وأقدم المتظاهرون في مدينة البصرة الغنية بالنفط، على حرق إطارات لقطع الطرق ومنع الموظفين من الوصول إلى عملهم.
وأفاد مصدر في الشرطة أن المئات من المحتجين احتشدوا أمام البوابة الرئيسة لحقل مجنون النفطي في البصرة، حيث كان مصدر أمني عراقي، قد أكد قيام محتجين بإغلاق الطريق المؤدية إلى ميناء أم قصر في محافظة البصرة (جنوب) الغنية بالنفط، وأعلنت الحكومات المحلية في محافظات بينها بابل وواسط وذي قار، اعتبار الأحد عطلة رسمية.
وفي مدينة الحلة، حيث أغلقت الدوائر والمدارس، خرج آلاف بينهم طلبة وموظفون حكوميون للاعتصام أمام مبنى مجلس المحافظة في وسط المدينة، وقال المحامي والناشط المدني حسان الطوفان لـ(فرانس برس) إن “التظاهرات تمثل تصدياً للفساد والعمل من أجل الخلاص من الظلم”.
وأكد “سنواصل التظاهر والإضراب العام مع كل العراقيين حتى إرغام الحكومة على الاستقالة”، وفي غضون ذلك، احتشد آلاف المتظاهرين في ساحة التحرير الرمزية وساحة الخلاني القريبة وعند جسر السنك، فيما فرضت قوات الأمن إجراءت مشددة حول مواقع التجمع.
وعاد المتظاهرون السبت للاعتصام عند جسر السنك الحيوي، بعدما تراجعت القوات الأمنية التي كانت منعت تقدمهم إليه قبل أسبوعين، وسيطر المتظاهرون أيضا على مبنى مرتفع يطل على الجسر ليبسطوا بذلك سيطرتهم على منطقة جديدة بوسط العاصمة العراقية بعدما بدا أن الاحتجاجات فقدت زخمها.
كما سيطر المحتجون، أمس الاحد، على جسر الاحرار وهو ثالث جسر يفصل جانبي العاصمة، ويحتشد المتظاهرون منذ اربعة اسابيع في ساحة التحرير المركزية ببغداد، مطالبين بـ”إسقاط النظام” وتغيير الطبقة السياسية الحاكمة التي يعتبرون أنها تعيث فساداً في البلاد منذ 16 عاماً.
وكان المتظاهرون قد تمكنوا من السيطرة على أربعة جسور حيوية تربط ضفتي نهر دجلة وتصل شرق بغداد بغربها، حيث المنطقة الخضراء التي تضم المقار الحكومية والسفارت الأجنبية، لكن قوات مكافحة الشغب نجحت قبل نحو أسبوعين في استعادة السيطرة على ثلاثة جسور والأحياء المجاورة لها، وإعادة المتظاهرين إلى ساحة التحرير وجسر الجمهورية بعد استخدامها وابلا من القنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي.
وقتل أكثر من 319 شخصا خلال الاضطرابات الحاشدة المستمرة منذ أسابيع في بغداد وجنوبي العراق، حيث تزايدت حدة الاحتجاجات التي بدأت في تشرين الأول بسبب نقص الوظائف والخدمات العامة. ويطالب المحتجون حاليا برحيل الطبقة الحاكمة في العراق وإصلاح نظام الحكم الذي أذكى الفساد منذ الإطاحة بصدام حسين في غزو قادته الولايات المتحدة عام 2003.
وحذرت حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي من أي احتجاجات تتسم بالعنف. وتتعرض الحكومة لضغوط من السلطات الدينية ذات النفوذ لضمان عدم تصاعد حدة العنف ولإجراء إصلاحات حقيقية لتحسين حياة العراقيين.
وذكر أحد المشاركين بالتظاهرات في ساحة التحرير(رفض الكشف عن اسمه) أن “ساحة التحرير شهدت اليوم مشاركة الآلاف من الطلاب من مختلف مدارس وجامعات بغداد وهم يرتدون القمصان البيضاء”، مؤكدا أن “هذه المشاركة زادت من عزيمة المتظاهرين ونتمنى أن تستمر هذه المشاركة يوميا”.
يأتي إضراب طلاب جامعات ومدراس وسط وجنوبي العراق، على الرغم من بيانات نشرتها وزارتا التعليم العالي والتربية أمس، تؤكد على أن الأحد، هو يوم دوام رسمي، وتدعو الطالب إلى “الانتظام في الدوام”.
كما قطع بعض المحتجين شوارع رئيسة في بغداد بإشعال النار في إطارات سيارات. وقد زاد من حجم المشاركة في الإضراب دعوات للإضراب أطلقها أئمة مساجد في مناطق مختلفة من العاصمة العراقية عبر مكبرات الصوت، في وقت متأخر من الليل.
ومما زاد من حدة الإضراب أيضا ما نشرته، أمس، صفحة أحد الشخصيات المعروفة على نطاق واسع بقربها من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر من دعوة للإضراب.
وذكر صالح محمد العراقي، عبر فيسبوك، “إضراب طوعي. إن ضاعت الفرصة ضاع الوطن، فلا بد للفساد أن ينجلي ولا بد للفاسد أن ينكسر”.
قد يهمك أيضا:
العبادي يطرح خارطة طريق لإنهاء الأزمة العراقية تبدأ بسحب الثقة من الحكومة
قائد حلف شمال الأطلسي في العراق يؤكد أنّ أحداث الأسابيع الستة الماضية كانت مأساة
أرسل تعليقك