بيروت - العرب اليوم
تفاقمت شكوى المعارضة اللبنانية من طريقة إدارة عملية انتخاب المغتربين، على خلفية اتهام وزارة الخارجية بالقيام بمخالفات في طريقة توزيع مراكز الاقتراع في بعض العواصم. وتطورت الأمور يوم أمس عبر طلب حزب «القوات اللبنانية» طرح الثقة بوزير الخارجية عبد الله بوحبيب، متّهماً إياه، ومن خلفه «التيار الوطني الحر»، بمحاولة «تشويه عملية انتخاب المغتربين»، فيما أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «أن ما يحصل يراعي القوانين، ونعمل لمعالجة بعض الشوائب».
وتقدم النواب من «القوات» بيار بو عاصي، وجورج عقيص، وإدي أبي اللمع، وعماد واكيم، أمس، من الأمانة العامة لمجلس النواب، بطلب عقد جلسة للهيئة العامة للمجلس، بهدف طرح الثقة بوزير الخارجية. ويأتي هذا الطلب بعد فترة من الحديث عن أخطاء تقوم بها «الخارجية»، وهو ما تطرق إليه أمس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في جلسة مجلس الوزراء، مشيراً إلى أنه عقد اجتماعاً مع وزيري الداخلية والخارجية، وأكد أن كل التحضيرات تسير في الإطار الصحيح. وأوضح: «سمعنا بعض الملاحظات في ملف انتخاب المغتربين في الخارج، ووزير الخارجية الذي يقوم بتحقيقاته في الموضوع، تبين له حتى الآن أن ما يجري يراعي القوانين والتعاميم». لافتاً إلى أنه «قد تكون هناك بعض الشوائب والعشوائية، خاصة في مدينة سيدني الأسترالية، لكن المسؤولية عنها لا تعود للدولة اللبنانية، وعلى الرغم من ذلك نحن ندرس إمكانية سبل معالجتها».
واتهمت «القوات» بشكل غير مباشر «التيار الوطني الحر» المحسوب عليه وزير الخارجية بالمسؤولية عما يحصل. وجاء في طلب النواب أنه منذ إلغاء تصويت اللبنانيين غير المقيمين في دائرة خاصة بهم، والإبقاء على اقتراعهم في دائرتهم الانتخابية داخل لبنان، دأبت وزارة الخارجية والمغتربين، مباشرةً أو بواسطة بعثاتها الدبلوماسية، على تكرار المحاولات الرامية إلى تقييد حقّ المغتربين اللبنانيين في الاقتراع.
وتحدث بيان «القوات» عن «إجراءات مستهجنة وخارجة عن القانون». منها «تشتيت أصوات المنطقة الواحدة والقرية الواحدة والعائلة الواحدة على عدّة أقلام اقتراع، يبعد بعضها عن بعض مسافات كبيرة، ما يصعّب عملية الاقتراع». واعتبر النواب أن «كل هذه الارتباكات تفضي إلى الاستنتاج بأن وزارة الخارجية والمغتربين تقوم عمداً بتشويه عملية الانتخابات الخاصة بالمغتربين اللبنانيين... من هنا توجهوا إلى رئيس البرلمان بطلب عقد جلسة عاجلة للهيئة العامة للمجلس النيابي لمساءلة وزير الخارجية وطرح الثقة به... وينتظر أن يبلغ رئيس المجلس الوزير المعني بالطلب، على أن يدعو إلى جلسة عامة بعد مرور 5 أيام من تاريخ تبليغه».
ويقول الأمين المساعد لشؤون الانتشار في «القوات» مارون سويدي لـ«الشرق الأوسط» إن المشكلة تكمن في شرذمة عائلات المغتربين المسجلين للاقتراع عبر وضعهم في مراكز متباعدة، ما من شأنه أن يعيق أو يخفف من حماسة هؤلاء للمشاركة. ويلفت إلى أن «القوات» كان قد تقدم بطلب من وزارتي الخارجية والداخلية لتصحيح هذا الخطأ في مدينة سيدني الأسترالية التي سجّل فيها 15 ألف ناخب، واعتماد ما كان عليه الوضع عام 2018، لكنه تفاجأ بأن الأمر صحح في بلدان أخرى، باستثناء أستراليا، واضعاً الأمر في خانة الأهداف السياسية.
ويلفت سويدي إلى أن المشكلة تكمن في التمييز بين البلدان، بحيث عدّلت الإجراءات في عواصم، بناء على طلبات الجاليات والبعثات الدبلوماسية، وأبقيت في أخرى، وعلى رأسها أستراليا، ما يطرح علامة استفهام، ولا سيما أن في سيدني قوّة ناخبة لـ«القوات» ولأحزاب أخرى معارضة لرئيس «التيار» جبران باسيل.
وأدى طلب «القوات» طرح الثقة بوزير الخارجية عبد الله بو حبيب إلى سجال مع «التيار الوطني الحر» عبر رئيسه النائب جبران باسيل، الذي وصف «القوات» بالميليشيا، لتعود الأخيرة، وترد عليه بالقول: «الذي انهار لبنان في عهده ما زال يتفاصح بالكلام أمام اللبنانيين».
وردّ باسيل على «القوات»، رافضاً فرض شروطها على «الخارجية»، مهدداً بالطعن بأي تعديل، وقال عبر «تويتر»: «الجميع يعرف ويعترف بالجهد الذي بذلته وزارة الخارجية لتسهيل اقتراع المنتشرين، من زيادة مراكز الاقتراع من 116 إلى 205، وأقلام الاقتراع من 232 إلى 598، بالتوازي مع وضع معيار واحد لكل دول العالم، بجعل كل مركز اقتراع (ميغاسنتر)، يحتوي أقلام كل دوائر لبنان. إلا أن (القوات) تريد فرض شروطها على الوزارة، خاصة في سيدني - أستراليا، وبشكل مختلف عن كل العالم. تريد جعل كل مركز اقتراع مخصّصاً لدائرة انتخابية واحدة، وإلا التهديد»، مضيفاً: «هذا منطق الميليشيا بالكذب الذي لا ينتهي. القوات تطرح الثقة بالوزير، ونحن نطعن بأي تغيير للمعايير الواحدة لصالح الميليشيا».
وردّت الدائرة الإعلامية في «القوات اللبنانية» في بيان على ردّ باسيل، وقالت: «من المضحك المبكي أن يتَّهِم النائب جبران باسيل (القوات اللبنانية) باعتماد منطق الميليشيا، فيما المنطق الميليشياوي هو الذي أدّى بسبب ممارسته إلى تدمير الدولة ومؤسساتها، والقاصي يشهد كما الداني على الخراب الذي حلّ بالدولة بعد تسلم فريق النائب باسيل لمفاصل أساسية في هذه الدولة».
وأشار البيان كذلك إلى تدبير وزارة الخارجية، واضعاً إياه «في إطار التشويه المتعمّد لانتخاب المغتربين وتعقيد العملية الانتخابية في الدول التي لا تتناسب مع مصالح فريق (8 آذار) ومنظومة السلاح والفساد»، وتوجّه إلى باسيل بالسؤال: «لماذا المعايير التي كانت معتمَدة عندما كان وزيراً للخارجية لم تعد تصلح الآن، أم أنّه أيقن أنّ الرأي العام الاغترابي ليس مع سياساته التي تغطي الميليشيا التي تخطف لبنان، وبالتالي يحاول عرقلة تصويت المغتربين من خلال المحاسيب الذين دسّهم في وزارة الخارجية؟».
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك