أعلن المجلس البلدي لمدينة صبراتة الليبية، سيطرة الغرفة الأمنية التابعة لحكومة الوفاق الليبية على المدينة بالكامل، بعد أن تعاملت مع "الخارجين عن القانون الذين حاولوا زعزعة الأمن فيها". وقال المجلس، في بيان نشره على صفحته في موقع "فيسبوك"، إن "الوضع طبيعي جدا داخل المدينة وسوف تستأنف الدراسة بالمؤسسات التعليمية بعد غد الثلاثاء، من دون التطرق إلى حصيلة المواجهات".
وشهدت مدينة صبراتة، غربي ليبيا الأحد، اشتباكات مسلحة بين قوات الأمن التابعة لحكومة الوفاق الوطني وكتائب مسلحة طردت قبل عام من المدينة، يقودها مهرب البشر المطلوب دوليا، أحمد الدباشي الشهير بـ"العمو". وعن ذلك، قالت مصادر محلية متطابقة لوكالة "الأناضول": إن "مليشيات المجلس العسكري صبراتة (كتائب مسلحة مكونة من ثوار المدينة) يقودها أحمد الدباشي تحاول منذ الصباح دخول المدينة من جنوبها تحديدا من منطقة الجفارة".
وإثر معارك مسلحة استمرت لأكثر من أسبوعين، وأوقعت 39 قتيلا و300 جريح، أعلنت غرفة عمليات محاربة تنظيم "داعش" في 6 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2017 سيطرتها على صبراتة. كما طردت كتائب المجلس العسكري، من بينها كتيبة أنس الدباشي التي يقودها أحمد الدباشي "العمو" حيث كانت هي الأخرى تتبع لحكومة الوفاق آنذاك.
ومنذ سقوط نظام معمر القذافي، عُرفت مدينة صبراتة الساحلية (80 كيلومتراً غرب طرابلس و100 كيلومتر شرق الحدود التونسية)، باعتبارها منفذاً لتهريب البشر والنفط نحو أوروبا. كما سيطر تنظيم "داعش" على أجزاءٍ منها حتى عام 2016، حين تلقى اجتماع لقياداته، ضربة جوية أميركية قتلت حوالى 50 منهم. وحتى العام الماضي، كانت أجزاء واسعة من المدينة تقع تحت سيطرة "المجلس العسكري في صبراتة"، إلى أن طُردت تشكيلاته على يد تحالف من الميليشيات المناوئة.
كان من أبرز المطرودين، أحمد الدباشي وهو آمر "كتيبة أنس الدباشي"، ومصنف في قائمة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي، بصفته أحد أبرز المهربين في المدينة. لكن إلى جانبه، كان يوجد أيضاً "جهاديون"، ليسوا بالضرورة من أتباع "داعش"، ما أدى إلى قيام تحالف بينهم.
وخرج "العمو" عن المشهد قليلاً واستقر، وفق ما أكدت مصادر لـ"الأخبار"، في مدينة الزاوية القريبة، لكنه لم يقبل بأن تُسحب منه امتيازاته، ومن بينها رشاوى تلقاها من إيطاليا لوقف سيل المهاجرين، واعترافاً رسمياً به من قبل حكومة الوفاق الوطني المتركزة في طرابلس (في مسعى لاحتواء نشاطه). لكن "العمو" عاد إلى المشهد، أمس الاحد، محاولاً دخول المدينة من جنوبها، بهدف استعادته موطئ قدم فيها، تمهيداً لمعركة أكبر.
ونتيجة لذلك، شُنت حملة أمنية واسعة، شملت اقتحامات وتوقيف أشخاص، بهدف تطهير المدينة. ولم يصل مستشفى المدينة الذي أعلن حالة الطوارئ، غير ثلاثة جرحى، من دون أن تُحدد انتمائهم، كما أشارت البلدية، ومن المفترض أن تعود المدارس إلى النشاط اليوم الثلاثاء. وبحسب الغرفة الأمنية، بات الوضع تحت السيطرة، بعدما سُحق الهجوم سريعاً، كما عبر المختص في الشؤون الليبية، جلال حرشاوي، الذي استبعد أيضاً أن يتطور الأمر إلى هجوم أكبر، ذلك أن الدباشي في وضع ضعيف، وزمن العملية لم يكن في مصلحته.
ضمن هذه الأجواء المتوترة، يستمر العمل دولياً على الوصول إلى صفقة تضع أسس مصالحة في ليبيا. حيث تواصل إيطاليا من جهتها، حشد الدعم لمؤتمر "باليرمو"، الذي سيعقد يومي 12 و13 من الشهر الجاري. وكانت آخر الأنشطة في هذا الاتجاه، زيارة أداها وزير الداخلية، نائب رئيس الحكومة، ماتيو سالفيني إلى قطر، وزيارة رئيس الوزراء جوزيبي كونتي إلى تونس. أما فرنسا، التي تزاحم إيطاليا في محاولة للعب دور مؤثر في ليبيا، فقد دعت ممثلين عن مدينة مصراتة القوية (غرب البلاد)، لزيارتها الخميس المقبل، في محاولة لاستدراك إقصائها في مؤتمر "باريس 2"، الذي عُقد نهاية أيار/ مايو الماضي.
وقام رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي بعدة زيارات إلى دول الجوار والدول الفاعلة في الملف الليبي، لحثها على الحضور والمساهمة في تحقيق الاستقرار في ليبيا. كما دعت روما كلا من رئيس حكومة الوفاق الليبية، ورئيس مجلس الدولة ورئيس البرلمان الليبي، واللواء خليفة حفتر، لزيارتها لبحث كيفية إنجاح مؤتمر “باليرمو” المزمع عقده في 12 و 13 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.
ووجّه كونتي، دعوة للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون للمشاركة في المؤتمر الدولي حول ليبيا، مؤكدا أنه “توجد اختلافات في وجهات النظر مع الرئيس الفرنسي، لكن العلاقة على المستوى الشخصي جيدة، كل واحد منا يريد فعل ما هو أفضل لبلاده”، وفق وكالة “آكي” الإيطالية. ورأى مراقبون أن هذه التصريحات وتوجيه دعوة رسمية لماكرون هو خطوة إيطالية لإحراج الرئيس الفرنسي حال رفض المشاركة أو إرسال من ينوب عنه، وسط توقعات بحضوره كون المؤتمر يشهد زخما دوليا وإقليميا.
أرسل تعليقك