عمالة الأطفال في اليمن وجع آخر يحجب آفاق المستقبل
آخر تحديث GMT12:45:37
 العرب اليوم -

بين مطرقة العمل وسندان حلم الحصول على الشهادة

عمالة الأطفال في اليمن وجع آخر يحجب آفاق المستقبل

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - عمالة الأطفال في اليمن وجع آخر يحجب آفاق المستقبل

عمالة الأطفال
عدن ـ عبدالغني يحيى

ما إن ينهي الطفل عبد الله يومه الدراسي، حتى يتوجه إلى «كافتيريا الأصدقاء» في ميدان التحرير وسط العاصمة صنعاء، لمساعدة والده الذي يملك محلا لبيع «البليلة» في ركن الكافتيريا، ويقول الطفل عبد الله عبد العليم الشميري (12 سنة): «أدرس بالصف السادس الابتدائي بمدرسة نشوان في الفترة المسائية، وبعد الانتهاء من الدراسة في الرابعة عصرا آتي يوميا لمساعدة والدي، حيث أقوم بتجهيز الطلبات وتغطيتها، إضافة إلى تجميع أطباق الطلب المحلي وغسلها ومسح الطاولات أولاً بأول».
وأضاف: «أساعد والدي في المحل حتى الثامنة مساء، وهي الفترة التي يتزايد فيها إقبال الزبائن، وبعد ذلك أعود للمنزل لحل الواجبات المدرسية والمذاكرة قبل النوم».
منذ ثلاث سنوات تقريبا وعبد الله يساعد والده، وبرنامجه اليومي محدد بدقة، حيث يستيقظ في الثامنة والنصف صباحا ويبدأ مسار يومه بشراء الخضار والدجاج والمياه وغيرها من الاحتياجات المعيشية للمنزل، ثم يعود لاستذكار دروسه حتى الذهاب إلى المدرسة، ومنها لمساعدة والده في بيع أكلة «البليلة» الشعبية.
روتين عبد الله اليومي يخلو من الراحة، واللعب وأنشطة الاستجمام المناسبة، أو المشاركة في الحياة الثقافية كما تنص المادة (32) من اتفاقية حقوق الطفل المقرة من الأمم المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 التي صادق عليها اليمن في 1991.
ورغم معاناة عبد الله التي لم يبح بها ومغادرته حياة الطفولة الطبيعية مبكرا، فإن لديه إصراراً قوياً لاستكمال تعليمه، ويطمح لأن يكون طبيباً في المستقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك الطموح يحرص على المواءمة بين دراسته ومساعدة والده في بيع «البليلة» رغم ما يواجهه من صعاب، حتى وإن كان كلفة ذلك حرمانه من حقه في اللعب مع أقرانه في الحي.
وضع الطفل عبد الله رغم حرمانه من حقوقه الأساسية، إلى أنه أفضل حالاً من كثير من أقرانه الأطفال الذين تسربوا من المدارس والتحقوا بسوق العمل، فعلى الأقل هو يعيش وسط أسرة وفي بيئة عائلية ويعمل تحت أنظار والده وهو ما يفتقده الآخرون من الباعة المتجولين وسائقي العربات في أسواق الخضار، وغالبية هؤلاء هجروا أسرهم وغادروا قراهم بحثا عن حياة أفضل لهم ولأسرهم.
فالطفل خالد علي عبده (14 سنة) كان يتلقى تعليمه في قريته (المجمعة) الواقعة في مديرية حبيش بمحافظة إب. يقول: «والدي كبير في السن، ولا يستطيع العمل، والظروف الاقتصادية هي التي أجبرتني على ترك مقاعد الدراسة من الصف السابع، والالتحاق بأخي إدريس (19 سنة) في صنعاء، للعمل في سوق الخضار بباب السباح كسائق عربة، أقوم بإيصال مشتريات المتسوقين من السوق إلى سياراتهم مقابل مبلغ مالي».
ويضيف خالد أخي إدريس ترك الدراسة من الصف السادس قبل سبع سنوات، وأخي الذي أكبر منه كان يعمل في دولة خليجية، ولكن تم إلقاء القبض عليه قبل فترة وحبس لأنه دخلها بالتهريب بما يخالف أنظمة الإقامة؛ ولهذا السبب تركت الدراسة وجئت للعمل والمساعدة في نفقات الأسرة.
أما محمد عبده العبدلي (14 سنة) فقد كان يتلقى تعليمة في منطقته بمديرية العدين في محافظة إب حتى الصف الخامس الابتدائي، عندما قرر أن يترك دراسته وينخرط في سوق العمل بائعا للذرة الشامية في صنعاء؛ لأن بنيته الضعيفة لا تؤهله للعمل في المزارع في منطقته.
يقول محمد: «والدي متوفي منذ خمس سنوات وأخي الأكبر يعمل مزارعا في القرية مع المواطنين، ولدي أربعة إخوة أصغر مني إضافة إلى والدتي، ودخل أخي لم يعد كافيا مع الغلاء؛ لذلك جئت إلى صنعاء للعمل ومساعدة أسرتي».
محمد يسكن في غرفة مشتركة مع جماعة من أهالي قريته ويعمل من الساعة السابعة صباحا حتى يكمل كمية الذرة الشامية المتوفرة لديه، وأحيانا تمتد ساعات عمله حتى المغرب ويعاني كثيرا في عمله.
نتائج المسح الأول الذي نفذته وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في اليمن بالتعاون مع منظمة العمل الدولية المعلنة عام 2013 كشفت وجود مليون وستمائة وأربعة عشر ألف طفل عامل.
وفي ضوء ذلك، يتوقع مسؤولون بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن عدد الأطفال العاملين باتوا حاليا ما بين أربعة إلى خمسة ملايين طفل عامل على مستوى الجمهورية، بسبب ما آلت إليه أوضاع البلد الاقتصادية جراء الحرب الدائرة حاليا، إضافة إلى أوضاع الفقر وتدني مستوى الوعي بخطورة العمل المبكر للأطفال.
ويشير المسؤولون  إلى أنه لم يكن يوجد أي تشريع قانوني يحمي الطفل العامل في سوق العمل قبل عام 2000.
وبعد مصادقة اليمن على اتفاقيتي العمل الدولية رقم (138) الخاصة بالحد الأدنى من سن العمل، والاتفاقية رقم (182) الخاصة بالحظر على أسوأ أشكال العمل، أصبحت الحكومة ملزمة بسن التشريعات وتعديل القوانين التي تتلاءم مع هذه الاتفاقيات فكان صدور القانون رقم (42) لحقوق الطفل لعام 2002، والذي أفرد بابا خاصا بحقوق الطفل العامل، حدد فيه ساعات الدوام والأعمال التي يستثنى من العمل فيها.
وعن آلية الرقابة يقول المسؤولون في الشؤون الاجتماعية الخاضعة للحوثيين في صنعاء إن الآلية كانت فعالة إلى ما قبل 2015، حيث كانت توجد رقابة ونزول ميداني ودراسات مسحية لمتابعة عمل الأطفال في الأعمال الخطرة وتطبيق أحكام القانون بشأنها، ولكن للأسف الشديد توقفت الآن جهود المتابعة الميدانية بسبب الحرب وانقطاع رواتب الموظفين، واقتصار النشاط على الجوانب التوعوية.
قد يهمك أيضاً:
معرض فني للأعمال اليدوية من عمل الأطفال في السقيلبية
فيديو: "شبكة حماية الطفولة" تُنظم وقفة احتجاجية

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عمالة الأطفال في اليمن وجع آخر يحجب آفاق المستقبل عمالة الأطفال في اليمن وجع آخر يحجب آفاق المستقبل



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab