قصف طيران التحالف الدولي المناهض لـ"داعش"، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، السبت، مواقع لتنظيم "داعش" في جبل قره جوغ قرب مخمور، جنوب الموصل.
ووفق المعلومات الواردة، فقد قامت طائرتان للتحالفـ صباح السبت، بقصف مواقع التنظيم في قره جوغ وألحقت خسائر كبيرة بالتنظيم.
وعاود داعش تحركاته وهجماته في مخمور، إلى جانب مناطق مختلفة من محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين وديالى والأنبار، مستهدفًا المدنيين والقوات الأمنية العراقية.
ورغم انتشار القوات العراقية بأعداد كبيرة وأسلحة ثقيلة في المنطقة، إلاّ أنها لم تتمكن حتى الآن من التصدي لداعش ووقف هجماته.
وكان نحو ألفي مسلح من التنظيم قد تمكنوا في حزيران / يونيو 2014، من السيطرة على نحو نصف مساحة العراق انطلاقًا من الأراضي السورية، خلال عدة أيام.
بالمقابل أصيب 25 جنديًا تركيًا على الأقل بجروح وفقد أثر سبعة، بعد انفجار قذيفة مدفعية بصورة عرضية في قاعدة للجيش التركي في محافظة هكاري في جنوب شرق البلاد، وفق السلطات.
وأكدت وزارة الدفاع التركية أن الانفجار وقع، خلال إطلاق ذخيرة من العيار الثقي،ل في قاعدة سونغو تيبه قرب الحدود التركية مع العراق وإيران، ونقل 25 جنديًا إلى المستشفى، ولكن المسؤولين لم يعطوا تفاصيل بشأن طبيعة إصاباتهم.
وقالت الوزارة إن سبعة جنود ما زالوا مفقودين، وفتح تحقيق في الحادث، وفي بيان أولي، قالت إدارة محافظة هكاري إن قذيفة "بها عيب"، انفجرت خلال إطلاق نيران مدفعية.
وأوضحت في بيان لاحق أن الأمر يتعلق بـ"انفجار داخل مستودع ذخيرة"، مشيرة إلى أن حاكم الإقليم إدريس أيبييك، زار الجنود الجرحى في المستشفى.
وفي مؤشر إلى خطورة ما حدث، توجّه وزير الدفاع، خلوصي أكار، ورئيس أركان القوات المسلحة، يسار غولر إلى منطقة هكاري، كُبرى مدن المحافظة التي تحمل الاسم نفسه.
والقاعدة التي حصل فيها الانفجار تقع في منطقة جبلية بعيدة ويصعب الوصول إليها، وتُشكّل مسرحًا لمناوشات منتظمة بين القوات المسلحة التركية وعناصر حزب العمال الكردستاني.
ووفقًا لوسائل إعلام تركية، نُقل العسكريون الجرحى بواسطة مروحيات إلى مدينتي هكاري ويوكسيكوفا.
وفي غضون ذلك حذر أمنيون وسياسيون، من عودة داعش إلى المناطق المحررة مؤخرًا من قبضته، خاصة بعد معاودة نشاطه في تلك المناطق وتنفيذ عمليات ضد المدنيين.
وبحسب تقرير صحفية، أن العراقيين يضعون أيديهم على قلوبهم دائمًا، فالإرهاب النائم مرة عبر خلايا سرعان ما تنتشر مثل السرطان في حال إيقاظها، أو المتربص دومًا عند كل عثرة سياسية، وما أكثرها في عراق أدمنت طبقته السياسية الخلافات، حتى صارت جزءًا من سلوكها اليومي، يواصل عملياته هنا وهناك كلما حانت له الفرص وما أكثرها".
منذ عام 2010 حين تشكلت حكومة نوري المالكي الثانية حالت الخلافات السياسية دون تسمية وزيرين للدفاع والداخلية، وطوال أربع سنوات احتفظ بهما المالكي نفسه عبر إدارتهما بالوكالة.
واحتل تنظيم داعش، في أواخر عهده حزيران/يونيه 2014، محافظة نينوى بدءًا من مدينة الموصل، ليمتد في غضون أيام قلائل إلى كامل محافظة صلاح الدين وأجزاء من ديالى فالأنبار وكركوك طارقًا بقوة أبواب بغداد وأربيل معًا.
وحتى هذا الوضع الخطير لم يحفز القوى السياسية إلى ترشيح وزيرين للداخلية والدفاع، تاركين الأمر إلى ما ستسفر عنه الانتخابات، التي سرعان ما جاءت برئيس وزراء جديد، حيدر العبادي.
ومع أن العبادي وضع الأولوية عند تشكيل حكومته للحقائب الأمنية، لكن عند التصويت على حكومته بقي مقعدًا وزيري الدفاع والداخلية شاغرين برغم أن "داعش"، كان يقاتل على مشارف بغداد.
وبعد أسابيع تم التوافق على وزيرين للداخلية، محمد سالم الغبان، والدفاع، خالد العبيدي، ودائمًا شيعي للداخلية وسني للدفاع، وبعد نحو سنتين دبت الخلافات، فأقيل الغبان من منصبه بعد تفجير دام في منطقة الكرادة في بغداد ليحل محله قاسم الأعرجي، وسحب البرلمان الثقة من خالد العبيدي ليحل محله عرفان الحيالي.
وأعلن العبادي، في أواخر عام 2017، النصر على تنظيم داعش ويفترض أن تكون طويت صفحته.
ويحاول رئيس الوزراء الجديد، أستاذ الاقتصاد، عادل عبد المهدي، ترقيع ما تبقى من حكومته التي مشت حتى الآن بأربعة عشر وزيرًا، لكن عبد المهدي لا يزال يصطدم برغم وهم الحرية الذي منح له باختيار وزرائه بعقبة وزيري الدفاع والداخلية، الأسباب دائمًا هي نفسها "خلاف سني - سني على الدفاع" و"شيعي - شيعي على الداخلية".
وليس من عادة زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي الانتظار طويلًا، صحيح أنه قام بالكثير من الهجمات هنا وهناك طوال الفترات الماضية، لكن تلك الهجمات لم تحفز العقل السياسي العراقي في الارتفاع إلى مستوى ما يمثله ذلك من تحديات وتداعيات قد لا تحمد عقباها.
الآن وبعد التفجير الذي وقع في الجانب الأيمن من الموصل، الجمعة، حيث سقط ضحايا بين المدنيين وفي ظل ما تعانيه المحافظة والمحافظات الأخرى من تراجع أمني واضح بدأ الجميع يقر أن النتائج هذه المرة، في حال لم تؤخذ هذه التحديات بنظر الاعتبار، قد لا تحمد عقباها.
أول المحذرين هو محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي، الذي أكد في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، أن الوضع الأمني خطير جدًا في ظل الأوضاع السياسية الحالية، كما أن الإدارة المحلية ليس لها أي اعتبار والقيادات الأمنية كل جهة منها تتبع اتجاهًا مختلفًا"، مضيفًا أن الزعامات السنية لم يعد لها دور، كما أن الخلاف مع إقليم كردستان نار تحت الرماد.
ويوضح النجيفي، أن كل هذه الأوضاع سيمكن أي طرف ولو كان ضعيفا من التلاعب بأمن المنطقة بالإضافة إلى أن الأجهزة الأمنية لم تتعرف بعد أن ألقت القبض على كثير من عناصر ل"داعش" على شبكات التطرف الحقيقي، وإنما اكتفت بالقسوة في التعامل وفِي ظنها أن القسوة كافية لردعهم وأنا أعتقد أن النتيجة ستكون عكسية مع هذا النوع من العقليات المتحجرة".
ويرى الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، أن غرب نينوى صحراء واسعة وبالتالي فإن منطقة القيروان مثلًا، لا تزال منطقة تسلل مثالية بالنسبة لتنظيم "داعش" فضلًا عن مرتفعات بادوش".
ويضيف أن تنظيم داعش يلجأ إلى مستويات مختلفة من الأعمال الإرهابية في تلك المناطق، مستغلًا الجغرافيا والخلايا النائمة، ويقوم بعمليات مختلفة لكنها لا يمكن أن تعد تعبيرًا عن انهيار أمني أو اختراق كبير"، مبينًا أن الأوضاع لا تزال تحت السيطرة ومن الصعب على هذا التنظيم القيام بعمليات، يمكن أن تحدث تغييرًا في التوازنات".
لكن للخبير المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة، هشام الهاشمي، رأي مختلف حيث يقول لـ"الشرق الأوسط"، إن مدن جنوب وغرب نينوى تتمتع بموقع استراتيجي متقدم يُغري المسلحين بالسيطرة عليه، ليكون منطلقًا للتسلل منه إلى بيجي والقيارة والشورة والمحلبية، وصولًا إلى أحياء الموصل التي تشكل سياجًا للمنطقة الحيوية في مركز محافظة نينوى"، مبينًا أنه عند اختلال الأمن الهش هناك إلى درجة أن تتحكم مفارز فلول "داعش" بالمبادرة الزمانية والمكانية، سيكون العنوان الإعلامي الأبرز (داعش يعود إلى نينوى)".
ويضيف الهاشمي أن "مناطق جنوب وغرب الموصل تتصل من الجنوب بالأنبار ومن الشرق بصلاح الدين ومن الغرب بالحدود السورية ومن الشمال بجنوب إقليم كردستان، هناك الألوف من الكيلومترات المربعة ليس فيها إلا مناطق مفتوحة وقرى مهجورة تتجول فيها مفارز فلول (داعش) وسط مواكب رعي الأغنام والدراجات النارية وبأعداد صغيرة من الصعب رصدها أو حتى الاشتباه بها بشكل رئيسي، ويمكن لها الانتقال دون عناء كبير إلى القرى المسكونة وحتى أطراف المدن".
ويرى الهاشمي أن "داعش" يحاول تعطيل التفاهم والتنسيق، الذي توصلت إليه القيادة المشتركة وهيئة الحشد الشعبي مع الحشود العشائرية والمناطقية المرابطة في تلك الجغرافيا المعقدة والصعبة جدًا.
ويمضي قائلًا، "بحسب المعلومات المتداولة، بدأت عمليات (داعش) تزداد، فهو يركن السيارات المفخخة والعبوات اللاصقة ويقتل بالقنص ويخطف ويأخذ الإتاوات وبالتالي فإنه وإزاء هذا المصير، يتبلور أمام القيادة المشتركة العراقية خياران متوازيان، لا بد من اعتمادهما معًا، هما، مواصلة مطاردة فلول التنظيم بحملة مبنية على الجهد الاستخباري، والتعاون والتنسيق مع القوات العشائرية والمناطقية ودعمها ومع قوات الشرطة المحلية وأفواج الطوارئ".
أرسل تعليقك