واشنطن - محمد صالح
طالب دبلوماسيون أمريكيون بإجراء تحقيق "شامل" و "شفاف" في حادثة قتل الصحفية الفلسطينية- الأمريكية شيرين أبو عاقلة.وأدان البيت الأبيض بقوة مقتل مراسلة شبكة الجزيرة ودعا إلى إجراء تحقيق في مقتلها. وقالت نائبة المتحدث باسم البيت الأبيض كارين جين- بيير، في حديث للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية التي كانت تقل الرئيس جو بايدن إلى ولاية إلينوي: "ندعو إلى إجراء تحقيق شامل في وفاتها".
وكانت شيرين قد توفيت متأثرة بإصابات خطيرة تعرضت لها في منطقة الرأس خلال تغطيتها اقتحام قوات إسرائيلية لمخيم جنين صباح الأربعاء، حسب وزارة الصحة الفلسطينية، كما أصيب الصحافي علي السمودي الذي يعمل أيضاً في قناة الجزيرة القطرية.
وقالت الوزارة، في تصريح إن شيرين "استشهدت جراء إصابتها برصاص الجيش الإسرائيلي في مدينة جنين"، فيما باشرت النيابة العامة الفلسطينية إجراء تحقيق في الجريمة.
وأوضحت النيابة العامة في بيان أنها ستتابع القضية من خلال نيابة الجرائم الدولية المختصة بتوثيق الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، تمهيداً لإحالتها لمكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية.
وكان بيان لشبكة الجزيرة الإعلامية أعلن أن مراسلتها في الضفة الغربية المحتلة شيرين أبو عاقلة قد قُتلت برصاص الجيش الإسرائيلي.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت قال إنه "من المرجح" أن تكون الطلقات التي أصابت شيرين قد جاءت من مسلحين فلسطينيين خلال تبادل لإطلاق النار.
وقال بيان للجيش الإسرائيلي إن "العشرات من المسلحين الفلسطينيين قاموا بإطلاق النار وإلقاء العبوات الناسفة على الجنود. فردّ الجنود بإطلاق النار على المسلحين وكانت الإصابات معروفة".
غير أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي قال إنه لا يمكن حتى اللحظة معرفة مصدر الرصاصة التي قتلت فيها الإعلامية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة.
وكانت منظمة بيت سيلم الحقوقية نشرت مقطعا مصورا تقول فيه إنه يفنّد الرواية الإسرائيلية وإن الاشتباك المسلح جرى في مكان آخر.
وقالت شبكة الجزيرة إن الجنود الإسرائيليين استهدفوا مراسلتها "بشكل مباشر". ونقلت عن شهود عيان قولهم إن "قناصاً استهدف شيرين برصاصة في الوجه، رغم أنها كانت ترتدي سترة وخوذة تحملان شعار الصحافة"، وإن الجنود الإسرائيليين "أطلقوا الرصاص الحي تجاه المتظاهرين والطواقم الطبية والإعلامية.
ووصفت الشبكة في بيان رسمي ما حدث بأنه "جريمة اغتيال متعمدة ومفجعة وبشعة". وقال البيان إن "الجريمة تخرق القوانين والأعراف الدولية". وأضاف أنه "يراد من خلال الجريمة منع الإعلام من أداء رسالته".
وطالبت الشبكة "المجتمع الدولي بإدانة ومحاسبة قوات الاحتلال الإسرائيلي لتعمّدها استهداف وقتل أبوعاقلة عمداً"، وتعهّدت بـ "ملاحقة الجناة قانونيا مهما حاولوا التستر على جريمتهم وتقديمهم للعدالة".
وجال مشيعون حاملين جثمان أبو عاقلة الذي لف بالعلم الفلسطيني في شوارع مدينة جنين قبل نقلها إلى مركز الطب العدلي في مستشفى جامعة النجاح الجامعي في نابلس.
ومن المتوقع تشييع جثمانها غداً الخميس في جنازة رسمية من مقر الرئاسة الفلسطينية (المقاطعة) في مدينة رام الله قبل نقله إلى القدس.
وقال الصحافي علي السمودي الذي كان يرافق أبو عاقلة الذي أصيب برصاصة في أعلى الظهر "ما حصل أننا كنا في طريقنا لتصوير عملية الجيش. فجأة أطلقوا علينا النار، لم يطلبوا منا أن نخرج، لم يطلبوا منا التوقف، أطلقوا النار علينا".
وأضاف في تسجيل مصوّر وهو يجلس على كرسي متحرك في المستشفى وتظهر الضمادات على كتفه "رصاصة أصابتني، الرصاصة الثانية أصابت شيرين. قتلوها بدم بارد لأنهم قتلة".
وقال السمودي: "لم تكن هناك أي مقاومة، ولو كان هناك مقاومون لما كنا ذهبنا إلى هذه المنطقة".
وقد أظهر مقطع مصور للحادثة شيرين وهي ترتدي سترة زرقاء تحمل بوضوح كلمة "صحافة" وتضع خوذة على رأسها.
وقد قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه يحمّل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عما وصفه بـ "جريمة الإعدام" التي تعرضت لها مراسلة الجزيرة.
ووصفت حركة "حماس" الإسلامية مقتل أبو عاقلة بـ"جريمة جديدة ومركبة... واغتيال متعمد".
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد في تغريدة "عرضنا على الفلسطينيين إجراء تحقيق مشترك" في وفاة أبو عاقلة، مضيفاً أن القوى الأمنية الإسرائيلية ستواصل "العمل حيثما كان ذلك ضرورياً لمنع الإرهاب ومنع قتل الإسرائيليين".
وقالت مساعدة وزير الخارجية القطري لولوة الخاطر الأربعاء إن الصحافية شيرين أبو عاقلة قتلت "برصاصة في الوجه".
وكتبت الخاطر في تغريدة على تويتر "جريمة نكراء تضاف إلى السجل البشع للاحتلال الإسرائيلي إذ قتلوا الصحافية (...) برصاصة في الوجه وهي ترتدي سترة الصحافة".
وأدانت جامعة الدول العربية مقتل أبو عاقلة في مخيم جنين وحملت بحسب وصفها "حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة البشعة التي تستدعي المساءلة الدولية".
وأعربت وزارة الخارجية المصرية عن شجبها لمقتل أبو عاقلة أثناء تغطيتها الأحداث في مدينة جنين شمال الضفة الغربية.
وقال أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، في بيان إن ما وصفه بجريمة الاغتيال النكراء تُعد "انتهاكًا صارخًا لقواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني وتعديًا سافرًا على حرية الصحافة والإعلام والحق في التعبير"، كما طالب بالبدء الفوري في إجراء تحقيق شامل يُفضي إلى تحقيق العدالة الناجزة، على حد تعبيره.
وقال الناطق باسم الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط بحسب مصادر قناة الجزيرة: صدمنا بمقتل شيرين أبو عاقلة أثناء أداء عملها وندعو إلى إجراء تحقيق مستقل.
وعبّر السفير الأميركي في إسرائيل توماس نيدز عن حزنه لوفاة أبو عاقلة، وكتب في تغريدة: "محزنة جداً وفاة الصحافية الأميركية والفلسطينية شيرين أبو عاقلة، وأشجع على إجراء تحقيق شامل في ملابسات وفاتها وإصابة صحافي آخر".
ووصفت الجزيرة مراسلتها الراحلة بأنها "من الرعيل الأول من المراسلين الميدانيين لقناة الجزيرة".
وأبو عاقلة (51 عاماً) صحافية فلسطينية معروفة تحمل الجنسية الأميركية وتتحدر من عائلة من بيت لحم وتقيم في القدس الشرقية المحتلة، وقد التحقت بالجزيرة في عام 1997، أي بعد عام من انطلاق القناة، ومقرها العاصمة القطرية الدوحة.
وعملت أبو عاقلة قبل التحاقها بالجزيرة، في إذاعة فلسطين وقناة عمان الفضائية، وهي حاصلة على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من جامعة اليرموك بالمملكة الأردنية الهاشمية.
وعادت بعد التخرج إلى الأراضي الفلسطينية وعملت في مواقع عدة مثل وكالة "أونروا"، وإذاعة صوت فلسطين، وقناة عمان الفضائية، ثم مؤسسة مفتاح، وإذاعة "مونت كارلو"، ولاحقًا انتقلت للعمل مع قناة الجزيرة الفضائية.
تعليق توم بايتمان - مراسل شؤون الشرق الأوسط
حُمل جثمان شيرين في شوارع جنين، ملفوفاً بالعلم الفلسطيني، وبسترة الصحافة التي كانت ترتديها.
وتحلق مراسلون ومصورون صحافيون حول الجنازة، وكان عليهم هذه المرة تغطية مقتل واحدة منهم.
كانت شيرين مراسلة محبوبة جداً، وواحدة من أكثر مراسلات المنطقة خبرة. وجهها المألوف كان جزءاً من تغطية الأحداث الكبرى في المنطقة دوماً، وقد شبت أجيال من الفلسطينيين على مشاهدتها عبر شاشة التلفزيون، وهي واحدة من أشهر المراسلات في تغطية الصراع.
وفي صفوف الوسط الصحافي المتماسك، تسود الصدمة وعدم التصديق. أحد الزملاء نشر صورة مع شيرين، قائلاً إنها آخر صورة جمعتهما، بينما كانت ترتدي سترتها قبل خمس دقائق من مقتلها.
وكتب آخر عنها: "رأت الموت مرات كثيرة خلال عمرها. علمتنا كيف نؤدي هذه المهنة الصعبة. لقد كسرت قلوبنا".
وتعدّ أبو عاقلة من الصحافيين المخضرمين عربياً، ومنذ التحاقها بالجزيرة، غطت أبو عاقلة معظم الأحداث البارزة في الأراضي الفلسطينية، وكانت من أشهر المراسلات الحربيات. وبعد مقتلها، عبّر عدد من المغردين عن حزنهم لمقتلها وقال بعضهم إنهم "كانوا يعدونها فرداً من أفراد" أسرهم نظراً لتأثيرها الكبير وحضورها الطويل على الشاشة.
وكتب زملاء أبو عاقلة في الجزيرة تعبيراً عن صدمتهم لمقتلها، ونشروا فيديو تحكي فيه عن مسيرتها في الجزيرة وعملها لنقل تجربة الفلسطينيين، تقول فيه إنها كانت تشعر أن "الموت على مسافة قريبة".
وقال الصحافي محمد دراغمة المدرس في جامعة بير زيت وأحد أصدقاء شيرين أبو عاقلة المقربين "أنا اعتبرها إحدى أقوى الصحافيين في العالم العربي. أنا أدرّس تقاريرها لطلابي في جامعة بير زيت وفي قطاع غزة".
وأضاف "هي لا تضع مشاعرها في الأخبار التي كانت تحرص على تقديمها بموضوعية وحيادية،كانت جملها تتميز بجمل قصيرة مكثفة، ووتيرة صوتها هادئة لا تحمل تحريضا".
ونقل عنها أنها "كانت تقول" لا أريد تسيس قصتي أريد أن أعطي وقائع ومعلومات".
يُذكر أن الجيش الإسرائيلي يشن بين الفينة والأخرى عمليات توغل في مخيم جنين للاجئين. وكان قد صعد مؤخراً من وتيرة تلك العمليات في أعقاب موجة من الهجمات التي شنها فلسطينيون من داخل إسرائيل والضفة الغربية داخل شوارع إسرائيل والضفة خلال الأسابيع الأخيرة وأسفرت عن مقتل 17 إسرائيلياً وأوكرانيين.
وقتل على الأقل 26 فلسطينياً- من بينهم مهاجمون قتلوا أثناء تنفيذ هجماتهم، أو مسلحون ومدنيون قتلوا خلال عمليات التوغل الإسرائيلية والمواجهات داخل الضفة الغربية.
وتركزت العمليات الإسرائيلية الأخيرة على منطقة جنين، التي جاء منها أربعة من الفلسطينيين الذين نفذوا هجمات داخل إسرائيل.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
ميلانيا ترمب لا تريد أن تصبح سيدة أميركا الأولى مرة أخرى
بايدن ينذر نتانياهو بأنه ليس بوسعه الدفاع عن سياسته والإتحاد الأوربي يدعو الى حل سياسي حقيقي
أرسل تعليقك