يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غداً الأحد، زيارة إلى مصر تستغرق ثلاثة أيام ويأمل من خلالها تعزيز "الشراكة الاستراتيجية" مع البلد العربي الأكبر من حيث عدد السكان والحليف "الضروري" لباريس التي تعتبره قطباً للاستقرار في الشرق الأوسط، رغم الانتقادات المتعلّقة بحقوق الإنسان.
وتعتبر هذه الزيارة إحدى الرحلات الخارجية النادرة في بداية العام الحالي للرئيس الفرنسي الذي يركّز جهوده منذ أكثر من شهرين على الأزمة الاجتماعية لحركة "السترات الصفر". ويعكس بقاء الزيارة ضمن جدول أعمال ماكرون الأهمية التي توليها فرنسا لمصر، "الدولة البالغ تعداد سكانها 100 مليون نسمة، والتي تشكّل ضرورة قصوى لأمن واستقرار الشرق الأوسط وأوروبا"، بحسب تأكيد الرئاسة الفرنسية.
كما ترى باريس في مصر "سوقاً ضخمة" خصوصاً وأنّها تحتلّ المرتبة 11 في الشراكة معها. وقد تمّ تحقيق تقدّم في السنوات الأخيرة خصوصاً في مجال الأسلحة التي بلغت قيمة عقودها ستّ مليارات يورو منذ عام 2015. وقد تمّ تسليم 24 مقاتلة من طراز "رافال" ويجري التفاوض حالياً للحصول على 12 أخرى من هذا النوع، لكن ليس من المتوقّع الإعلان عن عقود حالياً.
وأوضحت الرئاسة أنّه "ليس مستبعداً أن تستكمل مصر أسطول مقاتلات رافال في الأشهر المقبلة، لكن لن يكون هناك توقيع عقود" بهذا الشأن خلال الزيارة. ويبدأ ماكرون الأحد زيارته في أحد المواقع الرمزية في البلاد، معابد أبو سمبل في أقصى الجنوب. ويجول برفقة زوجته بريجيت المعبدين اللذين تم نحتهما إبّان عهد رمسيس الثاني، للاحتفال بالذكرى الخمسين لإنقاذهما التاريخي تجنّباً للغرق تحت مياه نهر النيل.
وأعاد الإليزيه التذكير بأنّه منذ شامبوليون، رائد علم المصريات أوائل القرن التاسع عشر، فإنّ "علم الآثار هو في صلب العلاقات الفرنسية المصرية". ويأمل الفرنسيون أن تعهد اليهم مهام أخرى من أعمال التنقيب أو ترميم المواقع الأثرية، مثل سقارة، جنوب القاهرة. كما أنّهم يسعون للمشاركة في متحف الجيزة الكبير مستقبلاً وتجديد متحف الآثار في القاهرة.
وسيلتقي ماكرون الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم الاثنين، وسيبحثان محاربة الإرهاب والأزمات الإقليمية، وخصوصاً ليبيا التي تشكل مصدر قلق كبير لمصر التي تشترك في حدود طويلة مع هذا البلد الغارق في فوضى تامة، فضلاً عن سوريا والنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. كما سيطرح الرئيس الفرنسي "بوضوح على الطاولة" قضايا حسّاسة للغاية تتعلّق باحترام حقوق الإنسان.
وقالت الرئاسة الفرنسية "نحن قلقون بشأن الوضع الحالي" بعد أن التقت في الأيام الأخيرة منظّمات غير حكومية.وتوقع إيف بريجان من منظمة العفو الدولية " رسائل قوية وتغييرات في الممارسة، خصوصاً في ما يتعلّق بمسألة نقل الأسلحة الفرنسية إلى مصر" ولا سيّما بيع المركبات الخفيفة المدرّعة التي كانت تستخدم لقمع المعارضين وفقاً لمنظمات غير حكومية.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2017، أثناء زيارة السيسي إلى فرنسا، رفض ماكرون "إعطاءه دروساً" في مسألة حقوق الإنسان، ما أثار سخط جمعيات حقوقية. ويبدو أنّ هذا النهج تطوّر بشكل واضح لأنّ باريس أصبحت "جاهزة لتحمّل مسؤولياتها بشكل علني" ولأن "تقول كلمتها".
ومن المنتظر توقيع حوالى 30 اتفاقية أو عقود تصل قيمتها إلى "مئات ملايين اليوروهات" في مجالات النقل والطاقة المتجدّدة والصحّة ومنتجات الأغذية الزراعية. وسيحضر إلى القاهرة نحو خمسين من رؤساء الشركات الفرنسية. وبحسب مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية، فإنّ "الرئيس السيسي يسعى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وخصوصاً الفرنسية إلى مصر". يذكر أنه بعد مغادرته القاهرة الثلاثاء، سيتوقّف ماكرون لبضع ساعات في قبرص للمشاركة في القمّة المتوسطيّة السابعة لدول جنوب الاتحاد الأوروبي.
وقد يهمك أيضًا :
إيمانويل ماكرون يزور القاهرة نهاية كانون الثاني
ماكرون يبدأ الأحد زيارة إلى مصر الحليف "الضروري" في المنطقة
أرسل تعليقك