تونس - العرب اليوم
دفعت الخلافات التي برزت بين هشام المشيشي رئيس الحكومة المكلف، والرئيس التونسي قيس سعيد، إلى أن يفتح المشيشي قنوات التحاور مع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، متجاوزاً بذلك خيار حكومة الكفاءات المستقلة، الذي تمسك به في البرنامج الانتخابي لسعيد، الذي أقرّ بانتهاء دور الأحزاب التقليدية وضرورة الاعتماد على الكفاءات لتجاوز الظرف الاجتماعي والاقتصادي الصعب والابتعاد عن ظاهرة التجاذب السياسي.
ويسعى رئيس الحكومة المكلف إلى ضمان أغلبية مطلقة في البرلمان بـ109 أصوات لتأييد فريقه الحكومي بعد تلكؤ عدد من الأحزاب ذات الثقل البرلماني في التعبير عن مساندتها الواضحة لحكومته المرشحة، من بينها حركة النهضة التي لها 54 صوتاً برلمانياً، وحزب التيار الديمقراطي (23 صوتاً) والحزب الدستوري الحر (17 صوتاً).
وإثر تأكد الخلافات بين رأسي السلطة التنفيذية، رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، من خلال عدم اتفاقهما حول اسمين على الأقل، مقترحين لوزارتي الثقافة والتجهيز، توجّه المشيشي نحو رئيس البرلمان راشد الغنوشي لضمان دعم برلماني لحكومته بعد إعلان حركة النهضة عن تشكيل تحالف برلماني يضم نحو 120 صوتاً برلمانياً، وهي على استعداد لإقناعهم بالتصويت لحكومة المشيشي، وبذلك يتمكن رئيس الحكومة المكلف من تجاوز محاولة السيطرة على اختياراته من قبل الرئيس قيس سعيد.
وكان سعيد قد أصرّ على استقبال وليد الزيدي الوزير الكفيف المقترح على رأس وزارة الثقافة، على الرغم من إعلان المشيشي خلال نفس اليوم أنه قد تخلى عنه، كما تمسك الرئيس التونسي باسم وزير التجهيز المقترح ضمن تركيبة الحكومة، وأنه أرسل اسم كمال أم الزين، وليس كمال الدوخ، كما أعلن عنه المشيشي خلال المؤتمر الصحافي الذي أعلن خلاله التركيبة الحكومية.
ويرى مراقبون أن المشيشي قد اتخذ مسافة من الرئيس، بعد أن كان شديد القرب منه، واقترب خلال الفترة الأخيرة من قصر باردو، بعد أن تأكد أن مساندة قصر قرطاج له لا تكفي لتمرير الحكومة، وأن الحل الأساسي ما زال في يد الأحزاب السياسية التي عزلها من تركيبة الحكومة ولم يمنحها حقائب وزارية تلبية لتصور الرئيس سعيد للعمل السياسي، واقتنع أن مصير حكومته يبقى بيد الأحزاب الممثلة في البرلمان لأنها هي التي ستصوت في جلسة غداً لمنح الحكومة الثقة أو عدمه. وتشير مصادر سياسية إلى أن رئيس الحكومة وعد بإجراء تعديل وزاري يرضي بعض الأحزاب السياسية، مثل حركة النهضة والحزب الدستوري الحر، اللذين عبرا عن تحفظات بشأن عدد من الأسماء المقترحة للوزارات، من بينها وزارات السيادة الثلاث، الداخلية والدفاع والعدل.
وفي السياق ذاته، أكدت وسائل إعلام محلية أن المشيشي ما زال يترقب نتائج المحادثات التي تجريها والمجالس الوطنية التي تعقدها الأحزاب، اليوم (الاثنين)، قبل يوم واحد من الجلسة العامة المخصصة لمنح الثقة للحكومة الجديدة. وأشارت تقارير إعلامية إلى أن بعض مكونات المشهد السياسي باتت تجري محادثات غير معلنة مع رئيس الجمهورية لإقناعه بضرورة حجب الثقة البرلمانية عن حكومة المشيشي، لاعتبارها غير متلائمة في تركيبتها مع الوضع العام في تونس. وقالت إن حركة النهضة قد تتوافق هذه المرة حول حجب الثقة عن الحكومة بالتنسيق مع رئيس الجمهورية الذي لم يعد راضياً عن أداء المشيشي.
ومن بين السيناريوهات المقترحة الإطاحة بحكومة المشيشي في جلسة التصويت دون لجوء قيس سعيد إلى حلّ البرلمان والإبقاء على حكومة إلياس الفخفاخ حكومة تصريف أعمال، شرط إيجاد صيغة يتم من خلالها إجبار الفخفاخ على تفويض صلاحياته لأحد وزرائه.
قد يهمك ايضا :
تباين في مواقف الأحزاب التونسيّة حول حكومة المشيشي
سيناريوهات مطروحة في حال عدم حصول حكومة المشيشي على ثقة البرلمان التونسي
أرسل تعليقك