رفع التأزم السياسي وتيرة الاتصالات السياسية لاحتواء الأزمة الناتجة عن الانقسام إزاء إحالة مقتل مرافقي وزير في جبل لبنان إلى المجلس العدلي، وتهديدها بتعليق عمل مجلس الوزراء الذي تنقسم أطرافه بين متمسك بإحالة الملف إلى المجلس العدلي، ورافض له قبل إنجاز التحقيقات اللازمة.
وناقش رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الملف مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الموضوع، قبل أن يستقبل رئيس "الحزب الديمقراطي" النائب طلال أرسلان، ووزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب الذي قُتل مرافقاه، فيما عقد بري اجتماعًا مع الوزير الأسبق غازي العريضي، موفَدًا من "الاشتراكي".
ورفضت مصادر وزارية اعتبار ما يجري تأزمًا سيهدد انعقاد الحكومة هذا الأسبوع، مشددةً في تصريح صحافي، على أن المباحثات تتواصل، و"ليس دقيقًا أن الأمور وصلت إلى طريق مسدود".
وأكدت أن "الأمور في طور التشاور، والمباحثات لم تفشل، في وقت ينتظر بري إجابات من عون تنتج عن مشاورات عقدها الرئيس مع أرسلان والغريب اللذين خرجا من قصر بعبدا، أمس، من دون الإدلاء بأي تصريح".
وتناول عون مع بري الأوضاع العامة في البلاد في ضوء التطورات الأخيرة والاتصالات الجارية، لا سيما تلك المتصلة بالأحداث التي وقعت في محلة قبرشمون في قضاء عاليه الأسبوع الماضي، وتم خلال اللقاء التداول في عدد من الأفكار في إطار توحيد الجهود المبذولة لمعالجة الأوضاع التي نشأت عن هذه الأحداث، وبعد اللقاء لم يشأ بري الإدلاء بأي تصريح واكتفى بتحية الصحافيين والقول، "جئنا نصبّح على فخامة الرئيس".
وقالت المصادر الوزارية المطلعة على لقاء عون وبري لـ"الشرق الأوسط"، إن عون كان يجري سلسلة اتصالات خلال الأيام الماضية، كما كان بري يجري سلسلة اتصالات من جهته، لافتةً إلى أن اللقاء أمس "كان لتوحيد الجهود المبذولة من قِبل الرئيسين تجاه الأطراف المعنية للوصول إلى حلحلة الوضع الداخلي الذي نشأ عن أحداث قبرشمون".
ولفتت إلى أن "الرئيسين تداولا أفكارًا عدة، وينتظر أن تستكمل الاتصالات بعد عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من الخارج" التي كانت متوقعة مساء أمس، وقالت، "الرئيس بري عنده معطياته، والرئيس عون عنده معطياته أيضًا، وجرى النقاش حولها".وأكدت أن "هناك تركيزًا على ضرورة تهدئة الأجواء وإيقاف التصريحات العالية النبرة التي لا تساعد على تليين الأجواء"، مشددة على أن "الاتصالات ستستمر وتُستكمل عندما يعود الحريري من الخارج".
وبموازاة لقاء عون مع أرسلان والغريب، كان بري يستقبل الوزير الأسبق العريضي، وقالت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ"الشرق الأوسط" إن بري "مصرّ على ضرورة لملمة الأمور، لأن الوضع دقيق"، لافتة إلى أن موقف بري يميل إلى ضرورة الذهاب إلى تحقيق قضائي ليُبنى على الشيء بمقتضاه، وهو بذلك يلتقي مع موقف "الحزب التقدمي الاشتراكي".
وقالت المصادر، "إن الاشتراكي لا يعارض بالمطلق الذهاب إلى المجلس العدلي، ويؤيد في البداية إنجاز تحقيق قضائي يتبين على ضوئه ما إذا كان هناك كمين، أو محاولة اغتيال للغريب، أو تهديد السلم الأهلي، أو أي فرضية أخرى تستدعي إحالة الملف إلى المجلس العدلي"، مضيفة أنه "على ضوء التحقيق القضائي ومعطياته، يُحال الملف إلى مجلس الوزراء الذي يقرر إحالته إلى المجلس العدلي أم لا".
ولفتت إلى أن هناك "آلية لإحالة الملفات إلى المجلس العدلي على ضوء التحقيقات القضائية، ولا يمكن أن تتم بهذه الطريقة التي يُطالب بها لأن هناك شروطًا لذلك هي غير متوافرة".
ويطالب النائب أرسلان بإحالة الملف إلى المجلس العدلي فورًا، وجدد مطلبه أمس بتغريدة عبر حسابه على "تويتر" حذر فيها من "أي محاولات لتمييع جريمة الجبل عن حُسن أو سوء نية". واعتبر أن "أي تسوية لا يمكن أن تمر إلا بإحالة تلك الجريمة إلى المجلس العدلي الذي هو المرجع الوحيد الصالح لمعالجتها، وغير ذلك فالطريق ستبقى مفتوحة لفتنة لا تُعرف عواقبها".
ويعوّل المسؤولون اللبنانيون على الاتصالات السياسية لتهدئة الأمور، تمهيدًا لانعقاد الجلسة الحكومية. وقال أمين سر "الاشتراكي" ظافر ناصر في تصريحات: "بالمبدأ نحن مع أداء حكومي فعال خصوصًا في هذا الظرف الاقتصادي الذي يعانيه البلد، لكن هناك مؤامرة تحاك في ملف قبرشمون".
وعبّر مسؤولون في "التيار الوطني الحر" عن توجه إلى تفعيل العمل الحكومي، إذ أكد النائب آلان عون في تصريح إذاعي: "لسنا دعاة تعطيل، والحريري يعلم بهذا الأمر، ولم تكن لدينا النية بتعطيل الجلسة، ونتمنى أن تجتمع الحكومة في أسرع وقت وعندما سيدعونا رئيس الحكومة سنلبّي، ولكن الحريري يحاول تهدئة النفوس ومعالجة المشكلة قبل عقد جلسة لعدم انتقالها إلى مجلس الوزراء".
ويدفع حزب "القوات اللبنانية" باتجاه تفعيل العمل الحكومي، إذ تمنى نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني، أن تُعقد جلسة لمجلس الوزراء، الخميس، "إلا أنه لم تتم الدعوة إليها حتى الآن، لاستتباع العمل الضروري الذي نحتاج إليه في هذه المرحلة"، لافتًا إلى أن "قرار وضع ملف قبرشمون على جدول أعمال الجلسة يعود إلى رئيس الحكومة سعد الحريري وحده"، متوقعًا أن يكون "قد تم التوافق حول الموضوع قبل الوصول إلى الجلسة تفاديًا لأي انقسامات أو تشنجات داخلية".
وشدد على "ضرورة ألا تكون الحكومة مكانًا لتفجير التشنجات والتموضع السياسي لأن كل يوم تعطيل أو تأخير لعملها يأتي علينا بالمزيد من الخسارة على الصعيد الاقتصادي"، وقال إن "هناك من يدفع بنا إلى انهيار اجتماعي واقتصادي كامل".
وقد يهمك ايضا:
الرئيس اللبناني يلتقي مسؤولاً أوكرانيًا
الزعيم ميشال عون يسلم رئاسة التيار الوطني الحر إلى صهره
أرسل تعليقك