كابل - العرب اليوم
مع تصاعد خطر نفوذ حركة طالبان المتزايد في أفغانستان، تسعى باكستان المجاورة لتأمين جبهتها الداخلية، ليس فقط بالمواجهة الأمنية والعسكرية للجماعات الإرهابية والعناصر المتطرفة، بل بالمواجهة الفكرية أيضا.وتعتمد إسلام آباد على دعم مؤسسة الأزهر الشريف في مصر لتأهيل أئمة باكستان، خاصة أئمة الجيش الباكستاني، على مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف ودحض الخطاب الديني المتشدد.وكشفت مصادر في مشيخة الأزهر، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، وجود "تنسيق واتصالات مستمرة" مع الجانب الباكستاني، لتدريب أئمة قيادة القوات المسلحة الباكستانية، ضمن برنامج تدريب الأئمة بالأزهر.وكان شيخ الأزهر، الإمام الأكبر أحمد الطيب، قد وافق على طلب رئيس هيئة الأركان المشتركة بالقوات المسلحة الباكستانية، الفريق أول نديم رازا، لتدريب دعاة الجيش الباكستاني على مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وتزويدهم بالمعرفة الكافية في هذا المجال.
تعاون أزهري مع باكستان
وتصدرت جهود مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف مباحثات شيخ الأزهر، مع الفريق زارا خلال زيارته الأخيرة لمصر، قبل أيام، وبحثا سبل تعزيز "دور الأزهر في نشر الإسلام الوسطي ودعم الطلبة والدعاة الباكستانيين، أثناء دراستهم وتدريبهم في مصر".وأكد مسؤولون وعلماء أزهريون لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هذا التعاون "انعكاس لمكانة الأزهر الكبيرة لدى الباكستانيين، واتصالا بجهوده في مكافحة الإرهاب والتطرف، وتقديم الإسلام في صورته الوسطية، وتصحيح المفاهيم المغلوطة حوله".وشدد الأزهريون على "أهمية تدريب الأئمة الباكستانيين وتمكينهم من مواجهة الفكر المتطرف، لا سيما بعد عودة النفوذ القوي لحركة طالبان في الجارة أفغانستان، ورفعها شعار (الإمارة الإسلامية)، ودعمها للتنظيمات المسلحة حول العالم، مستغلة شعارات زائفة ومنسوبة زورا للإسلام".
التدريب على مكافحة الإرهاب
وقال مدير المركز الإعلامي لمشيخة الأزهر، أحمد بركات، إن الإمام الأكبر اتفق مع الفريق رازا على تدريب الأئمة والخطباء العاملين بالقوات المسلحة الباكستانية، في أكاديمية الأزهر الشريف، على أن يتركز التدريب على "تفنيد الشبهات وتفكيك الأفكار المتطرفة والإرهابية".
ولفت بركات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن الأزهر سبق له تدريب 120 إماما وداعية وخطيب مسجد من باكستان.
وعن برامج تدريب الأئمة والخطباء العاملين في القوات المسلحة الباكستانية، أوضح بركات أنهم سيتلقون برنامجا مخصصا للدعاة الذين يتعاملون مباشرة مع أصحاب الفكر المتطرف والإرهابي.
برامج متخصصة
وبدوره، قال رئيس أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والدعاة، حسن الصغير، إن دورات إعداد الداعية "طويلة الأجل"، موضحا أن هناك أنماطا منها "متخصصة في تفكيك الفكر الإرهابي، والرد على الفكر بالفكر ودحض المفاهيم المغلوطة، وكذلك الرد على المزاعم بشأن الفقه والتشريع الإسلامي".وتابع رئيس أكاديمية الأزهر في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، قائلا إن الأزهر لديه قاعدة بيانات تضم أساتذة كبار متخصصين في برامج مكافحة الإرهاب والتطرف لجميع المستويات التعليمية للأئمة، ويتم الاستعانة بالأساتذة من خارج الجامعة المتخصصين في علم النفس والتنمية البشرية.ولفت الصغير إلى أن الأئمة والخطباء المستهدفين يتم تصنيفهم حسب مستواهم العلمي ويتم إعداد برامج مناسبة لهم، من خلال مكتب فني محترف.وبشأن أئمة باكستان، قال إنه يتم عرض ما هو مطلوب مواجهته من طرفهم، سواء مشكلة فكرية أو دعوية، وتوصيف الحالة ووضع برامج التدريب المناسبة لها، وفقا لجدول زمني محدد.الأزهر يوفر أيضا، حسب المسؤول المصري، المراجع الخاصة بالتدريب، سواء باللغة العربية أو الإنجليزية أو لغات أخرى، بالتنسيق مع مرصد الفتوى الإلكتروني، لأن به متخصصين في كافة اللغات.وأوضح أن الترتيبات الخاصة بتلك البرامج تتم عبر وزارة الخارجية والجهات الرسمية، "للوقوف بدقة على أوضاع وطبيعة الدولة التي يتم تدريب أئمتها وبحث مشاكلها، وتخصيص برامج تناسبهم، لتحقق الهدف المطلوب".وعن برامج التدريب السابقة، قال الصغير إن التعاون الخارجي لتدريب الأئمة مع باكستان ليس الأول من نوعه في مواجهة الفكر المتطرف، إذ سبق للأزهر إعداد برامج لتدريب الأئمة في دول إفريقية وأوروبية، مثل نيجيريا ومالي والنيجر وبنغلادش والسويد.
تعاون الأزهر وإسلام آباد
وتسعى باكستان التي تقع في دائرة خطر طالبان، للتوسع في برنامج تدريب الأئمة والدعاة لتحصينهم فكريا وتدريبهم على مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف والمغلوط.
ووعد الشيخ الطيب، بدعم أئمة وطلبة باكستان، وتكثيف الدورات المقدمة لهم لحماية المجتمعات من الأفكار الضالة، مع تعزيز التعاون لجعل الجامعة الإسلامية بإسلام آباد مركزا لنشر الفكر الأزهري المعتدل والفتاوى المنضبطة في أرجاء آسيا.ويستند دعم الإمام الأكبر لباكستان ومحبة الباكستانيين له، إلى فترة قضاها أستاذا ثم عميدا لكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية في باكستان بين عامي 1999 و2001، حيث لمس بنفسه حب الشعب الباكستاني وتقديره الشديد للأزهر.ويستقبل الأزهر الشريف سنويا أعدادا كبيرة من الطلاب الباكستانيين، لدراسة العلوم الإسلامية واللغة العربية وآدابها، ووصل كثير منهم إلى مراكز مرموقة بعد انتهائهم من دراستهم وعودتهم لبلدهم.ويولي الشيخ الطيب بعثة الأزهر الحالية للجامعة الإسلامية العالمية رعاية خاصة، وتعتبر من أهم البعثات المصرية إلى باكستان، حيث تضم كوكبة من علماء مصر منذ 35 عاما حتى اليوم.ويركز مرصد الأزهر في تقاريره الدورية بشأن أنشطة الجماعات الإرهابية على الأوضاع في باكستان، وأفادت تقارير أخيرة له أن باكستان شهدت خلال 2020 انخفاضا في معدل العمليات الإرهابية بنسبة 36 بالمئة مقارنة بعام 2019، بفضل جهود الدولة الباكستانية في مكافحة الجماعات الإرهابية.
قد يهمك ايضا
صواريخ قرب القصر الرئاسي في كابول وقت صلاة العيد وسط دعوات لـ "طالبان" لوقف الهجمات العسكرية
بعثات دبلوماسية في أفغانستان تدعو "طالبان" لوقف الهجمات العسكرية
أرسل تعليقك