بغداد ـ نهال قباني
أعلن مكتب المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني، أنه "لا يزال ينتظر ما يمكن أن تتخذه الحكومة العراقية الجديدة من إجراءات ملموسة على أرض الواقع لتحديد موقف منها"، في وقت أعلن فيه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش أن المرجع الشيعي الأعلى دعا الكتل السياسية إلى دعم الحكومة.
وهذا التباين في المواقف الذي ظهر خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده كوبيتش في مدينة النجف، بعد لقائه السيستاني، أدى إلى صدور بيان من المرجعية كان بمثابة تصحيح لما ورد في التصريحات، دون أن يشير إليها صراحة. وكان كثير من وكالات الأنباء ومواقع التواصل الاجتماعي قد تناولت دعم المرجعية للحكومة، طبقاً لما ورد في تصريحات كوبيتش، الأمر الذي جعلها تعلن موقفها من الحكومة الحالية التي لم يمضِ على تشكيلها أكثر من شهرين.
وكانت خطب الجمعة في كربلاء، التي تمثل رؤية المرجعية، قد ابتعدت خلال الشهرين الأخيرين عن إبداء رأيها بشأن مجريات تشكيل الحكومة التي لم تكتمل بعد نتيجة للخلافات العميقة بين كتلتي الإصلاح والإعمار من جهة، والبناء من جهة أخرى.
وكان ممثل الأمم المتحدة في العراق، كوبيتش، قد اختتم مهام عمله في العراق بلقاء المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيستاني، حيث قال خلال مؤتمر صحافي عقده بعد اللقاء إن السيستاني أبدى استعداده للتعاون مع من يخلفه، وأضاف: "أطلعت السيستاني على جهودنا في الوضع العام والتنمية وإعمار الموصل والخدمات"، مشيراً إلى أننا "نترقب علامات نجاح بتقديم الخدمات والشباب الذين ضحوا للبلد، ويجب أن يحظى بها الكل"، وتابع أنه "يجب إعادة النازحين، وأعمار المناطق المدمرة"، لافتاً إلى أن "مسؤولية القوى السياسية هي استكمال التشكيلة الحكومية، ودعم الحكومة من القوى والنواب، لأن الوقت قصير".
لكن البيان الذي صدر عن المرجعية أكد من جانبه أن أمام الحكومة الجديدة مهاماً كبيرة، وأنه ينتظر ليرى ملامح النجاح في عملها، لا سيما في مجال مكافحة الفساد، وتوفير فرص العمل للعاطلين، وإعمار المناطق المتضررة بالحرب، وإعادة النازحين إلى مناطق سكناهم بصورة لائقة، وتوفير الخدمات الضرورية للمواطنين بالشكل المناسب، وأكد ضرورة أن تتعاون الكتل السياسية في مجلس النواب مع الحكومة للتقدم خطوات حقيقية في تحسين الأوضاع، وشدد على أهمية احترام سيادة العراق، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، من قبل جميع الدول.
ويقول رجل الدين العراقي الشيخ فرحان الساعدي لـ"الشرق الأوسط"، إن "دعم الحكومة من قبل المرجعية يستند إلى خطوات ملموسة، وهذه الخطوات معروفة، وقد حددتها المرجعية بـ: محاربة الفساد، وتحسين الأمن والخدمات بمجالاتها كافة، وبالتالي فإنني حتى أقول عن الحكومة إنها ناجحة أم لا، فإنه أمر مرتبط بما تقوم به على أرض الواقع"، مبيناً أنه "من المبكر بالنسبة للمرجعية الدينية أن تقول عن الحكومة إنها ناجحة أو فاشلة، ما لم تكن هناك إجراءات ملموسة".
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان كوبيتش قد قال ما يخالف قناعات المرجع، قال الساعدي إن "كوبيتش لم يقوِّل المرجع ما لم يقله، لكنه تصرف بما تمليه ثقافته الغربية، لجهة أن ما هو مطلوب من الحكومة أن تقدمه أو تنجح فيه إنما يعتمد على دعم الكتل السياسية لها، وبالتالي الحكومة لا تتحمل وحدها المسؤولية، بل هي أيضاً مسؤولية الآخرين، خصوصاً الجهات التي رفضت أن تمنح رئيس الحكومة الدعم الكافي أو الحرية في اختيار وزرائه.
وعد الساعدي أن "معيار النجاح في الواقع هو المنجزات التي تتحقق على أرض الواقع، ولكن حتى تتحقق تلك المنجزات، فإن ذلك يتطلب تحمل المسؤولية من قبل الكتل السياسية المشاركة في الحكومة.
من جهته، حذر النائب عن "تحالف الفتح"، فالح الخزعلي، أمس، من غضب جماهيري قد يؤدي إلى نهاية العملية السياسية في العراق، وأضاف أن "الغضب الجماهيري لاحقاً قد يؤدي لنسف أي حكومة مقبلة، وتجدد حالة عدم الرضى، وحتى القيادات السياسية قد تستنفد كل ما عندها للالتفاف بصدق أو غير ذلك على الشعب، ولكن لا يقدم شيء أمام قناعة الشعب، إلا المؤدلجين منهم، وبذلك لا بد من تشخيص المواقف والخلل في إدارة الدولة".
أرسل تعليقك