كييف - العرب اليوم
رن جرس الهاتف الجوال بجانب السرير، أخرج فادي يده من تحت الغطاء، وأمسكه وعيناه مغمضتان، ليرد على شقيقته: «أنا نائم سأتصل بك بعد…...»، لم يكمل جملته بعد سماعه دوي صوت انفجار ضخم بمحيط منزله، أفزعه وأطار النوم من عينيه، ليسقط الهاتف من بين يديه المرتعشتين، وهو يصرخ «الحرب قامت».
بعد «قيام الحرب»، ووصول الروس إلى الأراضي الأوكرانية بعد أيام من التهديد، والحشد، سارع مصريون وعرب يدرسون ويعملون في أوكرانياً للهرب من جحيم آلة الحب، والمقذوفات الطائشة، إلى دول الجوار، بعدما أعلن عدد كبير من الجاليات المصرية والعربية الموجودة بها عن تضامنهم مع العالقين العرب بأوكرانيا واستعدادهم لاستضافتهم في منازلهم.
وسط أجواء قاتمة، خاض الشاب المصري، شادي الشيخ، الذي يدرس في الفرقة الخامسة بكلية طب الأسنان بجامعة إيفانو فرانكيفسك (جنوب غربي) أوكرانيا رحلته المجهولة إلى الحدود البولندية، بعد هروبه في البداية إلى ملجأ قريب، وحصوله على أوراق رسمية من جامعته، برفقة زملائه، تتعلق بدرجات امتحاناتهم فمن دونها سيضيع جهد 5 سنوات في الدراسة.
يقول فادي الشيخ،، بعدما مر على انتظاره لدخول الأراضي البولندية نحو 10 ساعات: «قررنا أن نجد طريقة للعودة إلى مصر، ضيعنا وقتا كبيراً في محاولة الحصول على أوراقنا من الجامعة، لكن الأمور ساءت على نحو مفاجئ، واضطررنا إلى قطع أكثر من 60 كيلومتراً سيراً على الأقدام كي نصل إلى الحدود البولندية، وما زلنا ننتظر دورنا، حيث سمحوا فقط بدخول النساء والأطفال حتى الآن».
ويبلغ عدد المصريين في أوكرانيا نحو 6 آلاف مصري، وفق تصريحات السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بينهم نحو 3 آلاف طالب.
وفور اندلاع الحرب، بدأ شباب من دول الجوار الأوكراني بتدشين «غروب» عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» لمساعدة العالقين المصريين والعرب في الوصول للحدود، تحت عنوان «إحنا سندك»، وأوقفت إحدى الشركات السياحية نشر موادها الدعائية على مجموعتها الرئيسية بموقع «فيسبوك» وخصصته لأخبار وتحركات العالقين وجهود مساعدتهم، وفتح أعضاء الجاليات العربية والكثير من العائلات والشباب الذي يعيش منفرداً منازلهم لاستقبال من يتمكن من عبور الحدود إلى أي من دول الجوار (رومانيا، بولندا، سلوفاكيا، وألمانيا)، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي استغاثات من أهالي يريدون الاطمئنان على ذويهم، وعالقون لا يجدون أي وسيلة مواصلات تقلهم إلى الحدود، ومتطوعون من دول الجوار ينشرون أرقام هواتفهم ويذهبون إلى الحدود لاصطحاب القادمين من أوكرانيا إلى منازلهم.
محمد أحمد، أحد المصريين المقيمين بمدينة هامبورغ الألمانية، نشر رقم هاتفه على مجموعات التواصل لمساعدة من يتمكن من العبور إلى ألمانيا، وبالفعل استضاف شابا مصريا وفتاة تونسية، يقول أحمد إن: «الوضع صعب على هؤلاء الشباب العالقين، لذلك يجب أن يحرص كل شخص على تقديم المساعدة، ذهبت لاستقبالهم على الحدود، وكانت حالتهم غير جيدة، وما زال منزلي مفتوحاً لاستقبال المزيد».
ونشطت الجالية المصرية في كل من بولندا ورومانيا للمساعدة في إجلاء المصريين واستقبالهم، ويقول الدكتور أحمد الأقطع، أحد أعضاء الجالية المصرية في رومانيا، والذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، أثناء تواجده على الحدود الأوكرانية الرومانية لإنهاء إجراءات عبور عدد من الطلاب المصريين: «خصننا أتوبيسات لنقل العالقين، ونقوم بالدخول إلى عمق الأراضي الأوكرانية بحسب ما تسمح به ظروف القذف، ونصطحبهم إلى الحدود الرومانية، ونوفر لهم مكان إقامة لحين عودتهم إلى مصر».
ودشن شباب تونسيون «غروب» آخر على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» تحت عنوان «التونسيون في أوكرانيا» بهدف تنسيق الجهود ومساعدة العالقين في العبور إلى دول الجوار، وفتحوا منازلهم لاستقبال الوافدين.
ورغم تشابه الوضع العام، للكثير من العالقين العرب خلال رحلة هروبهم من الحرب في أوكرانيا، فإنها قصص لم تكتمل، وما زالت النهايات مفتوحة، فقد انقطع اتصالهم كثيراً مع «الشرق الأوسط» بسبب نفاد بطاريات هواتفهم، أو انقطاع شبكة الإنترنت، ومن بين هؤلاء، وسام حسني علي، طالبة مصرية، تحدثت عبر تطبيق تواصل اجتماعي، بينما كانت تستقل مركبة مع آخرين متجهة إلى الحدود الرومانية.
تقول وسام بصوت متهدج: «نحن في طريقنا إلى الحدود الرومانية، السائق سينزلنا قبل الحدود بـ20 كيلومتراً، ونأمل أن نجد أحداً في انتظارنا»، قبل أن ينقطع الاتصال، وهو تكرر مع كثيرين آخرين كانوا في طريقهم إلى حدود عدد من الدول المجاورة لأوكرانيا، من بينهم ريهام عبد الحميد أبو زيد، طالبة مصرية في السنة السادسة بكلية الطب في جامعة بوجومولتس بالعاصمة الأوكرانية كييف، لم تستطع ريهام، استكمال محادثتها خلال انتظارها على الحدود الرومانية.
غير أن علي عطية، الطالب بالسنة السادسة بكلية الهندسة في مدينة خاركوف كان أكثر حظا، حيث نجح في الوصول إلى الحدود الرومانية، واستطاع شحن بطارية هاتفه المحمول، وقال عطية: «قضينا مدة للوصول إلى الحدود الرومانية في ظل أجواء شديدة البرودة، خرجنا من الملجأ ليلا، وكنا نسمع صوت الانفجارات قريبة منا، ونرى النيران تشتعل في البنايات بفعل الصواريخ، كانت مشاهد مرعبة نحمد الله أن نجانا منها».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
موسكو تدفع بتعزيزات في اليوم الرابع من الحرب على أوكرانيا واستنفار أكثر من 9500 جندي فرنسي
أول تصريح من رئيس أوكرانيا بعد بدء الغزو الروسي
أرسل تعليقك