لندن - ماريّا طبراني
وصفت محطة البي بي سي التلفزيونية البريطانية الطريقة التي تصنّف بهها قطر الوفيات التي تقع في صفوف العمال الوافدين بأنها لا تظهر العدد الحقيقي لمن يموت نتيجة التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة، وذلك حسب إفادات حديثة تم تجميعها .
ودعا العمال الوافدون وأسرهم دول الخليج وحكومات الدول التي ينتمون إليها إلى إجراء تحقيقات أكثر شمولية لرصد حالات وفيات العمال الذين يعتقد أنهم توفوا نتيجة التعرض لدرجات حرارة مرتفعة جدا أو جراء إصابتهم "بضربة شمس".
وبرغم عدم وجود بيانات كافية، يقدر عدد العمال الوافدين من جنوب وجنوب شرق آسيا الذين يموتون سنويا في دول الإمارات والسعودية وقطر وعمان والبحرين، بنحو 10 آلاف شخص سنويا، حسب ما تقول منظمة "مشاريع فيرسكوير"، وهي منظمة غير ربحية معنية بحقوق الإنسان مقرها لندن، تبحث في ظروف العمالة الوافدة في دول مجلس التعاون الخليجي.
ففي السنوات الخمس عشرة الماضية، توفي أكثر من ألفي عامل نيبالي في قطر وحدها.
وتوصلت دراسة دولية أجريت في الآونة الأخيرة إلى أن سبب الوفاة في 517 حالة وقعت في السنوات الثماني الماضي كان الإصابة بأمراض القلب، ربما نتيجة الإجهاد الحراري - وهو سبب يمكن الوقاية منه.
وقالت محطة البي بي سي التلفزيونية البريطانيةً من الحكومة القطرية الرد على الادعاءات القائلة إنها لم تبلغ عن الوفيات الناجمة عن الحر، وإن الطريقة التي تصنف بها قطر وفيات العمال المهاجرين قد تحجب عدد الذين ماتوا بسبب التعرض للحرارة. لكن لم يصلنا منها رد .
وقالت حكومة دولة الإمارات في بيان أصدرته في الآونة الأخيرة إنها صدقّت على تسعة مواثيق لمنظمة العمل الدولية بخصوص حقوق العمالة الوافدة.
كما أكدت أنها حظرت العمل بين الساعة 12:30 ظهرا والثالثة عصرا في موسم الصيف، وقالت أيضا إنها جعلت توفير مياه الشرب شرطا ملزما، وفتحت خطا هاتفيا ساخنا للعمال يتيح لهم الشكوى، مشيرة إلى أنها ستغرم أرباب العمل المخالفين.
وتصر حكومة الإمارات على أنها مصممة على المضي قدما في تحسين ظروف العمل.
وتقول أسر العمال المتوفين إن شح المعلومات حول ظروف وفاة أقاربهم يمنع إجراء أي تحقيق في إمكانية أن تكون ظروف العمل السيئة أو الإهمال قد لعبت دورا في وفاتهم. ولم تستلم أي من أسر العمال المتوفين في دول الخليج والذين تحدثت معهم بي بي سي أي تعويض من الحكومة القطرية مما أثر عليها ماليا ونفسيا.
"عاد إلينا في صندوق"
غادر دان زوج سيتا نيبال قبل سبع سنوات متوجها للعمل في السعودية ثم قطر، حيث كان يعمل على تركيب الأبواب والشبابيك في مواقع البناء.
وتقول سيتا، "كان دائم التعرق، وكان يصاب بالرعاف بسبب حرارة الطقس. وجده أصدقاؤه وهو يتلوى من الألم، فأخذوه الى المستشفى ولكنه توفي في الطريق إليها".
ذكرت شهادة الوفاة التي صدرت بحق دان أن سبب الوفاة كان الإصابة "بسكتة قلبية". ولكن الدكتور راتنا، أخصائي الأمراض القلبية في مستشفى جامعة تريبهوفان التعليمي في العاصمة النيبالية كاتماندو، قال لبي بي سي: "في الأيام التي سبقت وفاة دان بهادور، كانت درجات الحرارة تتجاوز 40 درجة مئوية".
ومضى يقول: "يتعرض كل عامل وافد يعمل في درجات حرارة تتجاوز 40 درجة مئوية باستمرار وإلى حد الارهاق، إلى احتمال كبير بأن يموت بشكل مفاجئ. تذكر شهادة وفاة دان بهادور أنه مات نتيجة "سكتة قلبية"، ولكن جميع البشر يموتون نتيجة توقف القلب عن العمل".
ما زالت أسرة دان تبحث عن أجوبة حول سبب وفاته المفاجئة، وقال والده بادام لبي بي سي، "عاد إلينا في صندوق. في علبة بيضاء. لا أفهم ما جرى".
"العمل في الصيف محظور"
تتعرض قطر لمراقبة دقيقة فيما يتعلق بمعاملتها للعمالة الوافدة منذ فوزها بتنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022.
وفي عام 2014، أوصى تقرير أعده مكتب محاماة دي أل أي بايبر الدولي للمحاماة، الذي يمثل الحكومة القطرية "بشدة" بأن تقوم الدوحة بالتحقيق في حالات وفاة العمال الوافدين بالسكتات القلبية.
يذكر أن الحكومة القطرية تطبق منذ عام 2017 إجراءات من شأنها منع تشغيل العمال الوافدين في درجات الحرارة المرتفعة جدا وتحديد ساعات عملهم وتحسين ظروف المعيشة في مخيمات إقامتهم. ولكن منظمة العفو الدولية تقول إن الدوحة لم تحسّن بعد "إجراءات التحقيق في الوفيات التي تقع في صفوف العمال الوافدين وتحديد أسباب وفاتهم ومعالجة هذه الأسباب".
وقال محمد العبيدلي المسؤول في وزارة العمل القطرية، وهي الجهة المسؤولة عن العمالة الوافدة، لبي بي سي: "العمل في موسم الصيف محظور تماما. عليّ أن أؤكد ذلك مرارا. فوفاة عامل واحد تعد مشكلة كبيرة بالنسبة لنا. فإن كانت حالة وفاة واحدة أو ألف حالة، ففي نهاية المطاف، حياة البشر بالغة الأهمية وهي مسؤولية الدولة".
وقال: "إذا ثبت بأن سبب الوفاة الحقيقي هو التعرض لأشعة الشمس والعمل في الشمس في موسم الصيف، ستعاقب الشركة وتعوّض أسرة العامل".
ومن المعروف أن درجات الحرارة في منطقة الخليج تصل إلى 50 درجة مئوية بشكل منتظم، وترتفع حاليا بضعف المعدل العالمي الى نتيجة تغيّر المناخ.
وتستضيف دول الخليج أكثر من 14 مليون من العمال الوافدين.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك