آثار الدمار في سورية
دمشق ـ جورج الشامي
سقط 18 قتيلاً الإثنين في سورية معظمهم في العاصمة دمشق وريفها ومدينة حمص، جراء المعارك الدائرة في سورية بين الجيش الحر وجماعات المقاومة المسلحة من جهة، والجيش الحكومي من جهة أخرى، فيما فرض الجيش الحر سيطرته على "اللواء 22" (فوج الإشارة) في منطقة العتيبة بالقرب من مطار دمشق الدولي
وسيطر على محطة القدم في ريف دمشق، في الوقت الذي لوّحت فيه إسرائيل بتوجيه ضربة إلى دمشق في حال وقوع الأسلحة الكيميائية في يد "حزب الله" أو المعارضة المسلحة، في حين وجهت دمشق رسالتين متطابقتين إلى الأمم المتحدة، بشأن "الخطوات التي تقوم بها الحكومة السورية لتنفيذ برنامج الرئيس بشار الأسد الإصلاحي".
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن "معارك عنيفة تجري بين القوات الحكومية ومقاتلين من عدة كتائب مقاتلة في حي القدم في دمشق، ترافقت مع قصف من قبل القوات الحكومية على مناطق في الحي، الذي دوت فيه أصوات انفجارات، وأن اشتباكات عنيفة أيضًا وقعت في يلدا جنوب العاصمة، وأن 10 مسلحين قُتلوا في الحسكة، في حين استمرت الاشتباكات المتفرقة بين القوات الحكومية وقوى المعارضة في أنحاء عدة من البلاد الإثنين، أسفرت عن مقتل 18 شخصًا معظمهم في دمشق وريفها ومدينة حمص بينهم 9 من أفراد الجيش السوري الحر، وفي دير الزور سمع دوي انفجار في حي الحويقة بالتزامن مع اشتباكات عنيفة قرب فرع الأمن السياسي، وفي زملكا في ريف دمشق قصفت القوات الحكومية المدينة براجمات الصواريخ وقذائف الهاون، كما تجدد القصف العشوائي بقذائف الهاون على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق.
وأعلنت لجان التنسيق المحلية مع انتهاء الأحد، سقوط 115 قتيلاً، بينهم اثني عشر طفلًا وخمسة سيدات، وأربعة قتلى، قضو تحت التعذيب, منهم 41 في دمشق وريفها، 19 في حمص, 18 في حلب ، 11 في إدلب، 10 في درعا، 9 في حماه، 2 في الحسكه, 3 شهداء في دير الزور, 2 في اللاذقية، فيما قال ناشطون سوريون إن سيارة مفخخة انفجرت في حي الزاهرة الجديدة في العاصمة دمشق، وقامت قوات الأمن بإغلاق الطريق المؤدي إلى مكان الانفجار، وأن السيارة المنفجرة تعود إلى أحد ضباط الدفاع الجوي، فيما سيطر الجيش الحر على محطة القدم للقطارات، التي حولها النظام إلى ثكنة عسكرية، وتقع المحطة على بوابة دمشق الجنوبية في نقطة وصل مهمة بين أحياء القدم والميدان والمخيم ونهر عيشة.
كما قام الجيش الحر، الأحد باستهداف عدد من الحواجز التابعة لقوات الأمن والشبيحة في مناطق العسالي والقدم وسبينة وأتوستراد دمشق درعا الدولي جنوب العاصمة، وتم تكبيد قوات الأسد خسائر فادحة في العتاد والأرواح، قامت قوات النظام على إثر تلك التطورات بإغلاق الأتوستراد، كما قصف مناطق دمشق الجنوبية، وسقطت قذائف عدة على حي الميدان ومخيم اليرموك مما أدى إلى مقتل 4 في المخيم، وانفجرت سيارة مفخخة في حي تشرين مما أدى إلى مقتل اثنين، وسقوط العديد من الجرحى كما انفجرت عبوة ناسفة قرب فرع الأمن الجنائي في باب مصلى تلاه إطلاق نار كثيف وإغلاق كامل لدوار باب مصلى.
في ريف دمشق قامت طائرات النظام السوري بقصف مدن وأحياء الغوطة الشرقية والتحليق في سماء القلمون، وتمكن الجيش الحر من السيطرة على اللواء 22 بالكامل - فوج الإشارة - الذي يقع بالقرب من مطار دمشق الدولي في منطقة العيبة، وفي الغوطة الشرقية وشن الطيران الحربي من نوع سوخوي عدة غارات جوية على بلدات الغوطة وألقى بصواريخ وبوالين حرارية، في داريا وصلت تعزيزات ضخمة، وشهدت المدينة هجوم هو الأعنف منذ اثنين وسعبين يوماً، فيما حاول الجيش الحر التصدي للهجمات ودمّر خمسة دبابات وستة مدرعات، وشهدت بساتين جديدة عرطوز قصفا عنيفا من الفوجين 100 و 153 بدءًا من حوالي الساعة الثانية ظهرا وتكرر في حوالي الساعة الرابعة والنصف استهداف بعض الأبنية السكنية وعائلات النازحين المتواجدة في تلك المنطقة, مع إطلاق رصاص كثيف من رشاشات وقناصات من منطقة الضهرة موجهة أيضا على المزارع، في عين ترما هزت انفجارات عنيفة المنطقة جراء القصف بالأسلحة الثقيلة والاشتباكات بين الجيش الحر وجيش النظام، فيما تعرض دير العصافير والنشابية وسقبا لغارات حربية بالصواريخ والطيران، وفي دوما لم تتوقف قذائف الهاون والمدفعية عن استهداف المدينة لتدمر ما بقي فيها من أعمدة صامدة ولتودي بحياة العديد من المدنيين، في إدلب قام الجيش الحر بالسيطرة على قرية اليعقوبية بشكل كامل، وغنم أربع دبابات، وثلاثة بي إم بي، مدافع هاون من عيار 120، وعدد كبير من الأسلحة الخفيفة والرشاشات والذخيرة، فيما استمرت الاشتباكات بقرية الجانودية الملاصقة لليعقوبية.
وقال ناشطون إن الحملة العسكرية على محافظة دير الزور استمرت لليوم 228 على التوالي، شهدت خلاله المدينة قصف عنيفا بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ على معظم أحيائها وبخاصة أحياء الحويقة والجبيلة والحميدية والشيخ ياسين, وتمكن الجيش الحر من السيطرة على حاجز جسر السياسية بعد معارك ضارية مع جيش النظام وغنموا كمية من الأسلحة و الذخائر، واقتحموا مقر فرع الأمن السياسي، كما شهدت حلب وحمص ودرعا غارات جوية وقصف بالهاون وصواريخ الغراد، بشكل متواصل.
من جهتها، وجهت وزارة الخارجية السورية، رسالتين متطابقتين إلى رئيس مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة، حول "الخطوات التي تقوم بها الحكومة السورية لتنفيذ البرنامج السياسي الذي أطلقه الرئيس بشار الأسد في خطابه في كانون الثاني/يناير الجاري، ولاسيما أنه يستند إلى مبادىء وأهداف ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقرارات المنظمة ذات الصلة وبيان جنيف، كما أنه يقدم أرضية واقعية للحل، ويعكس العناصر الأساسية التي يجب أن يستند إليها أي حل لما يجري في سورية".
وأشارت الخارجية السورية في رسالتها إلى أنّ "وزارة الداخلية السورية، وتنفيذًا للبرنامج السياسي، أصدرت دعوة إلى جميع المواطنين السوريين الذين غادروا سورية بسبب الأحداث، بالعودة إليها وتقديم الجهات المعنية جميع التسهيلات اللازمة لهم، كما أصدرت تعليمات تسمح لجميع القوى السورية المعارضة خارج البلاد التي ترغب بالمشاركة في الحوار الوطني بالدخول إلى سورية، بغض النظر عن الوثائق التي يحملونها، متعهدة بتقديم جميع التسهيلات لهم ومعالجة أوضاعهم"، مضيفة أنّ "وزارة العدل اتخذت اجراءات بشأن قيام المحاكم بالإسراع في البت في الدعاوي المنظورة أمامها بسبب الأحداث الراهنة، والإفراج عمن لم تثبت إدانته كما ستقوم بوضع آليات لتسوية وضع من يلقي السلاح ويقوم بتسليمه للجهات المعنية المختصة وعدم ملاحقته تبعًا لذلك، وأنّ مجلس القضاء الاعلى اتخذ الأحد قرارًا يتضمن وقف العمل بكل الملاحقات القضائية حال وجودها بحق أي من القوى والشخصيات السياسية المعارضة المشاركة في الحوار الوطني".
وفي ما يتعلق بالمجال الإنساني، لفتت الوزارة إلى أنه "تم تكليف اللجنة العليا للإغاثة بتقديم المساعدات الإنسانية وتسهيل وصولها لمستحقيها بالتعاون مع الفعاليات الأهلية ومنظمات المجتمع الدولي والمنظمات المعنية الدولية داخل سورية وخارجها"، موضحة أنّ "الدولة السورية أصبحت الآن خلية للعمل على تحقيق البرنامج السياسي على أرض الواقع وسورية تتوقع من المجتمع الدولي والأمم المتحدة المساعدة على تفهم هذا البرنامج أولاً والجهود التي تقوم بها الحكومة لتنفيذه والمساعدة على ذلك دونما أحكام مسبقة لما فيه مصلحة الاستقرار بسورية والحفاظ على الأمن والسلم في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم".
وعلى الصعيد الدبلوماسي، حذر نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي سيلفان شالوم، من أن "أي علامة على تراخي قبضة سورية على أسلحتها الكيماوية خلال قتالها للمعارضين المسلحين قد تؤدي إلى ضربات عسكرية إسرائيلية"، مؤكدًا ما جاء في تقرير إخباري عن أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقد اجتماعًا مع قادة الأجهزة الأمنية الأسبوع الماضي لمناقشة الصراع في سورية وحالة ترسانة الأسلحة الكيميائية المشتبه في أنها تمتلكها".
وقال شالوم لإذاعة "الجيش الإسرائيلي"، إنه في حالة وقوع أسلحة كيميائية في أيدي مقاتلي "حزب الله" اللبناني، أو المعارضة المسلحة التي تقاتل لإسقاط الأسد "فإن ذلك سيغير من قدرات هذه المنظمات بشكل هائل"، مضيفًا أن "هذا التطور سيمثل تجاوزًا للخطوط الحمراء يتطلب تناولاً مختلفًا ربما يشمل عمليات وقائية"، وذلك في إشارة إلى تدخل عسكري محتمل، حيث قال جنرالات إسرائيليون أن" إسرائيل أعدت خططًا له".
وأضاف شالوم "الفكرة من حيث المبدأ هي أن ذلك (نقل الأسلحة الكيميائية) يجب ألا يحدث، وفي اللحظة التي نبدأ فيها معرفة أنه من الممكن حدوث شئ من هذا القبيل فسيتعين علينا أن نتخذ قرارات".
من جانبه، وقال رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف، في حوار أجراه مع قناة "سي إن إن"، إن "حظوظ الرئيس السوري بشار الأسد للبقاء في السلطة تتقلص يومًا بعد يوم، وأن أيامه في السلطة أصبحت معدودة"، لكنه كرر دعوته إلى المحادثات بين الحكومة وخصومها، وجدد موقف موسكو الرافض لفكرة إبعاد الأسد من الحكم من قبل قوى خارجية.
على صعيد متصل، قال مفتي سورية الشيخ أحمد بدر الدين حسّون، في المؤتمر الدولي الـ26 للوحدة الإسلامية في طهران، إن "صواريخ (باتريوت) التي نصبت في تركيا موجّهة ضدّ (حزب الله)، وأن سورية لم تشكل يومًا تهديدًا لتركيا"، معتبرًا أن "الحصار الغربي المفروض على إيران هو بسبب قضية فلسطين وليس البرنامج النووي".
ونقلت قناة "العالم" الفضائية الإيرانية، عن حسّون قوله إن "الرئيس السوري بشار الأسد مستعد اليوم لترك الرئاسة، ولكن القضية ليست قضية الرئاسة"، مشيرًا إلى أن مؤتمر "الوحدة الإسلامية ينعقد في مرحلة نحن فيها بأشد ساحات الخطر، وأننا اليوم على مفترق طريق نفقد فيه بلداننا الإسلامية بلدًا بعد بلد، وقطرًا بعد قطر"، مضيفًا "أرادوا إزالة الحكام فزال الحكام، ولكن بلداننا اليوم تتمزق في ربيعهم، ولو تخلت إيران عن الإسلام وفلسطين لبنوا لها ما تريد من مفاعلات نووية، وأن الحصار على إيران إنما هو لأجل فلسطين وليس بسبب البرنامج النووي".
وأكد علي حيدر وزير المصالحة الوطنية أن سورية ذاهبة إلى الخروج من الأزمة، وفقا لمعطيات داخلية وإقليمية ودولية داعيا مختلف السوريين إلى الحوار وتحقيق المصالحة الوطنية. ونقلت وكالة "سانا" للأنباء عن حيدر، قوله في لقاء مع الفعاليات الأهلية والرسمية بمحافظة درعا: "إن تماسك الجيش العربي السوري وقوة الاقتصاد السوري، أفشلا كل الرهانات على الدولة السورية". وأكد أن الأزمة في سورية قاربت على الانتهاء، لافتا إلى أن الشعب السوري وحده معني بإنتاج مشروع سياسي سوري وهو حل لكل السوريين بلا استثناء أما غير السوريين فليسوا معنيين باحتياجات الشعب السوري. كما دعا حيدر حاملي السلاح، قائلا:" إنه من الشجاعة أن يلقي المسلحون سلاحهم ويحاوروا الحكومة". وأوضح وزير المصالحة الوطنية أن أول "خطوات الحوار ستبدأ من خلال إيجاد شبكة الأمان الاجتماعي وحل ملفات المخطوفين والمهجرين والإغاثة والموقوفين ووضع آليات عملية وتنفيذية لتسريع المحاكمات وإجراءات التقاضي ومعالجة أوضاع المحالين إلى المحاكم".
وقال نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية قدري جميل إن أي استفزازات أو أنباء متعلقة باستخدام ممكن للأسلحة الكيميائية في سورية، تشير إلى محاولات بعض الأطراف إحباط الحل السياسي للأزمة فيها. ونقل موقع "روسيا اليوم" عن جميل قوله: "من المعروف أن تلك القوى التي تمّولها قطر وخاصة المتشددة لديها مختبرات ومصانع صغيرة لإنتاج الأسلحة الكيميائية". وأضاف: "أعتقد أن الذين يريدون استخدام هذه الطريقة من الاستفزاز إنما يؤكدون أن الحل السياسي قادم لا محالة وهم في محاولتهم البائسة واليائسة لمنع هذا الحل السياسي سيستخدمون كل الوسائل الممكنة ومنها الأسلحة الكيميائية من طرفهم لمحاولة لصق هذه التهمة بالجيش العربي السوري لإعطاء الحجة للقوى الغربية التي بدأت تتراجع نحو حتمية الحل السياسي من أجل منع هذه العملية
أرسل تعليقك