بيروت - جورج شاهين
بيروت - جورج شاهين
عاد الناجون اللبنانيون الـ 18 من إندونيسا الأحد إلى بيروت على أن يصل الناجون الـ 11 الآخرون منهم الستة الموقوفون والخمسة الذين لم يصعدوا على متن العبارة الثلاثاء المقبل مع عودة بعثة لبنان بانتظار انتهاء تحاليل ال DNA على جثامين القتلى لإعادتها إلى لبنان.وفي التفاصيل وصل الناجون على
متن رحلة تابعة لشركة طيران الإمارات الآتية من دبي، وهم لؤي بغدادي، أحمد العبوة، وسام حسن، مصطفى بو مرعي، حسين خضر، أسعد أسعد، محمد محمود أحمد، عمر سويد، محمود البحري، عمر المحمود، إبراهيم عمر، أحمد توفيق محمود، خالد الحسين، خليل الراعي، نديمة بكور، وفره حسن، أفراح ديب واحمد كوجا. ورافقهم على متن الرحلة مسؤول قسم أفريقيا وآسيا وأوكرانيا في وزارة الخارجية والمغتربين ماهر خير وممثل عن المديرية العامة للأمن العام.
وأقيم للعائدين استقبال رسمي في صالة الشرف في المطار، شارك فيه النائب هادي حبيش ممثلا الرئيس سعد الحريري، وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور، النائبان علي عمار وبلال فرحات ممثلين الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله، النائب خالد زهرمان، وفد كبير من بلدة قبعيت العكارية ضم إمام البلدة الشيخ علي خضر وذوي وأهالي وأقرباء الناجين وضحايا العبارة.
بعض العائدين تحدث للصحافيين، فقال عمر المحمود الذي فقد عائلته "لقد خسرنا كل شيء، كنت أتمنى على المسؤولين في لبنان أن يولونا أهمية قبل أن نسافر، ونحن ذهبنا إلى إندونيسيا بطريقة قانونية وبأموالنا نحن وعائلاتنا، كنا قرابة 80 شخصا وفي 13 سيارة. قبل أن نسافر دفعنا 40 ألف دولار إلى عبدالله طيبي وكنت بعت بيتي ومحلي لتأمين هذا المبلغ. لم أستطع التعرف على أحد من أفراد عائلتي وحاولنا مرات عدة الهرب لكي نتعرف على هذه الجثث لكننا لم نستطع".
وقال أسعد علي سعد الذي فقد زوجته وأولاده الأربعة "أشكر الدولة اللبنانية وكل من ساعد على إعادتنا إلى لبنان، نحن نحمل المسؤولية لأنفسنا، فنحن ذهبنا بأنفسنا. نحمد الله على كل شيء".
بدوره قال أحمد كوجا من طرابلس وهو فقد زوجته الحامل في شهرها السابع "كنت أعتقد أنني سأستطيع تأمين مستقبل جيد لي ولزوجتي، فإذا بي أعود من دونها".
وقال محمد أحمد "الفرحة تغمرني لأنني عدت ورأيت أهلي وشممت رائحة بلادي، والحمد لله على كل شيء. كانت تجربة قاسية، إذ فقدنا أغلبية الشباب الذين كانوا معنا، ونطلب من الدولة اللبنانية أن تعيد جثثهم بأسرع وقت. كنت أعمل في لبنان نجار باطون، وفي الفترة الأخيرة مع اشتداد الأزمة في لبنان ضاقت بنا الأمور فاعتقدنا أنه بإمكاننا تأمين حياة آمنة لنا في الغربة رغم صعوباتها".
وكانت كلمة لوزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور الذي قال "استنادا إلى رئيس دائرة الهجرة في المنطقة التي غرقت فيها العبارة فإن السفارة اللبنانية كانت الأسرع والأفعل بين البعثات الرسمية الموجودة على الساحة".
وأضاف "الحكومة تفاعلت مع السفارة والتوجيهات كانت تعطى لحظة بلحظة من قبل وزارة الخارجية التي لم تقصر في هذا الشأن. ولبنان يستقبل الناجين بفرحة ترافقها غصة كبيرة إذ أننا خسرنا ضحايا تعود إلى كل لبنان وليس إلى منطقة معينة".
وعن الجثث قال "ننتظر بضعة أيام على اعتبار أن نتيجة الحمض النووي تحتاج إلى أيام، ولأن العديد من اللبنانيين أتلفوا وثائقهم الرسمية إضافة إلى أن الجثثت منفوخة ولا تعرف ملامحها أو هويتها، ويوجد عدد من الجثث تعود إلى جنسيات أخرى".
وبالنسبة لباقي اللبنانيين الذين هربوا قبل انطلاق العبارة إضافة إلى 11 لبنانيا موقوفين لدى السلطات اللبنانية قال "سيعودون إلى لبنان بعد تسوية أوضاعهم ودفعت المبالغ المحددة لهم".
أما حبيش فقال "بداية لا بد من استخلاص السبب الذي من أجله غادر هؤلاء الناس مناطقهم إلى أقاصي الدنيا للاستحصال على لقمة العيش وهو تقصير الدولة اللبنانية بإيلاء هذه المناطق المحرومة الاهتمام الذي يتم من خلال فتح مؤسسات في هذه المناطق وجلب المستثمرين إلى هناك، والذي لا يمكن حصوله إلا بتحسين البنى التحتية".
واعتبر ان "المطلوب اليوم بعد هذه الحادثة أن تكون عبرة للدولة اللبنانية كي تعطي اهتمامها الكامل لمنطقة عكار ولبقية المناطق المحرومة كبعلبك، الهرمل. فالمناطق المحرومة تنذر بانفجار اجتماعي في حال ظل الوضع كما هو عليه".
وأضاف "أن نسب البطالة في لبنان أصبحت مخيفة. ونواب المنطقة يقومون بجهدهم في هذا الموضوع إلا أن السلطة التنفيذية ليست بيد مجلس النواب وحده بل بيد مجلس الوزراء، وهناك العديد من الاقتراحات تم تقديمها ولا يزال جزء منها في مجلس النواب وآخر في مجلس الوزراء".
وأشار إلى أن "الخلافات السياسية تعطل الوضع والبلد كذلك تعطل مسار المؤسسات، وهذا الموضوع يجب أن تكون له الأولوية عند تشكيل الحكومة حتى لا نقع في كارثة أخرى كما حدث في إندونيسيا".
وكانت كلمة لعمار قال فيها "جئنا بتكليف وتشريف من سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لمشاركة أهلنا في الشمال وعكار في استقبال الناجين من العبارة الإندونيسية، متمنين لأهل المصابين الوافر من المواساة والصبر على أمل أن تكون هذه الكارثة هي الأخيرة التي تطال اللبنانيين الفارين من الحرمان في أرضهم".
ونظم أهالي بلدات قبعيت وفنيدق وحيذوق وشان استقبالات حاشدة للناجين من عبارة الموت في إندونيسيا، حيث كانت بلدة قبعيت التي رفعت يافطات الحزن فوق شوارعها حزنا على أبنائها الذين يشكلون العدد الأكبر من اللبنانيين ضحايا عبارة الموت قد استقبلت كلا من الناجين الثلاثة من أبنائها، وهم حسين خضر وأسعد علي الأسعد وأفراح الحسن، في حضور حشد من أبناء البلدة والمنطقة تقدمهم النائب خالد زهرمان ورؤساء بلديات ومخاتير وإمام مسجد البلدة الشيخ علي خضر.
وقال الناجي حسين خضر "عدت إلى بلدي وحيدا بعد أن تركت كل عائلتي 9 أشخاص ضحايا"، شاكرا للجميع "تحملهم هذه الآلام ، وخصوصا الإعلاميين لوقوفوهم إلى جانبنا وتحريك قضيتنا في الرأي العام اللبناني والعالمي"، آملا "عودة الجثامين وكل الذين قضوا على متن عبارة الموت وسط ظروف صعبة ومخيفة ووسط إهمال منظور ومعلوم من قبل السلطات الاندونيسية والأسترالية على السواء لتتحكم فينا عصابات الموت".
وعن ما حصل في إندونيسيا، قال "إنها مأساة كبيرة، وأنصح الجميع بعدم تكرار هذه المغامرة، لأن أستراليا ترفض استقبال أي أحد على أراضيها". وأمل "بمتابعة هذا الملف من قبل الدولة اللبنانية بداية لاستعادة المحتجزين الذين تم الإفراج عنهم وبعض الذين رفضوا الذهاب على متن هذه العبارة وقد نجوا".
وقال إمام مسجد قبعيت الشيخ علي خضر "إن ما تم الأحد نعتبره حلقة من سلسلة يجب أن تكتمل، وعندما حملنا أستراليا المسؤولية ما أخطانا، فهي لم تنقذ الغرقى الذين كانوا يستغيثون، كما أن إندونيسيا لم تقم بأي جهد لجمع الجثث . كما نحمل المسؤولية لدولتنا المسببة بالحرمان والشقاء لنا ولأبنائنا الذين دفعوا قسرا لركوب هذه المراكب الخطرة والمغامرة بحياتهم وحياة عائلاتهم . وشكر للإعلام اللبناني الذي "كان له الدور في تحريك الإعلام العالمي الذي تضامن مع هذه القضية ومواكبتها"، مطالبا الدولة بـ"مواكبة هذا الملف".
أما الناجية أفراح حسن 22 عاما فقالت "عشنا مأساة كبيرة، قبل وصولنا على مسافة كيلومترين من إحدى الجزر الإندونيسية ضربت موجة كبيرة العبارة فقسمتها إلى نصفين وأصبحنا فجأة في المياه وتمسكت بلوحة من الخشب ساعدتني على الوصول إلى الشاطئ، لكن هناك ضحايا قضوا إثر ارتطامهم بمحركات العبارة وبالخشب المتطاير منها ومنهم من قضى غرقا لأنهم غير قادرين على السباحة لا سيما الأطفال".
وقالت"إن حسين المعروف بأبو صالح وهو عراقي هو المسؤول عن كل ما جرى وهو في السجن يدير عصابة تعمل في الخارج ولها نفوذ قوي".
أما الناجي أسعد علي أسعد الذي فقد زوجته و3 من أبنائه أوضح أنه غادر لبنان إلى أستراليا على أمل ألا يعود، وقد بات وحيدا. وتزامنت عودة أبناء بلدة قبعيت مع عودة ناجين آخرين هم وسام حسن من بلدة شان ومحمد محمود أحمد من بلدة حيذوق سكان الحصنية وإبراهيم عمر من بلدة فنيدق، علما بأن عددا من الناجين من أبناء عكار هم سكان طرابلس.
وأول زوار قبعيت بعد عودة العائدين كان المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي والتقى عائلات الناجين معزيا بالضحايا، ومهنئا الناجين وأهلهم بعودتهم سالمين.
أرسل تعليقك