انتقلت الاحتجاجات العنيفة التي تشهدها العاصمة الفرنسية باريس منذ أسابيع، إلى كل من بلجيكا وهولندا، اللتين شهدتا، أمس السبت، تحركات مماثلة، في الوقت الذي تم فيه اعتقال 1400 متظاهر فرنسي، واستدعت الشرطة في باريس ما يصل إلى 8 آلاف عنصر من قوات الامن في محاولة لتهدئة الاوضاع التي تزداد تفاقماً.
واستمرت أمس حركة الاحتجاجات في باريس مترافقة مع أعمال الشغب ، حيث أضرم متظاهرو "السترات الصفراء" النار في السيارات، وأحرقوا المتاريس وحطموا النوافذ في أعمال عنف اجتاحت جميع أنحاء العاصمة الفرنسية باريس .
ونشرت السلطات الفرنسية 89 ألف رجل شرطة، في مختلف أنحاء البلاد، بينهم 8000 في باريس، مدعومين بعربات مدرعة، وهو الإجراء الأول من نوعه منذ اندلاع الاحتجاجات.
وتم اعتقال أكثر من 650 متظاهرا في العاصمة وحدها. ونفذت الشرطة عمليات تفتيش، استهدفت الأشخاص الواصلين إلى محطات القطارات، وفي المواقع التي تركزت فيها الاحتجاجات وخصوصاً في شارع "الشانزليزيه" ونصب "الباستيل". واعتقل رجال الشرطة عشرات المتظاهرين بعدما وجدوا بحوزتهم على أقنعة ومطارق وحجارة يمكن استخدامها لمهاجمة الشرطة.
وتم إغلاق متاجر ومتاحف وبرج إيفل، إلى جانب العديد من محطات القطارات ومعظم المناطق الواقعة وسط المدينة، بينما ألغيت حفلات موسيقية وأكثر من نصف مباريات كرة القدم في دوري الدرجة الأولى الفرنسي، وتم إرجاء مباراتين من البطولة الأوروبية لكرة اليد للسيدات إلى اليوم، بسبب التظاهرات.
ونشرت السلطات الفرنسية 89 ألف عنصر من الشرطة في المدن والبلدات وعلى العديد من الطرق السريعة التي تسببت في تعطيل حركة السير في شبكة الطرق الفرنسية ، بما في ذلك عبور الحدود مع إسبانيا. كما اشتبكت الشرطة مع المحتجين في مدينة "تولوز" الجنوبية الغربية ، رغم أن المظاهرات كانت في أماكن أخرى، هادئة بعض الشئ مثل مدينة مارسيليا. ووفقا لوزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستانير، فقد أوقفت قوات الأمن نحو1400 شخصا في أنحاء متفرقة من البلاد. وأطلقت الشرطة الفرنسية الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه في محاولة لمنع الآلاف من المتظاهرين ذوي "السترات الصفراء" من الوصول إلى القصر الرئاسي.
وعرضت صحيفة الـ"ديلي ميل" البريطانية ، بعض الصور واللقطات السريعة التي توضح الأجواء المتقلبة المحيطة بشوارع فرنسا، حيث واصل المتظاهرون، احتجاجاتهم ضد سياسات الرئيس إيمانويل ماكرون وفرض ضرائب جديدة على الوقود ورفع أسعاره.
وتظهر اللقطات، الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته الشرطة الفرنسية وسط هتافات تنادي بتنحي ماكرون قرب الشانزيليزيه، الذي شهد السبت الماضي أسوأ أعمال شغب في باريس منذ عقود.
كما اجتذبت الاحتجاجات الفرنسية انتباه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي علق عليها بالقول: إن "اتفاق باريس للمناخ لا يعمل كثيرا لصالح باريس بدليل الاحتجاجات وأعمال الشغب في جميع أنحاء فرنسا، الناس لا يريدون أن يدفعوا مبالغ كبيرة من المال، خاصة لدول العالم الثالث التي تدار بطريقة تثير الشكوك، بحجة حماية البيئة".
وأغلق مسؤولون أمنيون مناطق في وسط باريس لمنع تكرار حادث إطلاق النار الذي وقع قبل أسبوع، وأدى إلى تضرر نصب تذكاري كبير وأصاب 130 شخصا. واصيب عدة متظاهرين في اشتباكات يوم السبت مع الشرطة. وقالت شرطة باريس إن 30 شخصا أصيبوا ، من بينهم ثلاثة من ضباط الشرطة. كما أصيب صحفي في ساقه عندما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على المتظاهرين بالشانزليزيه.
وكانت بعض المتاجر في وسط باريس قد اغلقت نوافذها بألواح الخشب ، مما جعل المنطقة تبدو وكأنها تستعد لإعصار مقبل. وحاول محتجون غاضبون يوم السبت نزع الألواح.
وذكرت متحدثة باسم شرطة باريس أنه بحلول منتصف بعد الظهر ، تم إيقاف أكثر من 700 شخص وتم استجوابهم ، وأكثر من 400 محتجز.
وعلى الرغم من المناوشات المتكررة ، بدت الاحتجاجات المناهضة للحكومة يوم السبت أقل فوضى وعنفًا من الأسبوع الماضي والذي اعتبرت أسوأ أعمال شغب تشهدها المدينة منذ عام 1968.
يذكر أن حركة السترات الصفراء انطلقت بعد أن قام السائقون الفرنسيون بالاحتجاج على فرض ضرائب جديدة على الديزل والغاز ، ولكنها سرعان ما توسعت لتشمل احتجاجات كبيرة ضد الدخول الراكدة وارتفاع تكاليف المعيشة.
أرسل تعليقك