بيروت - رياض شومان
تشهد مدينة بعلبك في منطقة البقاع اللبناني صباح الأحد أجواء قلق و حذر من هول ما حصل في المدينة من اشتباكات في احياء متداخلة وقعت بين "حزب الله" والأهالي في محيط منقسم في السياسة والطائفية، خصوصاً بعد دخول العنصر العائلي والعشائري و المذهبي عليها. وتفيد المعلومات الأخيرة ان اصحاب المحال والمؤسسات التجارية لم يفتحوا ابوابها اليوم ، كما أن المواطنين يتنقلون بحذر تحسباً من تجدد الاشتباكات وسط استنفار نفذه شبان من مجموعة من العشائر والعائلات قبيل ساعات قليلة
على تشييع قتلى الاشتباكات، فيما الجيش اللبناني يسعى جاهداً لضبط الوضع و اعادة الحياة الى طبيعتها . وفي المعلومات أيضاً ان اجتماعاً عقد ليل السبت - الأحد ضم مجموعة من الفاعليات البعلبكية في احد منازل ال صلح في المدينة وبمشاركة عدد من الضباط. وتم الاتفاق على سحب المسلحين كافة من الشوارع والاحياء وترك مهمة حفظ الامن للجيش فضلاً عن تسليمه الحواجز التي اقامها " حزب الله" منعاً لتعرض المدينة لاعمال تفجير على غرار ما وقع في الضاحية الجنوبية وطرابلس.
وكانت مدينة بعلبك أمضت ليلة سادها الخوف و القلق من احتمال تطور الاحدث الامنية التي عاشتها السبت والتي أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص بينهم ثلاثة عناصر من "حزب الله" الشيعي و عنصر من الجيش اللبناني و مواطن مدني فضلا عن جرح عدد آخر، وذلك نتيجة لنظام "الامن الذاتي" الذي يفرضه الحزب و الذي يستفز سكان المدينة و الجوار، والذي حرمهم من اقامة مهرجانات بعلبك الدولية السنوية هذا العام، بحيث اضطر منظموها الى نقلها لمكان آخر من لبنان ، وما كانت تقدمه هذه المهرجانات من مردود مالي و اقتصادي لأهالي بعلبك و البقاع عموماً.
وقد استطاع الجيش اللبناني بعد اتصالات واسعة مع جميع الاطراف من الدخول الى المدينة لاعادة الهدوء اليها، خصوصاً و ان الاشتباكات أخدت منحى مذهبياً خطيراً كما قالت مصادر متابعة ،وكان يمكن ان تمتد الى بقية مناطق البقاع في ما لو تطورت المواجهات أكثر، كون الفريق الثاني في القتال ضد "حزب الله" كانت عشائر وعائلات سنية متجذرة في بعلبك و قضائه، و تخشى ان تكون هناك نية لتهجيرها كما تقول المصادرذاتها ، تماماً كما هو وضع بلدة عرسال السنية المجاورة لبعلبك، وهذا ما استعى تحركاً عاجلاً للقيادات السياسية و الامنية لضبضة الوضع و معالجة ذيوله عبر اجتماع أمني استثنائي عقده رئيس الجمهورية ميشال سليمان مساء السبت في قصر بعبدا اتخذ فيه قرار دخول الجيش الى المدينة.
ميدانياً ، إنفجر الوضع الأمني في مدينة بعلبك على نحو واسع، إذ سرعان ما تحوّل الإشكال بين مواطنين من آل الشياح وعناصر من "حزب الله" الى إشتباكات مسلحة بدأت في الصباح وإستمرت حتى المساء، وحصدت خمسة قتلى وعدداً من الجرحى من الطرفين ومن عائلات المدينة. والقتلى هم: عماد بلوق، هشام وهبي وعلي البرزاوي (عناصر "حزب الله")، والمواطنان علي المصري ومحمد علي صلح وهو جندي في الجيش اللبناني.
وقرابة الرابعة من بعد الظهر وبعد ضرب الجيش اللبناني طوقاً امنياً، حيث عناصر الحاجز الذي تسبب بالحادث في مكانهم يسرحون ويمرحون وسط المدينة، وعملوا على احراق اكثر من سبعة محال البسة وعصير وهواتف خلوية وورود تعود لمواطنين من آل الشياح وشيبان وصلح.
واستدعى انفلات الوضع الأمني في بعلبك دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان إلى اجتماع أمني طارئ عقد في قصر بعبدا برئاسته، تم خلاله "عرض للأوضاع الامنية عموماً وفي منطقة بعلبك خصوصاً والمعلومات التي توفرت للأجهزة عن الوضع. وأعطيت التوجيهات اللازمة والتعليمات القاضية باتخاذ التدابير الأمنية الحازمة بضبط الوضع الأمني ومنع الاخلال بالانتظام العام والحفاظ على السلم الأهلي في هذه الظروف التي تتطلب وعياً وطنياً لدقة المرحلة وتوقيف المرتكبين واحالتهم الى القضاء العسكري".
من جهته، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عقب الاجتماع، أنه "تم اتخاذ كل الاجراءات لضبط الوضع الأمني في مدينة بعلبك، ومنع كل المظاهر المسلحة والتشدد في ملاحقة المتورطين في هذه الأحداث ومنع المحاولات الرامية الى افتعال فتنة مذهبية أو نقل الحوادث الأمنية من منطقة إلى أخرى"، مشدّداً على "ان الجيش اللبناني يملك كامل الصلاحيات لضبط الأوضاع، وتنفيذ ما يراه مناسباً من اجراءات وتدابير للجم الفلتان الأمني واعادة الهدوء الى المنطقة والتعاطي بحزم مع كل المخلين بالأمن".
إلى ذلك، تطرّق الرئيس سعد الحريري خلال اتصال أجراه بالرئيس سليمان للاحداث المؤسفة التي وقعت في مدينة بعلبك، مطالباً "بوجوب معالجتها وتطويق مضاعفاتها".
مفتي بعلبك
واستنكر مفتي بعلبك الهرمل الشيخ خالد صلح ما حصل في المدينة "من انتهاك لكرامات أهلها وتعريضهم للقتل وكل هذا بفضل انتشار السلاح غير الشرعي وفقدان الامن الرسمي والاستعانة عنه بالامن الحزبي". وطالب بانتشار الجيش والقوى الامنية في المدينة وعند مداخلها والغاء كل المظاهر المسلحة غير الشرعية لأنها تعزز الفرقة بين ابناء المدينة الواحدة الذين طالما تغنوا بعيشهم المشترك وحرصهم على بعضهم البعض في افراحهم وعزائهم.
أرسل تعليقك